مرحبًا بكم مستمعينا الكرام في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم "وجه كوري" .
عُرفت مملكة "بال هي" بجهودها المميزة في تبادل البضائع مع الممالك المجاورة مثل "اليابان"، و"شيلا" وغيرها، ومع مرور الوقت، تطور هذا التبادل إلى علاقات تجارية. وفي ذلك العصر، شُغل أحد العاملين بالتجارة بالبحث عن الحكمة، وكان اسمه "لي كوانغ هيون"، وأُطلق عليه لقب "هي غيك" الذي يعني "راكب البحار" ، لما عُرف عنه من كثرة الأسفار والترحال.
وُلد "لي كوانغ هيون" في أسرة ميسورة الحال حيث كان والده تاجرا ثريا، لكنه فقد أبويه في سن صغيرة وعاش مع إخوته والخدم الذين كانوا يقومون على شؤون المنزل. وبدأ العمل بالتجارة حين بلغ العشرين من عمره، وقضى وقتًا كبيرًا في السفن متنقلًا بين بلدٍ وآخر. في ذلك الوقت كانت مملكة "بال هي" تشهد حركة تجارية نشطة مع البلاد المجاورة ، لكن "لي كوانغ هيون" كان يختلف عن بقية سكان "بال هي" ممن يعملون بالتجارة من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة، فقد كان ما يشغله هو البحث عن الحكمة. وحين بلغ الرابعة والعشرين من عمره، قابل أحد الزُهَّاد على متن إحدى السفن في طريق عودته لـ"بال هي" بعد رحلة تجارية في مملكة "دانغ" الصينية. وتحدث "لي كوانغ هيون" طويلا مع الرجل الزاهد الذي كان عمره قد تعدّى المائة عام ، عن رحلاته المتعددة، فسأله الرجل عن سبب كثرة ترحاله، فما كان من "لي كوانغ هيون" إلا أن أجابه بأنه يجوب البلاد بحثًا عن أولئك الذين استطاعوا التحرر من الماديّات، واستطاعوا أن يعثروا على الحكمة والمنطق. وحين علم الزاهد أنه رجل يؤمن بالديانة الطاوية ويبحث عن الحكمة، أطلعه على بعض الأسرار التي تعينه على تحقيق مراده، فذهب "لي كوانغ هيون" إلى جزيرة تُدعى "أون دو" وعاش فيها عشر سنوات ليُعدّ نفسه للوصول إلى الحكمة. وبعد أن انتهى من إعداد نفسه، عاد إلى وطنه وهو يعلم أنه لم يصل إلى مرتبة الحكماء في الطاوية بعد.
ولذلك ذهب "لي كوانغ هيون" بعدها إلى جبل شهير عاش فيه 20 عامًا تقريبًا قضاها في إعداد نفسه للوصول لمرتبة الحكماء في الطاوية. وهناك قابل أحد الزُهَّاد ، حيث شرح له تفاصيل عملية الوصول إلى مرتبة الحكماء وتاريخها، وأخبره أن الإعداد وحده لا يكفي، وأنه لا بد أن يتناول دواءً معينًا ليتم عملية الوصول إلى الحكمة، وأن عملية إعداد هذا الدواء نفسها تُعدُّ درسًا مهمّا للوصول إلى الحكمة. وقد كتب "لي كوانغ هيون" بعد ذلك كتابًا سجّل فيه تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين الزاهد، وأيضًا تفاصيل إعداد الدواء اللازم للوصول إلى الحكمة، وعن الأماكن المناسبة لإعداد هذا الدواء. وبعد هذا بحوالي ثلاثمائة عام، استخدم هذا الكتاب كمرجع مهم لهذا الموضوع، وأصبح جزءًا مهمًا من تاريخ الطاوية. ويعد "لي كوانغ هو" أول شخص من "بال هي" يسجل تفاصيل حياته في كتاب، وقد بدأ الاهتمام به في التسعينيات ، حين بدأ العلماء الصينيون دراسة النصوص الطاوية القديمة. ولذلك فالمعلومات المتوفرة عنه ليست كافية بعد. إن "لي كوانغ هيون" هو صاحب أقدم كتاب في تاريخ الطاوية في كوريا، ومن خلاله عرفنا أن تجار "بال هي" كانوا متميزين في مجال التجارة مع الدول الأخرى.