تقع شبه الجزيرة الكورية في أعلى قارة أوراسيا أكبر قارات العالم، كما أنها نقطة البداية تجاه المحيط الهادئ. كانت كوريا منذ القدم مطمعا لكثير من الدول نظرا لموقعها الجغرافي المتميز الأمر الذي عانت منه الكثير خلال الحروب في سبيل الحفاظ على أراضيها من قوات الإحتلال الأجنبية. وفي كل مرة تتعرض فيها كوريا للمشكلات كانت تظهر شخصيات عظيمة تقف في وجه المخاطر وتحمي الأراضي الكورية لتحفظ سيادتها. و من بين هؤلاء القادة العظماء كان القائد (أول جي مون دوك) الذي نجح في التصدي للقوات الهائلة لمملكة (سوو)الصينية في معركة (سال سوو) في القرن السابع. كما نذكر القائد (لي سون شين) المعروف بانتصاراته الخالدة ضد القوات البحرية اليابانية إبان الغزو الياباني لكوريا في القرن ال16 وغيرهم الكثير من الأبطال الذين دافعوا ببسالة خلّدها التاريخ الكوري. ومن بين هؤلاء العظماء بطل حلقة اليوم البطل (كانغ جام تشان) بطل حرب (كويي جو) الذي تصدى لحوالي 100ألف من قوات العدو. ولد (كانغ جام تشان) في عام 948 بمنطقة (كم جو) بالعاصمة سيؤل. واستنادا للحكايات التي ذكرت عن مولده يقال أن نجما كبيرا هوى من السماء ليلة مولده فسمي المكان ب (ناك سونغ ديه) بمعنى موقع سقوط النجم. كما ذكرت القصة التالية في تاريخ كوريو فبحسب الأسطورة التي تقول أن أحد الرجال قد شاهد نجما كبيرا يهوي على أحد البيوت في منتصف الليل فأرسل من يتبين حقيقة الأمر فأتضح أن هناك امرأة من أهل ذلك البيت قد وضعت مولودها الصبي الذي تبين فيما بعد أنه (كانغ جام تشان). ولاحقا عندما أُرسل مبعوثا من مملكة سونغ الصينية أنحنى الأخير قائلا "إنني لم أرى نجم (مون كوك) منذ فترة طويلة غير أنني وجدته حاضرا هنا أمامي" في إشارة لكانغ. ويعتقد أن نجم (مون كوك) هو النجم المتحكم في نصيب الأفراد من العلم والمعرفة. ومنذ صغره تعلم (كانغ) على يد والده –الذي ساهم في تأسيس مملكة كوريو- القراءة والأدب وفنون القتال. وبعد أن فقد والده بعمر ال17 أخذ يرتحل في كل أرجاء المدينة ليطور نفسه من الناحية البدنية والروحية. وفي عام 983 ومع بلوغه عامه ال 36 نجح في أول إختبار حكومي ليبدأ عمله كموظف حكومي وفي عام 1010 غزى إمبراطور (كوران) كوريو بجيش قوامه 400 ألف جندي فوقف (كانغ) ليساعد ملك كوريو (هيون جونغ) للهروب من القصر والذهاب إلى مدينة (ناجو). كما كان مسؤلا عن كتابة الوثائق الدبلوماسية كما خدم في مجلس الملك الخاص إضافة إلى العمل كوزير في مكتب شؤؤن الموظفين. وفي عام 1018 تقلد منصب نائب رئيس المجلس الأعلى وحاكم المنطقة الغربية للعاصمة والتي تقع اليوم في (بيونغ يانغ). لم يقتصر ذلك المنصب على كونه إدارة محلية ولكنه منح صلاحية في إعطاء الأوامر العسكرية. وكان البطل مستعدا لدفع قوات إمبراطورية (كوران) عن الأراضي الكورية. كانت مملكة كوريو في ذلك العصر تتبنى سياسة لمد حدودها تجاه الشمال لضم مملكة سونغ الصينية. فشعرت مملكة (كوران) بالخطر القادم وبادرت بغزو مملكة كوريو على مرتين أولهما في عام 993 والثانية في عام 1010. ثم أعقبوا حروبهم على أرض كوريو في عام 1014. عُين (كانغ) قائدا أعلى للقوات للتصدي لهجمات مملكة (كوران). وحينها كان (كانغ) قد بلغ عامه السبعين ولكنه كان رجلا شديد الذكاء بارعا في خططه الحربية و تكنيكاته العسكرية المحكمة. فقام ببناء سد عند رافد (هينغ هوا جين) ليدمره بمجرد عبور قوات مملكة (كوران). وبالفعل نجحت خطة البطل في التصدي لقوات العدو. لقي العدو هزيمة نكراء في تلك الموقعة ولم ينجو من قواتهم سوى بعض الآلآف الذين فروا لبلادهم ولم يفكروا في تكرار الغزو على الأراضي الكورية. وتكريما لمجهودات (كانغ) وتضحياته العظيمة تم تعينه في عام 1030 في أعلى منصب حكومي وهو منصب رئيس الوزراء. وبعدها طلب (كانغ) من الملك أن يسمح له بالتقاعد مراعاة لكبر سنه. ولكن الملك طلب منه الحضور للبلاط الملكي ثلاث مرات أسبوعيا. ولم يلبث سوى عام واحد حتى سمح له بالتقاعد. وتوفي في عام 1032 عن عمر يناهز 84 عاما . فكان بطلا وفارسا نجح في المجال الأدبي إضافة للقيادة الحربية الحكيمة. ليظل اسمه لامعا كأحد النجوم التي تضيئ صفحات التاريخ الكوري حتى يومنا هذا.