الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

ووقعت الواقعة:

2016-11-15

سيول بانوراما

ووقعت الواقعة:
والواقعة كما يراها الكثيرون هي فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمنصب الرئيس الأمريكي ال45 والذي كان يستبعد الكثيرون فوزه ويرون إن وصوله للبيت الأبيض حلم بل كابوس يستعصي على التحقيق حيث كان البعض يطلق عليه اسم " المجنون" أو "المعتوه" بسبب غرابة الآراء التي كان يفاجئ بها الجميع خلال مختلف فترات حملته الانتخابية التي كانت مثار متابعة كل العالم والتي رفضها الكثيرون حتى من أعضاء وقادة الحزب الجمهوري نفسه. إلا أن الرجل مضى في مفاجآته العديدة وآخرها المفاجأة الكبرى الي حصد بها منصب الرئاسة وبفارق كبير وهزيمة مذلة لمنافسته العريقة ذات التاريخ السياسي العريق كسيدة أولى وزوجة لأحد أعظم الرؤساء في التاريخ الأمريكي ووزيرة خارجية سابقة وسناتور وقيادية في الحزب الديمقراطي الأمريكي. فاز ترمب في انتخابات رئاسية هي الأشد إثارة في التاريخ الأمريكي والتي كانت شأنا عالميا ربما تابعه كل شخص في العالم حيث كان أكثر الناس يتوقعون فوز أول رئيسة امرأة في التاريخ الأمريكي وتكون امتدادا للانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أسفرت في المرتين السابقتين عن فوز أول رئيس أسود في الولايات المتحدة الأمريكية رغم تاريخها العنصري الطويل. لم تكن الإثارة لذلك السبب وحده، وإنما لأن طرفها الآخر هو المرشح الجمهوري المنافس وهو مرشح رغم أنه من حيث الشكل والمظهر الخارجي لا يختلف عن كل مرشحي الحزب الجمهوري السابقين ، إلا أنه من ناحية جوهر ومخبر وطريقة تفكير يختلف عنهم جميعا ، وكان الكثيرون يرون حتى قبل عام فقط إن ما يطرحه ترامب من أفكار وشعارات غريبة وربما جنونية لا يمكن أن يجعل منه المرشح الرسمي للحزب الجمهوري، حتى إن البعض وصفه بالمعتوه، إلا أن حملة ترشيحه ظلت تكتسب زخما جديدا في كل يوم حتى نجح في الفوز بالمنصب رئيس جمهورية أكبر وأقوى بلد في العالم رغم ما كان يسببه من قلق للكثيرين داخليا وخارجيا . مصدر القلق كان هو تلك الآراء المتطرفة التي أعرب عنها المرشح خلال حملاته الانتخابية والتي أطلق عليها البعض اسم "ظاهرة دونالد تراَمب" والتي وصفها البعض بأنها سوف تسهم في تدمير العالم وربما الولايات المتحدة نفسها بسبب المواقف السياسية و التصريحات المتطرفة و التي أعلن عنها وأكد إنه سوف يتبناها حيال المسلمين والعرب والقارة الأفريقية والدول الأمريكية اللاتينية والدول الآسيوية الحليفة للولايات المتحدة في حالة فوزه بالرئاسة وهو ما دفع البعض لوصفه بالعنصرية والجنون وشبهوه بالنازي هتلر.
وكوريا الجنوبية، وليست كوريا الشمالية ، كوريا الجنوبية الحليف الوثيق والاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية لم تخلو من استقبال بعض السهام الطائشة للمرشح الجمهوري ترامب خاصة في بداية حملاته الانتخابية عندما وصفها بأنها تعتاش وتعتمد بالكامل في الأمن الذي تنعم به على الحماية الأمريكية التي يوفرها دافع الضرائب الأمريكي، وقال إن كوريا الجنوبية دولة ثرية ومقتدرة ويجب أن تتحمل تبعات احتياجاتها الأمنية والعسكرية والدفاعية ولا تثقل كاهل المواطن الأمريكي بالتكاليف الضخمة التي يتطلبها حماية الأمن الكوري الجنوبي بدلا عن تحميلها للجانب الأمريكي. والحقيقة إنما يقوله ويدعيه المرشح الجمهوري ليس حقيقيا ولا موضوعيا، فكوريا الجنوبية تتحمل الجانب الجوهري من تبعات الوجود العسكري الأمريكي فوق أراضيها ، إضافة للمزايا العسكرية والاستراتيجية الهائلة التي لا تقدر بثمن التي تجدها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة وجودها العسكري في هذا الجزء من العالم بكل ما له من ثقل وأهمية استراتيجية مرتبطة بشكل مباشر بمصالح الولايات المتحدة الدولية وأمنها واحتياجاتها الدفاعية. قال ترامب في واحدة من تصريحاته الهوجاء إن كوريا الجنوبية تستغل بلاده التي توفر الحماية الكاملة لأمنها في وجه التهديد الكوري الشمالي العسكري الغاشم ويتحمل دافع الضرائب الأمريكي تلك التبعات بدلا عن الكوري المستفيد المباشر من تلك الحماية. وبعد أن واجهه البعض بالحقائق معززة بالأرقام وأوضحوا إن كوريا الجنوبية تتحمل مبالغ طائلة على ضوء اتفاقيات مفصلة وحسابات محددة تأخذ كل ما يتعلق بالأمر من اعتبارات مالية وسياسية وعسكرية واستراتيجية دقيقة في الحسابان وإن كوريا تلتزم سنويا بدفع ما يقارب 900 مليون دولار لمقابلة تكاليف وجود القوات الأمريكية العسكرية في كوريا بجانب المزايا والامتيازات غير المباشرة التي تتوفر نتيجة ذلك الوجود، تراجع ترامب نوعا ما لكنه أصر على أن ما تتحمله كوريا ليس سوى بعض من التكاليف الهائلة والذي وصفه بالفتات أو Peanuts على حد تعبيره.
وكما يرى الكثيرون فقد وقعت الواقعة التي ليست لوقعتها كاذبة لأنها صارت واقعا بسبب انتخاباتٍ يعتبرها الكثيرون إحدى الانتخابات الأكثر أهمية وإثارة ومتابعة في التاريخ الأمريكي. ما يزال الوقت مبكرا للتأكد من أن ترامب ينوي فعلا تنفيذ كل ما ظل يقول أم أن الأمر في بعض جوانبه لم يكن سوى لاعتبارات دعائية ومن أجل إكساب حملته ما تحتاج من إثارة وزخم وهو يعرف جيدا إنه في حالة انتخابه سيكون مضطرا لابتلاع الكثير مما قاله عندما يواجه بواقع عالمي مختلف تماما، ولكن من المؤكد إن انتخابه للمركز العالمي الحساس سيحدث واقعا مربكا ومرعبا ليس على المستوى الأمريكي فحسب وإنما على المستوى العالمي العريض.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;