الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

مخاوف ضفدع

2018-04-27


كان ياما كان، في قديم الزمان، عاش تنين ضخم مهيب، كان يحكم أعماق البحار، وفي يوم من الأيام، أقام التنين الملك حفلا ضخما للاحتفال بعيد مولده، وقد دعا إلى الحفل الأسماك والكائنات البحرية من كل الأنواع والألوان والأحجام، فحضر المدعوون الحفل واستمتعوا به، وأكلوا ما لذ وطاب من الأطعمة الفاخرة التي أعدت خصيصًا للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة. سرت أسماك الماء العذب والأنهار بزيارة القصر الملكي الضخم تحت الماء، وما كان لها أن تحلم مجرد حلمبزيارته لولا هذه المناسبة العظيمة، وراحت تأكل وتأكل حتى لم يعد في جوفها متسع. كان السرور هو سيد الحفل، وقد عبر الضيوف عن سرورهم العظيم عن طريق الرقص، خاصة أحد ثعابين البحر، فقد تملكه الحماس حتى راح يرقص ويرقص هنا وهناك، ويهز ذيله يمينا ويسارا، ويتمايل طربًا وكأنها رقصته الأخيرة. إلى هنا وكل شيء رائع، فقد كان كل شيء على أفضل حال حتى حدث شيء غير متوقع على الإطلاق. فبينما كان ثعبان الماء يتمايل طربًا ويرقص في حماس، ضرب بذيله وجه التنين ملك أعماق البحار دون أن يقصد، لكن الملك لم يتبين الفاعل لكثرة الراقصين من حوله، فثارت ثائرته، وأمر مساعديه -سرطان البحر والكركند- أن يلقيا القبض على كل أسماك المياه العذبة التي لها الذيل.

لم يكن الثعبان أمينا، فحاول مداراة فعلته والهروب من مسئولية خطأه بأن أخفى ذيله بين الصخور وأخرج رأسه فقط، فبدا وكأنه لا ذيل له، وعندما رأى سرطان البحر والكركند مارين بجواره، سألهما متظاهرا بالبراءة "ما بكما؟ ماذا أتى بكما إلى المياه العذبة؟ أنتما نادرا ما تأتيان إلى هنا!"، فلم يكن يشغله أبدًا أمر المئات والآلاف من الأسماك والكائنات البحرية البريئة التي ستعاني ظُلمًا بسبب جبنه هذا. على أي حال، ما إن وجه سؤاله السابق حتى تنهد سرطان البحر ورد عليه قائلا "نحن في مهمة خاصة لجلب جميع الأسماك ذات الذيل إلى الملك، وهي مهمة شاقة للغاية". وبينما هم مستغرقين في الحديث، إذا بهم يسمعون جميعا صيحة عالية آتية من مكان ما، وعندما التفتوا وجدوا ضفدعا ارتسمت على وجهه إمارات الجدية والحزن، فتعجبوا من حاله، وسأله ثعبان الماء عما به قائلًا "ما بك أيها الضفدع؟ ما خطبك؟ لم أنت متجهم هكذا؟" فأجابه الضفدع الحزين قائلًا "ألم تسمع ما قاله رسل الملك يا صديقي؟ إن الملك يبحث عن كل من له ذيل، وسيلقي القبض على كل من يجده مطابقًا للوصف" قال رسولا الملك في محاولة لطمأنة الضفدع القلق "هذا صحيح، لكن ما خطبك أيها الضفدع؟ أنت ضفدع لا ذيل لك، فلم يقلقك هذا الأمر؟ لا تقلق، فلا شأن لك بهذه المسألة. لا تخف" كانوا يظنون أن هذا سيهدئ الضفدع، لكن على عكس توقعاتهم جميعا، لم تزد تلك الإجابة الضفدع إلا حزنا، فاستغرق في نوبة من البكاء والنحيب وقال "بالطبع ليس لدي ذيل الآن، لكن عندما كنت شرغوفا صغيرا، كان لدي ذيل طويل للغاية" ضحك الثلاثة منه ومن حماقته، وقالوا "يالك من ضفدع أحمق! أنت لم تعد شرغوفا صغيرا، وقد فقدت ذيلك منذ فترة طويلة ولا بد، فلا داع لأن تقلق نفسك دون سبب هكذا" لكن هذا لم يوقف مخاوف الضفدع وقلقه الذي لا ينتهي، فراح يواصل البكاء والنحيب قائلا في حسرة "لا فائدة، لا بد أن الملك سيتذكر الوقت الذي كنت فيه شرغوفًا صغيرًا، ذلك الوقت الذي كان لدي ذيل فيه، لقد انتهى أمري، لقد انتهيت! يالي من ضفدع شقي مسكين! يالحظي!" ورغم أننا لا نعرف ما حل بالثعبان الماكر وكيف انتهى تحقيق رسل الملك في حادث ضرب وجهه في الحفل، لكننا نعرف أن هذه القصة، مستمعينا الكرام، هي المصدر الأصلي للتعبير القائل "مخاوف الضفدع"، وهي عبارة تستخدم لوصف الناس الذين يشكون من مخاوف لا أساس لها، ويكثرون من الهم والقلق الذي لا سبب حقيقي يدعمه.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;