الحفل الموسيقي داخل بيت الهانوك في إنسادونغ تحت ضوء القمر يجري تنظيمه في المركز الثقافي العام في إنسادونغ في تمام السابعة مساء كل أول وثالث يوم جمعة من كل شهر. يتم تنظيم الحفل الموسيقي بواسطة منظمة إنسا للثقافة التقليدية في منطقة
يقام الحفل الموسيقي داخل قاعة مصممة بشكل مشابه لبيوت الهانوك الكورية التقليدية في ضاحية إنسادونغ التي تعتبر من رموز الثقافة التقليدية المهمة في كوريا. يهدف هذا المهرجان الموسيقي إلى إبراز كافة النواحي الجمالية في الفنون التقليدية والشعبية المتنوعة في كوريا وإلى إيجاد فرص سياحية جديدة في المنطقة واجتذاب الكثير من الأجانب من أجل الترويج للمنطقة وتراثها وثقافاتها على المستوى العالمي.
ليس من المألوف إقامة حفل موسيقي داخل بيت هانوك كوري تقليدي، لكن بيت الهانوك في حد ذاته قيمة تراثية تاريخية جمالية.
إن الأمير أوي تشين هو الوحيد من كل أفراد الأسرة المالكة في مملكة جوسون الذي كان شديد الحماس والنشاط في حركة المقاومة الكورية من أجل الاستقلال. وتم اعتقاله ذات مرة بواسطة الشرطة اليابانية، لكنه تمكن من الإفلات والهرب إلى منشوريا التي كانت تضم مقر قيادة الحكومة الكورية المؤقتة. رغم أن الأمير كان دوما تحت الرقابة المشددة من قبل سلطات الاحتلال الياباني، إلا أنه لم يخضع للمحتل الياباني. والآن، بعد قرن من الزمان، يجلس الكوريون الذين أحبهم الأمير داخل بيته التقليدي، وهم يستمتعون بالموسيقى الكورية التقليدية.
ضاحية إنسادونغ معروفة بأنها قلب ومركز الثقافة والفنون الكورية التقليدية والفولكلورية في كوريا.

منذ بداية شهر إبريل ظل الحفل الموسيقي الذي يقام داخل بيت الهانوك التقليدي وتحت ضوء القمر علامة ومعلما مبهرا على تراث المنطقة وثقافتها المتفردة. إذا ألقينا نظرة على السماء من داخل فناء بيت الهانوك التقليدي فسوف نرى القمر والنجوم بخيوطها البراقة المتلألئة وقد لا تصدق وأنت داخل البيت التقليدي الكوري أنك تعيش على أرض الواقع وفي القرن الحادي والعشرين، بسبب الإحساس الذي يتملكك بأنك قد سافرت عبر الماضي والتاريخ، وأنك تعيش في كوريا قبل مئات السنين.
كل المقطوعات التي المعروضة يتم ترجمتها فوريا للغات الإنجليزية واليابانية والصينية وذلك من أجل مساعدة كل المشاهدين من الأجانب على فهم العرض بكل أبعاده وخلفياته. يبدأ حفل اليوم بعزف موسيقي منفرد على الناي التقليدي من أداء عازف يرتدي زيا كوريا تقليديا من طراز هان بوك ويقوم بعزف مقطوعة باسم "سانغ ريونغ 상령". موسيقى هادئة حالمة تنشر الأمن والسلام في نفوس كل الحاضرين وتلا تلك المقطوعة الحالمة إلقاء بديع لقصيدة خالدة للشاعرة "لي هيه إين" باسم "زهور السوسن الساحرة". القصيدة وشاعرتها الراهبة الكاثوليكية المعاصرة تحولت بمساعدة الآلات الموسيقية الشعبية إلى شيء مختلف تماما.
"زهور السوسن الساحرة" هي زهور مفعمة بالجمال تذبل وتجف أوراقها بمجرد أن تتفتح ، وكل أوراقها تصبح متنافرة الاتجاهات بشكل يرمز للحب من طرف واحد. هذا القدر المأسوي لتلك الزهور الجميلة يتجسد من خلال الأصوات الموسيقية الصادرة عن الآلات الكورية التقليدية، سواء كانت آلات نفخ أو وترية وإذا كانت مقطوعة "زهور السوسن الساحرة" قد سببت بعض الحزن للمشاهدين، فإن أغنية حب "تشون هيانغ" قد أبهجتهم وإذا كان للحب عدة أشكال، فإن حب "تشون هيانغ" حسب تلك الأغنية هو أجمل وأسمى أنواع الحب عند الكوريين، كما أن "تشون هيانغ" هي أعظم عاشقة رومانسية في التاريخ.
إضاءة الصالة كانت إشارة لنهاية الحفل الموسيقي البهيج داخل بيت الهانوك التقليدي حيث بدأ الجميع في أداء الأغنية الكورية التقليدية "اريرانغ". وقف جميع الحاضرين الذي كانوا يجلسون في حالة استرخاء واضح لغناء الأغنية التقليدية البديعة.

وحتى الزوار الأجانب الذين لم يستمعوا من قبل لكلمات أريرانغ اندمجوا مع الغناء وكأنهم يحفظون كلماتها عن ظهر قلب. هذه الشابة الألمانية كانت ضمن مجموعة سياحية زائرة تحدثت لنا عن الانطباع الذي تركته أريرانغ عندها.
وترددت أصداء أريرانغ في كل نواحي ضاحية إنسادونغ تلاه تصفيق وتهليل وصرخات تنم عن الإعجاب الشديد. الفنانة "جو جو سون 조주선" التي تشارك بالغناء في جزء من أغنية "شيم تشونغ 심청"، وهو الجزء الذي يلتقي فيه الأب العجوز الضرير بابنته البارة مرة أخرى عندما يستعيد بصره المفقود، تشرح للجمهور كيفية التجاوب المناسب مع الأغنية.
المشاركة والتجاوب وردود الفعل الجماهيرية المباشرة هي جزء مهم من الغناء الكوري خاصة في المسارح الصغيرة المغلقة حيث ينتهي الأمر بالتحام واندماج كامل بين الجمهور والمطربين في مشهد مؤثر وهو نفس المشهد المؤثر بكل تفاصيله الذي انتهى إليه الحفل الموسيقي في إنسادونغ في بيت الهانوك التقليدي تحت ضوء القمر.
ليلة بديعة شهدتها ضاحية إنسادونغ في وسط سيول، في مهرجان تراثي ثقافي تقليدي كوري فريد. والجمهور من كوريين وأجانب، شعر بالسعادة وهو يتابع تلك الحفلة التي أقيمت داخل بيت تقليدي فولكلوري أنيق وتحت ضوء القمر الفضي المتألق.