توبوكي يغلي وسط الصلصة الحمراء على مقلاة مربعة كبيرة ، والطاهي مشغول بالتقليب وتقديم الأطباق الحارة التي يتصاعد منها البخار للزبائن الذين ينتظرون على أحر من الجمر. حرارة الطبق تجعل الأنف يسيل والدموع تجري والكثيرون يبدون وكأنهم يبكون أو مصابين بنزلات برد حادة في أثناء تناول هذا الطبق الساحر اللذيذ.

مدينة تبوكي في سين دانغ دونغ
عند الخروج من محطة مترو الأنفاق سيندانغ في الخط الثاني أو الخط السادس فإن أول ما يستقبلك هي مدينة تبوكي في سين دانغ دونغ ، حيث نجد صفوفا متراصة من المحلات المتخصصة في بيع تبوكي. من بين هذه المحلات نشاهد الجدة العجوز ما بوك ليم صاحبة أحد أشهر مطاعم تبوكي هناك والتي يلقبها البعض بأسطورة تبوكي. لا يمكن أن نجد مقعدا واحدا خاليا في ذلك المطعم الذي يعتبره الكثيرون أصل مطاعم تبوكي في كوريا.

يتم طهي تبوكي في أفران متحركة فوق المناضد الكثيرة المنتشرة في الضاحية. الحرارة الشديدة تنبعث من الأفران ومن كل المحلات والمطاعم المتخصصة في بيع تبوكي. بعض محبي وعشاق تبوكي يأتون من أماكن بعيدة جدا لتناول تبوكي في محلات بعينها مثل محل الجدة ما.

مدينة تبوكي في سين دانغ هي مقصد وهدف للكثيرين ومن بينهم العشاق والمحبين والمتزوجين حديثا. المكان مناسب كذلك للطلاب والشباب من ذوي الميزانيات المحدودة والذين يرغبون في تناول وجبة شهية بسعر زهيد. كيف كانت البداية بالنسبة لهذا المكان؟ من المناسب أن نستمع لبعض من الإجابة من السيدة كيم جيل جا الابنة الصغرى للجدة العجوز ما بوك ليم.
أخبرتني أمي أنها بدأت فتح هذا المطعم بعد اندلاع الحرب الكورية مباشرة أي قبل أكثر من خمسين عاما. بدأت كبائعة متجولة وسرعان ما دخل العديد من الأشخاص في هذا المجال وصار لكل واحد محله المتجول. إذن فتاريخ بيع تبوكي في كوريا تاريخ يعود لنهاية الحرب الكورية.

تبوكي الذي تبيعه الجدة ما ، هو تبوكي أصيل وشهير بمذاقه الطبيعي اللذيذ. وهو عبارة عن شرائح رقيقة من كعك الأرز المجفف يتم قليها وسلقها مع الصلصة على مقلاة مسطحة . لكن بعض الناس مثل الجدة ما ، يملكون الكثير من الأسرار التي تجعل المذاق أكثر تميزا ولا يقاوم.
تبوكي هو صوت وصورة ، ورائحة ومنظر يسيل له اللعاب. كل من تذوق هذا الطبق الشهي لا يعرف كيف يمكن مقاومته في المستقبل لأي سبب من الأسباب .

المكونات الشهية التي تفننت في إتقانها الجدة ما والمرق الشهي ذو اللون الأحمر المميز هي من بين أسباب خصوصية هذه السوق. وهناك وصفة خاصة جدا تحرص الجدة ما على عدم إفشاء سرها إلا للمقربين من أفراد أسرتها وفلذات أكبادها بالذات ومنهم ابنتها وابنها.

إذا كنت من الأشخاص الذين لا يتحملون سخونة تبوكي فهناك أنواع أخرى منه. فميزة التبوكي الكبرى أنه قابل للتنويع والتشكل بصيّغ مختلفة حسب مذاق كل شخص. لي سونغ هيو ، مدير معهد أبحاث تبوكي يقول:
تبوكي طبق بسيط ويمكن تنويعه وتشكيله حسب العديد من المواصفات وحسب الذوق الخاص بكل شخص من خلال إضافة أو إنقاص عدد المكونات. الصلصة هي من بين الأساسيات في هذا الطبق. وهي نوع من الصلصة الملكية في الأصل لكنها اكتسبت بعض الخواص الجديدة هذه الأيام. يمكن إضافة مواد عديدة للصلصة من لحوم وأطعمة بحرية وخضروات وجبن وغيرها من أجل تنويع المذاق وإثرائه.
الشارع الرئيسي في سين دانغ دونغ يمتد لمسافة مائة متر وتصطف فوقه على الجانبين العديد من المحلات التي تبيع تبوكي وقد يجد الزبون مشكلة كبيرة في اختيار المكان المناسب من بين جميع هذه المحلات.
سين دانغ هي أيضا مكان للأجانب من هواة الطعام الحار اللذيذ. هنا سرعان ما يندمج الأجنبي مع الطعم اللذيذ لتبوكي مما يؤكد أنه يسير بسرعة شديدة كي يصبح طبقا عالميا رائجا وشهيرا.

مهرجان سنوي لتبوكي
اختارت الحكومة الكورية تبوكي كطبق نموذجي بجانب بيبمباب ومكجولي وكيمتشي. يقام الآن مهرجان سنوي لتبوكي كل عام للترويج له وتطويره وتدويله. مهرجان هذا العام هو الثاني وقد نظم خلال الفترة من 7 وحتى 9 مايو في مركز في جنوب سيول.

قدم خلال مهرجان هذا العام العديد من أنواع تبوكي ، الأساسية منها والمتجددة ، والصافية النقية منها والممتزجة بأطباق ومأكولات أخرى جديدة ، مثل الجنسنغ الأحمر والمساحيق المتنوعة وصلصة اللحم والسلاطة والخضروات المشكلة. أطباق منها الذي لا يحتوي على الكثير من التوابل والبهارات وهي مخصصة للأجانب ، ومنها الحارق الحار المخصصة لكوريين.

ذروة المهرجان كانت المسابقة الخاصة بإعداد تبوكي. انقسم المتنافسون إلى فريقين.طلاب وغيرهم. تم إعداد نحو 60 طبقا مختلفا من تبوكي في ذلك اليوم وكان كل طبق يحتوي على أفكار جديدة وإضافات وابتكارات جديدة.

أثبتت المسابقة أن تبوكي طبق متجدد غير متحجر ، ويمكن صناعته بمختلف الأشكال والصور ، وربما لهذا فهو من بين الأشياء الجاذبة للسياح ومفيدة للسياحة الأجنبية في كوريا.

تبوكي ليس مجرد طعام يباع في الطرقات والشوارع ، فهو تاريخ وتراث مثله مثل الكيمتشي والبلغوغي ، والنصيحة موصولة لكل الأجانب الذين تتاح لهم زيارة كوريا : لا تنسوا تبوكي بمختلف أشكاله وصوره ، فهو طبق سيبقى دائما في الذاكرة ، أينما تناولتموه ، خاصة في مدينة تبوكي في سين دانغ ، وفي أي من الألف محل ومحل المنتشرة هناك.