جرت مباراة ودية في كرة القدم بين فريقي كوريا الجنوبية والإكوادور يوم 16 مايو الماضي في إستاد سان غام أي إستاد كأس العالم في سيول. كان الإستاد مكتظا بالجماهير وتتعالى الأصوات والهتافات العالية من جنباته المختلفة ، وقد وصل الصخب والضجيج ذروته عند الإعلان عن بداية المباراة.

بدا الفريق الكوري متملكا للملعب تماما في تجاوب كامل مع صيحات وهتافات الجمهور وبدا الملعب وكأنه سيتفجر بالإثارة والحركة والضجيج خاصة عند الهدفين اللذين أحرزهما "لي سونغ يول" و"لي شنغ يونغ" بمهارة عالية. وبدا في تلك اللحظات وكأن الفريق الكوري قد ضمن فعلا الصعود لدور ال16 وتكهرب الجو بشكل لم يألفه الجمهور من قبل إلا في أيام منافسات كأس العالم في عام 2002 في كوريا.

: أنا متأكد أن كوريا سوف تتأهل لدور ال16 بمنتهى السهولة وأنا سعيد بذلك الشعور. سأذهب للعمل غدا بمعنويات مرتفعة للغاية.
: أعتقد أن كوريا ستفوز بسهولة على اليونان ونيجيريا وربما تتعادل مع الأرجنتين وستنتقل بكل يسر إلى المرحلة الثانية من المنافسة على الأقل. كوريا مستعدة تماما لبطولة العام 2010.

منافسات كأس العالم التي جرت في عام 2002 كانت محطة مهمة في تاريخ كوريا الجنوبية ومنافساتها في كأس العالم لكرة القدم. وقتها كان الفريق الكوري الجنوبي قد قدم عروضا إعجازية بشهادة كل العالم. وبعد ثماني سنوات من تلك المعجزة ها هو الفريق الكوري لكرة القدم على أهبة الاستعداد ، ولديه روح معنوية عالية وتصميم كامل على تقديم معجزة أخرى تعيد للأذهان في جنوب أفريقيا ذكرى ما حدث في سيول خلال بطولة العام 2002.

يمكن الوصول لإستاد كأس العالم في سيول مباشرة عبر الخط السادس من مترو أنفاق العاصمة الكورية ، وهو أكبر إستاد من نوعه في القارة الآسيوية ، حيث تبلغ مساحته حوالي 217 ألف متر مربع ، ويبلغ عدد مقاعده 66 ألفا و806 مقاعد ، ويتكون من 7 طوابق. أما السقف الأبيض الذي يغطي الإستاد يشبه التعرجات والمنحنيات الرشيقة التي تتميز بها الأبنية الكورية التقليدية العتيقة التي تعرف باسم "هانوك". معنا الآن السيد هام سوك وون مدير المنشآت في بلدية سيول ، وقد أخبرنا أن الإستاد شيد ليجسد كوريا كتاريخ وتراث :

صورة الإستاد تشبه شكل باخرة أو قارب كوري تقليدي يرمز إلى نهر الهان. هناك أيضا جداران : جدار التاريخ وجدار الحب ، بمناسبة مرور 50 سنة على ذكرى تأسيس جمهورية كوريا. عند النظر إليه من أعلى يبدو السقف مثل طائرة ورقية مربعة ، كأنها تحمل الآمال العريضة في النصر والوحدة والتقدم والسلام لكوريا، وللبشرية جمعاء.

متواضع وبسيط ، وشامخ في غير ترف أجوف أو بذخ مقيت. صرح معماري هندسي بديع مصمم بشكل فريد ومتميز وملفت للأنظار ، وليس له شبيه. بناء وهو تصميم متفرد وجميل تم اختياره ضمن أجمل عشرة إستادات في العالم في عام 2003. المسافة التي تفصل بين الملعب نفسه ومدرجات الجمهور لا تزيد عن عشرة أمتار فقط مما يجعل الجمهور جزءا أصليا من الملعب. الإستاد مخصص فقط لكرة القدم ومصمم على آخر طراز هندسي رفيع بآخر ما عرفته التكنولوجيا ، إلكترونيا ورقميا، وفي مختلف المجالات. والإستاد محاط بشاشات ضخمة تعرض صورا شديدة الوضوح وتقدم العديد من المعلومات المباشرة مثل درجة الحرارة والرطوبة والساعة وحالة الطقس ومعلومات أخرى تهم الجمهور. وهناك 321 مكبرا للصوت على امتداد الملعب وفي عدة أماكن ومواقع استراتيجية ، تنقل كل آهة تصدر عن الجمهور وتتيح للجمهور حتى سماع أنفاس اللاعبين. لذلك فإن أشياء كثيرة تجذب الجمهور نحو إستاد كأس العالم في سيول:

: يتميز هذا الإستاد عن كل ما شاهدت من غيره داخل وخارج كوريا. وهو قريب جدا من محطة مترو الأنفاق.
: يبدو كأن الجمهور هو اللاعب ال12 في الفريق الكوري فهو يؤازر فريقه ويشجعه بروح رجل واحد.
: كلما دخلت الإستاد كلما بدأ قلبي في الخفقان وكلما بدأت أتذكر لاعبيّ المفضلين واحدا واحدا وصورة كل واحد منهم لا تبرح خيالي.
: إستاد مجهز بكل ما يخطر على البال ويتفوق على الكثير من الإستادات الأخرى حتى في أوربا وأمريكا. وموقع الإستاد مناسب وملائم بكل سبل المواصلات.

شكل خارجي في غاية الجمال ، وفي الداخل مجهز بكل ما يحتاج له أي إستاد في العالم، وكل ما يخطر على البال. إستاد يحق لأي مدينة أن تفتخر به. هل يفتح هذا الإستاد أبوابه للجمهور في أيام المباريات وفي غيرها ؟ طرحنا السؤال على السيد هام :

الإستاد مفتوح يوميا على مدار العام أمام السياح من الساعة التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء. في غرفة الفيديو يمكن مشاهدة كل تاريخ كرة القدم في كوريا من الماضي القديم وحتى الوقت الحاضر . هناك العديد من المنشآت التي تمثل عوامل جذب سياحي للجمهور بمختلف أشكاله. يمكن زيارة عدة غرف داخل الإستاد منها غرف اللاعبين وغرفة الحكام وغرف المدربين بما في ذلك الغرفة التي كانت مخصصة للمدرب العالمي جوس هيدنيك.

سعر تذكرة الدخول لا يزيد عن ألف وون كوري فقط أي اقل من دولار أمريكي ، وبها يمكن للسائح القيام بجولة كاملة في غير أيام المباريات. كما يمكن مشاهدة العديد من الأشياء التي تثير لدى البعض ذكريات بطولة كأس العالم للعام 2002. وكل شيء موضح باللغات : الكورية والإنجليزية والصينية واليابانية.

وهناك عدد من المتطوعين من المتحدثين باللغات الإنجليزية والصينية واليابانية يقفون على أهبة الاستعداد لتقديم أي خدمة قد يحتاج لها السائح الأجنبي.


رغم أنه أصغر قليلا من إستاد باريس إلا أنه أجمل ، خاصة منظر النهر المحيط والخضرة الجميلة. الإستاد الفرنسي يقع في قلب المدينة إلا أن موقع هذا الإستاد أكثر تفردا.

إستاد كاس العالم لكرة القدم في سيول ليس مجرد إستاد مخصص لمباريات كرة القدم فهو يصلح للعديد من المناسبات الكبرى والمتنوعة ومن خلال تعديلات شكلية بسيطة. لهذا فقد استضاف الإستاد من قبل العديد من الحفلات الموسيقية وحفلات الأوبرا والعروض الكلاسيكية والسينمائية ونظم داخله عدد من المعارض التجارية والمناسبات الرياضية والثقافية والفنية المتنوعة ، كما أكد لنا السيد هام:

الإستاد مجهز بنظام صوتي سمعي متطور بحيث يمكن استعماله للعديد من المناسبات الرياضية والفنية والموسيقية والسينمائية. هو باختصار مكان صالح للعديد من المناسبات والوظائف. يوجد في الإستاد الآن العديد من قاعات وأماكن التسوق والمسارح المتنوعة وصالة للزواج والأفراح وساونا وغرف عديدة للسكرتارية والترجمة. الإستاد مجهز بكل شيء في حالة إقامة مباريات ، وفي غيرها من الحالات . هو مكان عظيم لقضاء أوقات جميلة ، في مختلف المواسم والأوقات.

يوجد أمام الإستاد حديقة غناء فيحاء على مقربة من نهر الهان. والزائر يمكن له الانتقال بكل يسر لزيارة تلك الحديقة البديعة والاستمتاع بما فيها من مناظر. الحديقة موصولة بالإستاد بواسطة جسر وهي تتكون في مجملها من خمس حدائق مختلفة هي : حديقة السلام وحديقة السماء وحديقة الشروق وحديقة نهر نانجي وحديقة نهر الهان. أكبر هذه الحدائق الخمس حديقة السلام ومساحتها 440 ألف كيلومتر وهي عبارة عن بلازا مفتوحة للاحتفال بمناسبات كأس العالم ، وهي تجسد وترمز للسلام والوفاق في كوريا وفي العالم بأسره. مدير الحديقة السيد بي هو يونغ يشرح لنا أشياء أخرى:

حديقة السلام مكان حيوي يستمتع فيه الزوار بمختلف النشاطات حول البحيرة مثل ركوب الدراجات أو التزلج على الجليد أو مشاهدة العروض المختلفة. بحيرة نانجي هي أجمل معلم سياحي في الحديقة وتسكنها أنواع مختلفة من الأسماك والطيور ومياه البركة تأتي أصلا من ماء نهر الهان التي تتدفق في طريقها لنهر نانجي ثم تعود لنهر الهان مرة أخرى.

وهناك أنواع مختلفة من النباتات ذات القدرات الفريدة على تنقية البيئية تنمو على ضفاف البحيرة وتحافظ على مياهها نقية رقراقة . وفي وسط البحيرة يوجد نبع مياه وحوله عشرات السائحين الذين يستمتعون بترك أرجلهم تتدلى داخل البركة ذات المياه الصافية.

: مجرد الاستماع لخرير المياه متعة لا تدانيها متعة. الجو صحو ومنعش هنا ومنظر المياه الملونة وهي تتدفق منظر مدهش.
: جئت هنا مع أسرتي وجميعنا في حالة استمتاع. أطفالي هنا في غاية السعادة والفرح وأنا سعيد بسعادتهم. أتنزه معهم وأمارس معهم العديد من الهوايات.
ساحة اليونيسيف حول البحيرة مكان يستمتع فيه السياح بالراحة والاسترخاء ومشاهدة المناظر المبهجة للنفس. وهناك أيضا نظام مفتوح لتأجير الدراجات لمن يرغب وفي أي وقت ولأي مدة من الزمان.

كل ذلك كأنه بالمجان ، فهو لا يكلف أكثر من 150 وونا فقط ، أي 15 سنتا ، لمدة ساعتين من الزمان.

: أستأجر دائما دراجة من هنا وأقضي بها وقتا ممتعا. لهذا فأنا زبون دائم هنا. أحيانا أحضر لمجرد الجلوس على شاطئ البحيرة رغم وجود أشياء كثيرة جدا يمكن عملها هنا. أحيانا أقود الدرجة لمدة ربع ساعة فقط ثم أجلس ساعتين لأستريح.
: جئت مع مجموعة من الزملاء لأن الجو منعش ولطيف هنا. اشعر وكأن الزمان يعود بي للوراء زمانا طويلا.

المنطقة المخصصة للرحلات مكدسة بالزائرين من الأسر والأصدقاء . البعض في حالة استرخاء والبعض يتحلق حول موائد طعام شهية.

: اشتريت كميات مختلفة ومتنوعة من المأكولات اللذيذة من كيم باب وكيمتشي ولوز وبطيخ وعصائر ولحوم. كل شيء يخطر على البال موجود هنا.
: جئت مع أسرتي:أمي وأولادي، وجميعنا في حالة من السرور والسعادة.
: جئنا هنا للهو والأكل والنزهة والراحة ووجدنا كل شيء.
: أكلنا حتى شبعنا تماما واستمتعنا بكل ما أكلنا.
: وجبة شهية ولذيذة.

إستاد كأس العالم معلم سياحي بارز الآن في منطقة شمال غرب سيول ، وقد تطور منذ عام 2002 ، عندما تباهت سيول بالمهرجان العالمي الفريد الذي أسهمت في صناعته وقتها مع اليابان ، ليصبح معلما لا يرتبط بمناسبة واحدة بعينها، وإنما صار معلما سياحيا جامعا ومستديما . ولكن عندما تنعقد بطولة كأس العالم ، تعود الروح من جديد في سان غام في سيول ، ذلك الموقع الفريد المتفرد لإستاد كأس العالم في أحد أجمل مدن العالم والذي شهد أحد أفضل المناسبات في العالم.