الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

بعد سنة من الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة

#قضية اقتصادية l 2019-04-01

© YONHAP News

مضى الآن أكثر من عام منذ اشتعال الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وهي حرب يتأثر بها العالم أجمع، بما في ذلك كوريا الجنوبية. نستعرض اليوم آثار وتداعيات تلك الحرب على الاقتصاد الكوري، مع الأستاذ "كيم جوانغ سوك"، من قسم الدراسات الدولية في جامعة "هانيانغ".


 قام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في مارس من العام الماضي بالتوقيع على مرسوم رئاسي يقضي بفرض رسوم جمركية قاسية على الواردات الصينية التي اتهمها بأنها تنتهك حقوق الملكية الفكرية. كانت تلك هي بداية اشتعال الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين الأكبر في العالم. وفي يوليو من العام الماضي ارتفع وطيس تلك الحرب بعد قيام الدولتين بتبادل فرض رسوم جمركية عالية على منتجات بعضهما البعض. قامت أمريكا بفرض زيادة في تلك الرسوم بنسبة 20% على المنتجات التقنية الصينية المتطورة وهو ما رأى فيه بعض المحللين مسعى من الولايات المتحدة لإبعاد الصين عن منافستها اقتصاديا ومنعها من اللحاق بها في مجال التطور التقني الصناعي الرفيع، وإن الأمر ليس مجرد عقاب على الصين بسبب ميلان الميزان التجاري الأمريكي الصيني لصالحها كما ادعت. وفي سبتمبر من نفس العام أردفت واشنطن ذلك برفع جمركي جديد بنسبة 10% وهو ما دفع الصين للرد بإجراء مماثل مضاد. بعدها بدأ النزاع بين البلدين يشتد ويتطور لما وصفه البعض بالحرب التجارية.


بدأ النزاع بشكوى أمريكية من ميلان الميزان التجاري لصالح الصين، قبل أن يأخذ منحى آخر، فسره البعض بأنه سباق من أجل فرض السيطرة والهيمنة الاقتصادية على التكنولوجيا المستقبلية. وقد ألقت المواجهة الاقتصادية والتجارية بين القوتين الأعظم في العالم بظلال كثيفة على الاقتصاد العالمي بأسره.


الأستاذ "كيم" :

توقع البنك الدولي في مطلع هذا العام تراجع وتيرة النمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2019 من 3% إلى 2.9%. قام كذلك كل من صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتخفيض توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي، وتبعهما في ذلك قيام كل من الاتحاد الأوروبي والصين نفسها بخفض معدل نموهما الاقتصادي. كانت أسباب التشاؤم ناجمة عن التوقع بأن الاقتصاد العالمي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري سينمو بوتيرة هي الأكثر بطأً منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009 بسبب تأثره بالنزاع التجاري الأمريكي الصيني.


ومن المتوقع استمرار العوامل السلبية التي تواجه نمو الاقتصاد العالمي في العام الراهن، ومنها استشراء سياسات الحمائية التجارية التي ظلت تنتهجها بعض القوى، واهتزاز النظام الاقتصادي العالمي بأسره بسبب الزيادات العالية في الرسوم الجمركية. وذلك دفع العديد من البلدان والمنظمات والمؤسسات الدولية، لمراجعة معدلات نموها المتوقع لهذا العام، ومن بينها كوريا، التي تتأثر بتلك الحرب بين اثنين من أكبر شركائها التجاريين في العالم.


الأستاذ "كيم" :

 بدأت كوريا تشعر فعلا بوطأة ما سيتعرض له اقتصادها نتيجة لتلك الحرب التجارية بين الاقتصادين الأكبر في العالم. إذا رأت الصين شراء المزيد من السلع الأمريكية خاصة أشباه الموصلات كمحاولة لتقليل الفجوة في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة فإن كوريا الدولة المنتجة لكميات كبيرة من تلك السلع والتي تشتريها منها الصين سوف تتعرض لضربة موجعة إذ أن صادرات كوريا من تلك السلع للصين تمثل ربع حجم صادراتها. كذلك فمن المتوقع قيام الرئيس الأمريكي ترمب بفرض رسوم جمركية أعلى على واردات بلاده من السيارات وهو ما سيمثل ضربة أخرى كذلك للصادرات الكورية وشركات صناعة السيارات بالذات.


من حسن الحظ أن الصادرات الكورية كانت في حال جيدة خلال العام الماضي، لكن الأمر لا يبدو مبشرًا هذا العام. فقد بدأ حجم الصادرات في التناقص منذ أواخر العام الماضي، ولا سيما إلى الصين. كما يبدو مستقبل صادرات أشباه الموصلات مليئا بالغموض، بسبب مظاهر التراجع الكبير في الطلب العالمي. كما أن المخاطر الجيوسياسية ما تزال ماثلة، بسبب استمرار بقاء كوريا تحت المظلة الأمنية الأمريكية من جهة، واعتمادها الاقتصادي الكبير على الصين. لهذا فإنَّ كوريا تأمل وتتمنى نجاح شريكيها الكبيرين في احتواء هذه الحرب الناشبة بينهما، لكن الأمر لا يبدو أنه يسير في ذلك الاتجاه.


الأستاذ "كيم" :

ظلت المحادثات التجارية تجري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية دون ظهور بوادر مشجعة حتى الآن. لا يمكن التنبؤ بما ستسفر عنه تلك المحادثات. يرى بعض المحللين إن البلدين قد ينجحا في التوصل لاختراق درامي ملحوظ خلال القمة التي ستجري بين الرئيسين الصيني والأمريكي على هامش قمة العشرين في اليابان في يونيو القادم. تتطلع الصين لإحراز شكل من التفوق التكنولوجي في حين تبدو أمريكا مصممة على المحافظة على هيمنتها وسيطرتها التكنولوجية بكل الأساليب الممكنة. لهذا فإن الأمر ليس مجرد مشكلة تجارية تتعلق بأي عجز أو خلل في الميزان التجاري كما قد يتراءى للبعض وإنما هو حرب من أجل السيطرة والهيمنة على الاقتصاد العالمي برمته. والأمر هكذا فليس من المنظور التوصل لحلول سهلة وقريبة وهو ما يعني إن الاقتصاد الكوري سيظل في ذلك الوضع الحساس والخطير.


كان الأول من مارس هو التاريخ المحدد لانتهاء الهدنة المحددة بثلاثة أشهر بين واشنطن وبكين، في لقائهما في الأرجنتين في ديسمبر الماضي على هامش قمة العشرين. انتهت الهدنة دون التوصل إلى حلول، ويبدو أن الطريق سيكون طويلا. وإذا لم تتمكن الولايات المتحدة من التوصل لحل مناسب مع الصين فإنَّ ذلك سيكون مشكلة كبيرة، إذ أنها قد تلجأ للضغط على حلفائها في الاتحاد الأوروبي واليابان، للوقوف بجانبها وهو أمر قد يحدث اضطرابا وبلبلة كبيرة في الاقتصاد العالمي. لهذا يجب على كوريا أن تستعد للتعامل مع مثل تلك الاحتمالات.


الأستاذ "كيم" :

الصين دولة تسعى بخطى حثيثة لتصبح ماردا تكنولوجيا عالميا وقوة صناعية متطورة، في حين تحاول الولايات المتحدة الحيلولة دون ذلك. وفي هذا الأمر فقد تمكنت الشركات الكورية التي ظلت تخشى من المساعي الصينية لتضييق الفجوة التقنية بينها وبين كوريا من شراء قليل من الوقت. من ناحية أخرى فإن المزيد من الدول تتجه لتشديد سياسات الحماية التجارية الخاصة بها مما سيسرع من احتمال الانتقال لما يعرف باسم "المألوف الجديد" وهو مصطلح يوحي بأن ما كان غير مألوف في الماضي سيصبح أمرا مألوفا وعاديا وجديدا. يرى الخبراء إن على كوريا أن تتخلى عن ممارساتها القديمة المتمثلة في الاعتماد على أسواق كبرى ومحددة مثل السوقين الأمريكية والصينية وأن تعمل على تنويع أسواقها والتعود على التعامل مع الواقع الجديد والبيئة التجارية المتغيرة بشكل متسارع.


هذه الحرب التجارية الأمريكية الصينية جعلت بعض البلدان الأخرى تضطر إلى إغلاق أبوابها التجارية. ومن أجل تجاوز هذه المشكلة، واقتحام تلك الأبواب المسدودة؛ فليس أمام كوريا سوى اللجوء إلى تنويع أسواقها ومنتجاتها، وإنعاش سوقها المحلية، وتشجيع شركاتها التي تعمل في مجال التصدير، لشحذ وتطوير قدراتها التقنية والتنافسية.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;