الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

في رحاب رمضان :

2017-05-30

سيول بانوراما

في رحاب رمضان :
نعيش منذ بضعة أيام قليلة في رحاب شهر رمضان المعظم المكرم الذي وصفه رسول الله صلوات الله عليه وسلامه بأنه شهر هو
عند الله أفضل الشّهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، حيث النوم فيه عبادة، والسعي فيه مقبول، والدعاء فيه مستجاب، فتعالوا بنا نسأل الله بنيّات صادقة وقلُوب طاهرة، أن يوفّقنا لصيامه وقيامه تلاوة كتابه، وندعو: أللهم إني لك صمت وبك آمنت وعليك توكلت، وهي دعوات طيبات بدأ بها كل مسلم على وجه هذه البسيطة صيام الشهر الجليل الذي حل علينا للتو ببركاته وخيراته فهو دائما وأبدا شهر الخير والبركة، ودرة الشهور جميعا ، لأنه الشهر الذي نزل فيه القرآن ، ولأنه شهر التوبة والغفران والعتق من النار. ونحن لا نملك إلا أن نقول الحمد لله، الحمد لله، الذي متعنا بالصحة والعافية، وأتاح لنا فرصة صيام شهر رمضان جديد، يهل علينا، ونعيش في رحابه الكريم، وهو كما نعرف جميعا شهر صفاء روحي ونقاء نفسي ، وتصالح مع الذات ، وجرد للحصيلة ومراجعة للحساب ، بعيدا عن وسوسة الشيطان الخناس.

صيام شهر رمضان في كوريا ، أمر سهل جدا في الكثير من نواحيه ، ولا يخلو من صعوبة ومشقة في نواحي أخرى . فالصيام ليس صعبا رغم إن الشهر الكريم يجيء هذا العام في غمرة الصيف القائظ ، و فترة الصيام هنا خلال الصيف طويلة نسبيا فالإمساك يبدأ في حوالي الثالثة فجرا في حين أن الإفطار قد يحل على مشارف الثامنة مساء ، إلا أن الصيام لا يمثل أي مشكلة مع قليل من اليقين، ولا يسبب أي نوع من المشقة، بل هو أسهل كثيرا مما يحسه الآخرون في مختلف البلاد العربية والإسلامية . السوق الكورية مليء بما لذ وطاب من المشروبات والمأكولات التي تناسب المائدة الرمضانية من عصائر وخضروات وفواكه ومعلبات وحلويات متنوعة . وتكاثرت الآن بشكل ملحوظ المطاعم الإسلامية التي يمتلكها ويديرها مسلمون وتقدم بوفيهات رمضانية يومية متنوعة من الوجبات الحلال واللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية ، كما أن عددا من السفارات الإسلامية الأخرى ،جزاها الله كل خير ، درجت منذ عدة سنوات على تجهيز وإعداد إفطار الصائم أو موائد الرحمن في مسجد سيؤول المركزي طوال الشهر الكريم ، يشرف عليها طهاة متخصصون ، ويؤمها الكثيرين من الصائمين ، وتكون مزدحمة وعامرة خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث يقصدها الصائمون من الشباب العامل في المصانع الكورية الصغيرة والمتوسطة المنتشرة في كوريا ، كما أن هناك جاليات اسلامية متنوعة أخرى تنظم في كل رمضان يوم إفطار لكافة المسلمين المقيمين في كوريا، وهناك منظمات وجهات أخرى تفعل نفس الشيء.

هكذا نجد أن أمر صيام الشهر الكريم هنا لا يمثل أي نوع من الصعوبة غير أن أوجه الصعوبة موجودة.. أكبر أوجه الصعوبة هي افتقاد الشخص لذلك الجو الروحي النوراني الرمضاني الصافي ، ولتلك الصور البديعة التي لا تحس روعتها إلا حين تفتقدها مثل أصوات الآذان الشجية التي تتري من كل فج وصوب عميق لحظة حلول موعد الإفطار ، وأصوات التراتيل القرآنية التي تنبعث من الاتجاهات الأربع ، ومن جميع أجهزة الراديو والتلفزيون في الدقائق القليلة التي تسبق موعد الإفطار ، وذلك الخشوع والسكون الذي يخيم على الشوارع لحظة الإفطار حتى تكاد تسمع دبيب خطوات الصائمين الذين يسرعون الخطى في مختلف الاتجاهات لإدراك موعد الإفطار.
وبعد ساعتين من انتهاء الإفطار يضم مسجد سيؤول المركزي أفواج المصلين لأداء صلاة التراويح ولأداء صلاة التهجد خلال العشر الأواخر ، وعادة ما يكون المسجد خلال عطلة نهاية الأسبوع عامرا بالمصلين في مشهد إسلامي بديع . المشكلة الوحيدة هي أن المسجد يقع في منطقة مليئة بعلب الليل ، وبالبارات والكبريهات والملاهي الليلية ، ولذلك فكثير ما تستقبل الصائم والمصلي مشاهد لا تتسق مع جلال الشهر الكريم ، ولا تتوافق مع المشاعر الرمضانية الخاشعة مثل فتيات الليل والقوادين والسكارى.
ومع ذلك فشهر رمضان هو شهر رمضان ، في كل زمان ومكان . قد تتغير الصور والملامح من مكان لآخر ، لكنه ، في نفس كل مؤمن هو دائما الشهر. الذي أنزل فيه القرآن. اللهم لك الشكر والحمد ، ونسألك أن تمتعنا دائما بالصحة والعافية ، وتمنحنا القدرة على صيامه وقيامه ، وأن تعيننا على تسخيره لعمل الخير ، وفعل الصالحات الباقيات . اللهم لك صمت. وعلى رزقك أفطرت. ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الآجر إن شاء الله. آمين..

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;