الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

فوق قمة الأولمب:

2017-11-21

سيول بانوراما

فوق قمة الأولمب:
يا مريا .. ليتني في قمة الأولمب جالس ... وحواليّ العرائس ... احتسي خمرة باخوس النقية... وإذا ما سرت النشوة فيّ... أتداعى وأنادي يا بنات. أصدحوا بالأمنيات.. نقرّوا القيثارة في رفق وهاتوا الأغنيات.. لمريا. وجبل الأولمب أو أوليمبوس باللغة الإغريقية القديمة هو أعلى جبل في اليونان بارتفاع يقارب ثلاثة آلاف متر، ويكلل الثلج ذراه أغلب فصول السنة، وكان يعتبر مكانا مقدسا حسب الميثولوجيا الإغريقية القديمة ومقرا لكبير الآلهة " زيوس" . والمقطع الشعري الغنائي الذي استمعنا له للتو هو من واحدة من القصائد العذبة والخالدة للشاعر السوداني الراحل صلاح أحمد إبراهيم وأغنية كانت على لسان الكثيرين من الشباب عندما صدح بها المطرب السوداني حمد الريّح، وكما قيل فهي قصيدة وأغنية كُتبت ولُحنت وأُديت بروح أولمبية خالصة، والروح الأولمبية هي روح مَحبةٍ مُحِبة للسلام والوفاق والتعاون العالمي منذ أن بدأ تنظيم الأولمبياد في القرن الثامن قبل الميلاد في مدينة أولمبيا في اليونان . ومع مر الزمان صارت الألعاب الأولمبية هي أكبر تظاهرة رياضية عالمية تقام على مستويين وفي توقيتين وموسمين مختلفين هما دورة الألعاب الأولمبية الصيفية والأولمبياد الشتوي. والروح الأولمبية، صيفية كانت أم شتوية، هي تلك الروح المتمثلة في المنافسة الودية التي تزيد الأوقات الصيفية دفئا وحرارة في المشاعر، وتذيب أي مظاهر فتور في العلاقات الإنسانية حتى في الصقيع الشتوي البارد. لهذا فإن الأولمبياد صيفيا كان أو شتويا هو دوما مناسبة رياضية من أجل السلام والهدنة بين الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء العالم، وإعلاء قيم حقوق الإنسان، ووضع حد للتمييز، وتوفير حياة كريمة للجميع. ومع اقتراب موعد تنظيم الدورة الأولمبية الشتوية في بيونغشانغ في كوريا الجنوبية تبنت الأمم المتحدة قرار رمزيا بالإعلان عن هدنة أولمبية لمدة 52 يوما تبدا قبل أسبوع واحد من نهاية العام الجاري وتستمر حتى الأسبوع الذي يلي انتهاء الدورة التي تبدأ في فبراير من عام 2018. تم اعتماد القرار الأممي باتفاق جميع أقطار العالم في جلسة أممية حاشدة تغيبت عنها مع الأسف كوريا الشمالية وإن لم تعلن مقاطعتها أو معارضة انعقاد الدورة. من جانبها أعدت كوريا الجنوبية العدة لتنظيم هذه المناسبة الأولمبية الشتوية واستعدت لها بكل الوسائل وكأحسن ما يكون الاستعداد، لكن حكما بالتحرشات والتهديدات التي ظلت تقوم بها كوريا الشمالية من مغامرات واختبارات وتجارب نووية وصاروخية على امتداد العامين الأخيرين، والحرب الكلامية التي اندلعت بين زعيمها الشاب المغرور المتهور كما يراه البعض، والرئيس الأمريكي ويراه الكثيرون أيضا شخصية انفعالية مزاجية متقلبة الأطوار، يتخوف البعض أن يمثل ذلك تهديدا للسلام العالمي ولسلامة الفرق والرياضيين من ذوي المواهب والمهارات النادرة مما قد ينعكس سلبا على مدى ما قد تحققه الدورة من نجاح.
لكن الكثيرين يرون إن كوريا الشمالية، كدولة وقيادة، رغم ما تتسم به من غموض وضبابية، وما اشتهرت به كدولة ونظام لا يمكن التنبؤ أو التكهن بما يتخذ من مواقف، بحكم مواقفه العالمية المتضاربة في الكثير من الحالات، وعلى ضوء ما ارتكب من مغامرات وأعمال تخريبية ومؤامرات سابقة، إلا انها لا يمكن أن تصل درجة من الغباء بحيث ترتكب أعمالا خطيرة في مثل هذا التجمع العالمي الذي يدعو للسلام، إذ أن أي تصرف مثل ذلك سيجلب عليها غضبا عالميا غير محدود، حتى من أقرب حلفائها وأصدقائها مثل الصين وروسيا، وهو ما قد يشجع ويعطي المبرر الكامل لشخص مثل دونالد ترمب للقيام بأي عمل يراه تأديبيا وشرعيا ضد كوريا الشمالية. المأمول أن تقرأ كوريا الشمالية المشهد العالمي قراءة جيدة، وأن تغتنم مثل هذه المناسبات الدولية لتحسين صورتها العالمية لا تشويهها، وأن تتجاوب مع أي مبادرات أو دعوات للتعاون مع جارتها الجنوبية التي ظلت تبذل الغالي والنفيس من أجل إخراج ذلك العرس الأولمبي الشتوي القادم كأفضل وأجمل ما يكون، وعلى كوريا الشمالية أن تسهم بقدر استطاعتها في إخراج تلك المناسبة العالمية كما ينبغي، وأن تكون قد أصغت جيدا للكلمة المتزنة الرشيقة للبطلة الأولمبية الكورية الجنوبية الشابة وسفيرة النوايا الحسنة كيم يونا التي خاطبت بها الأمم المتحدة وأعربت فيها عن أمنيتها في أن يتحقق في الأولمبياد الشتوي القادم في بيونغ شانغ، ما حدث في الأولمبياد الصيفي في عام 2000 في سيدني في أستراليا، عندما دخل الفريقان الكوريان الجنوبي والشمالي متشابكي الأيدي في طابور واحد. يتفاءل ويأمل البعض في أن تكون مفاجأة كوريا الشمالية للعالم هذه المرة بروح أولمبية نقية ومختلفة عن تلك المفاجآت التي ظلت تقدمها للعالم في شكل صواريخ وقنابل ومؤامرات، لتجعل من العرس الأولمبي القادم في بيونغ شانغ مناسبة يواصل فيها العالم الغناء يا مريا.... ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقريا .. وأمامي تل مرمر .. لنحتُ الفتنة الهوجاء في نفسي مقاييسك تمثالا مكبّر.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;