الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

بديع يا ربيع:

2018-03-13

سيول بانوراما

بديع يا ربيع:
رغم بعض الموجات الشتوية الباردة الخفيفة هنا وهناك ، إلا أنها فيما يبدو مثل إشارات الوداع التي بدأ فصل الشتاء يلوّح بها ، وذلك من خلال أشعة الشمس الدافئة، والنسمات الربيعية العليلة ، التي صارت تحل في كثير من الأحايين محل الرياح الشتوية الباردة، وشرعت الأبسطة الخضراء في الانتشار فوق مختلف الأماكن ، وظهرت أولى براعم أزهار الخوخ المتفتحة التي عادة ما تحمل تباشير الربيع وتكون أول ضيوفه ، وتسمى بالكورية "ميهوا" ، وظهورها يعني للكوريين البداية الحقيقية لفصل الربيع، وهي زهور جميلة بيضاء تشرح الناظرين وتحمل الدفء والراحة للمشاعر، وتنعش النفس بالأنسام الزكية. ولأن الربيع هو أجمل فصول العام لدى جميع الأمم والشعوب في مختلف بلدان العالم، فهو دائما مادة لتراث أدبي وفني وغنائي ثري وذاخر. وحتى لو كان الربيع مجرد زائر عابر ونادر كما هو الحال في الكثير من بلدان العالم العربي التي يتمتع أغلبها بتراث ربيعي حافل وثري كما يظهر في الكثير من القصائد والأشعار والأغاني التي نُظمت في أغاني الربيع ، وربما أشهرها عصماء الشاعر العربي الخالد البحتري والتي يقول فيها:
أَتاكَ الرَبيعُ الطَلقُ يَختالُ ضاحِكاً مِنَ الحُسنِ حَتّى كادَ أَن يَتَكَــــــلَّما
وَقَد نَبَّهَ النَيروزُ في غَلَسِ الدُجى أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُــــــــوَّما
يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّــــــــــــــــهُ يَبُثُّ حَديثاً كــــــــــانَ بالأَمسِ مُكَتَّما
وَرَقَّ نَســــيمُ الريـــــــحِ حَتّى حَسِــــــــــبتَـــهُ يَجـــــيءُ بِأَنفـــاسِ الأَحِبَّــــــــــــــــــــــــةِ نُعَّمـــــــــــــا
أو رائعة الشاعر أحمد شوقي ومنها : عـاد الربيـع إلى الربــا بجمالـه الزاهـي الرطيـب. واخضوضرت تلك الهضاب وكـان منظرهــا كئيـب. ما أجمل الدنيـا بزينتهــا وزخـرفهــا العجــيب. الـزهــر في ألوانــــــــــــــه والـورد فـوّاح الطيـوب.
أما الربيع في كوريا والذي بدأت مظاهره ومؤشراته تطل الآن وهو يختال ضاحكا طروبا متكلما ومغنيا، فحدث ولا حرج، إذ أن التراث الغنائي والشعري الكوري الخاص بموسم الربيع في كوريا شديد الضخامة ومتنوع وهو شيء طبيعي إذ أن جمال موسم الربيع في كوريا لا تخطئه عين ، حيث تتحول كوريا خلال الربيع إلى لوحة طبيعية ساحرة وخلابة أينما أجْلِت وبسطت نظرك.
ولكوريا عدد من الشعراء المتميزين والمبدعين ممن كتبوا للربيع وعنه وحوله حتى صارت أسماء بعضهم مرتبطة ارتباطا وثيقا بالربيع ووصفه ووصف الطبيعة خلال الربيع ومنهم الشاعر العظيم "جونغ هو سونغ" والذي ظلت تخصص له صحيفة كوريا تايمز على مدى عام كامل عمود أسبوعي لنشر نماذج شاعرية رقيقة من قصائده البديعة مترجمة للغة الإنجليزية وقد وجدت كل تلك القصائد الكثير من التفاعل والثناء من كثير من الأدباء والشعراء العالميين الأجانب من خلال رسائل وتعليقات بعثوا بها ونشرتها الصحيفة، ومن الروائع الخالدة التي حفظها الكثير من الكوريين لهذا الشاعر المتفرد العظيم قصيدة بعنوان "ممر ربيعي" وقد انتشرت وصارت على كل شفاه كورية خاصة بعد أن لحنها وتغنى بها فنان أوبرا سوبرانو معروف بشكل إيقاعي موسيقي نابض بالحيوية. وبمناسبة الربيع الذي بدأته أنسامه العليلة وبشائره الطيبة تهب على كوريا نغتنم هذه المناسبة المنعشة لنقدم ترجمة عربية للقصيدة والأغنية لمستمعينا الأكارم ونقول لهم كل عام وأنتم بخير وفي حالة انتعاش دائم وطيب وفي جو بديع مع كل ربيع :
عند نهاية كل ممر ربيعي يبدأ ممر جديد
وعند انتهاء الممر الجديد تنبثق من أنفاس الربيع
ممرات ربيعية عديدة
تتمايل حولها الأشجار الظليلة الوارفة
وتتفتح فوقها الرياحين والسنابل
وتنساب على امتدادها الوديان والأنهر الرشيقة
وهي تتدفق بلا نهاية وبلا مصب
وتحلق فوقها بين السماء والأرض
اسراب الطيور التي لا تعود.
وتتناثر الأنجم مثل الشهب الوضاءة
وكالنيازك المشعة البراقة
ومثل الملائكة المجنحة
ومثل كائنات سماوية عاشقة
تعشق أن تسلك ممرات الربيع
لأنها تعرف أن الربيع يعشقها
مثل ما هي تعشق الربيع.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;