افتتح متحف "بوك سيول للفنون" أبوابه للجمهور يوم الـ24 من سبتمبر الماضي. هذا المتحف الجديد الواقع في "جوغيه دونغ 중계동" في "نو وان كو 노원구" في شمال شرق سيول، هو المتحف الفني الرابع من نوعه بجانب المتاحف الثلاثة الأخرى وهي متحف سيول للفنون وهو الأكبر ويقع في "سو سو مون 서소문" في غرب سيول، ومتحف نام سيول وهو ملحق تابع لمتحف سيول للفنون، ويقع في الطرف الجنوبي للمدينة، ومتحف "كيونغ كوي غونغ" الذي يقع في وسط المدينة. وربما ظلت المنطقة الشمالية الشرقية من سيول دائما منطقة مفتقرة للعديد من الأشياء المبهرة التي تجذب الزوار، خاصة الشباب، رغم أنها في الواقع منطقة ذات إمكانيات ثقافية قوية وهائلة، حيث يعيش هناك العديد من الفنانين والمثقفين، كما أنها محافظة على جمالها الطبيعي وبيئتها الأصلية لحد كبير. وبالتالي، فإن افتتاح متحف بوك سيول للفنون في تلك المنطقة في أواخر الشهر الماضي ربما يكون نقطة تحول مهمة في وضع تلك المنطقة. نظرا لموقعه بالقرب من حديقة كبيرة وبعض العمارات السكنية، فإن تصميم المتحف يبدو متوافقا مع البيئة المحيطه به. وهناك أيضا ممر يربط بين المتحف ومحطة مترو الأنفاق بشكل مباشر. استغرقت عمليات التجهيز خمسة أعوام قبل أن يفتح المتحف أبوابه للجمهور في سبتمبر الماضي. ويتكون المتحف من ثلاثة طوابق تحت الأرض، ومثلها فوق الأرض، ويمتد على مساحة تبلغ سبعة عشر ألفا ومائة متر مربع. من خلال النظر إليه من أعلى، يبدو المتحف مثل كتابين موضوعين على سطح مكتب. المبنى نفسه أنيق وجذاب ومتمازج بشكل واضح مع الطبيعة. وقد فاز المتحف بالجائزة الأولى في مسابقة معمارية تم تنظيمها في العام الحالي. بناء وتصميم المتحف كان في حد نفسه عمل فني مدهش. منذ افتتاح غابة الأحلام وبداخلها مركز فني في عام 2009 بدأت المنطقة تكتسب بعض الجاذبية الثقافية، كما أضاف افتتاح متحف بوك سيول فيها بعدا جديدا، حيث تحولت تلك المنطقة الجامدة التي كانت عبارة عن تجمعات من العمارات السكنية والمدارس، إلى محور ثقافي فني جديد.



رغم جمالها الطبيعي بجبالها وغاباتها الجميلة التي تطل على عمارات وأبنية شاهقة إلا أن المنطقة الشمالية الشرقية في سيول لم تجد ما تستحق من اهتمام. تم تشييد متحف بوك سيول في المنطقة على شكل تل جبلي صغير في محاولة لإعادة تجسيد وتصوير جبال "سوراك 수락" و"بو رام불암" التي تقع بالقرب منها، وإضفاء شكل وبعد جمالي خلاب على المتحف. ويحتوي الجزء الأسفل من المتحف على طابقين، في كل واحد منهما قاعات وصالات للعرض. يتم عرض لوحات وصور ومخطوطات ووثائق داخل الصالة الأرضية الرئيسية، كما تضم القاعة في الطابق الثاني العديد من التحف الفنية والثقافية لكبار الفنانين والرسامين والمصورين.
الأكياس البلاستيكية المتحركة تبدو وكأنها ترحب بالأطفال وتدعوهم للدخول. عمل مبدع من أعمال الفنان "لي بيونغ تشان" بعنوان "لابوتا". أكياس بلاستيكية بألوان زاهية منها الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر، تبدو ككائنات حية تتنفس وتتحرك. استوحى الفنان هذه الفكرة من كتاب "رحلات غاليفر"، ونجح في خلق عمل فني يثير خيال الأطفال.
وبجانب " لابوتا"، يحتوي قسم الأطفال على العديد من أشرطة الفيديو الحديثة وعلى معرض "أحب سيول"، وهو مليئ بالصور الخاصة بمدينة سيول، ومنها أعمال شهيرة لفنانين كبار.

وفي ركن يحمل اسم "شارك" في الصالة الخاصة بالأطفال، نجد قوالب كبيرة مطلية باللون الأصفر والأزرق تدعو الأطفال للعب. ونجد كذلك شجرة عجيبة الشكل تقف في أحد الأركان وهي جزء من مشروع باسم "عكس وبعث". شجرة عجيبة من نوعها لكنها أسهمت في توعية وتوسيع مدارك سكان المنطقة بأهمية العمل الثقافي. صارت الشجرة بمثابة رمز وتذكار للمنطقة ومجتمعها وسكانها. أربعة متاحف فنية في أربع مناطق متفرقة من مدينة سيول ولكل متحف شخصيته وخصوصيته. المتحف الفني الرئيسي في "سو سو مون 서소문" هو بمثابة مركز لشبكة متحفية تتطلع لأن تكون عالمية الطابع والمحتويات. متحف نام سيول الفني يركز على التحف والتصاميم، في حين يهتم متحف "كيونغ كوي غونغ" بتنظيم المعارض وتأجير المساحات المخصصة لإقامة المعارض. أما متحف بوك سيول الجديد فهو مجمع فني عام ذو طبيعة فنية ثقافية واجتماعية في نفس الوقت، يهتم بالمنطقة وسكانها ومجتمعها بجانب وظيفته كمتحف عام.



المشاركة في حضور تلك الدورات تتزايد بشكل مستمر، حيث فطن الكثيرون إلى أن بإمكانهم اكتساب الكثير من المعارف والتقنيات التي تساعدهم في تحسين واقعهم الحياتي بشكل أو بآخر. البعض كان يرى أن كل أشكال الفنون والثقافة هي أشياء موجهة لأناس بعينهم دون الآخرين، لكنهم من خلال المشاركة تبين لهم أن الفنون والثقافة هي لغة تخاطب الجميع بشكل متساوٍ. يبذل متحف سيول للفنون جهودا عظيمة من أجل التفاعل مع المجتمع المحيط، ولهذا السبب تتدفق جموع الزائرين للمتحف يوما بعد يوم وهناك مكان آخر في شمال سيول تتفاعل فيه الثقافة والطبيعة بشكل مدهش وهو غابة الأحلام الواقعة في منطقة "بون دونغ 번동" في حي "كانغ بوك كو 강북구". تم بناء غابة الأحلام فوق مساحة 660 ألف متر مربع، وبها ساحة مغطاة بالعشب الأخضر تبلغ مساحتها ضعف ساحة سيول، وفيها نافورة مائية ضخمة وبركة واسعة، وعدد من الاستراحات والمراكز والمسارح والقاعات الفنية والمطاعم والمقاهي، وأيضا عدد من المراصد للاستمتاع برؤية مدينة سيول من جميع الاتجاهات.

المركز الفني التابع لغابة الأحلام يقدم عددا من الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية على مدار العام. معرض "سانغ سانغ توك توك 상상톡톡" الذي تم افتتاحه في عام 2010 صار مقصدا جذابا للعائلات، وهو مكون من طابقين، ومصمم لإثارة خيال الأطفال وإطلاق قدراتهم الإبداعية الكامنة، من خلال تأمل التمازج الفريد بين الطبيعة والثقافة. أصوات ضحكات وصيحات الأطفال البريئة تتردد أصداؤها من صالة "سانغ سانغ توك توك". هؤلاء الأطفال الذين لم يعتادوا على اللعب في الشوارع ولم تتسخ أيديهم بالتراب، يتسابقون هنا وهم حفاة على الرمال، وهم في غاية السعادة والمرح ويطلقون العنان لأحلامهم البريئة في تفاعل وانسجام وتناغم كامل مع الطبيعة.
افتتاح متحف بوك سيول للفنون عمل يمكن أن يحدث نقلة نوعية مؤثرة في حياة منطقة ظلت دوما منكفئة على نفسها ولا تخلو من كآبة وملل، وقد يسهم في تحويلها في المستقبل القريب إلى فضاء فني ثقافي مفتوح وجذاب. متحف يسعى لخلق علاقة تفاعلية بين الفن والطبيعة وتواصل بين الفنانين والناس العاديين، وهو ما يعتبر تحقيقا للهدف الأساسي للمتحف.