الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

جيل جديد من الكوريين الذين يعيشون بمفردهم

2013-11-12

أغلب غرف نوري بانغ عادة تكون مجهزة ومعدة لمجموعة من الأشخاص لممارسة الغناء أو الرقص داخلها. لكن ربما يحتاج الشخص أحيانا لأن يكون بمفرده لممارسة الغناء وحتى الرقص لأسباب متنوعة. مثل هذا الشخص يكون وقتها بحاجة لغرفة نوري بانغ مفردة له وحده ليمارس فيها الغناء بالشكل الذي يريحه ومن أجل إمتاع نفسه فقط وليس الآخرين. كل غرفة مجهزة بميكروفون حساس ومتطور وسماعات رأس بأفضل تقنية ممكنة وجهاز مزج أصوات متطور. الغرفة لا تتسع لأكثر من شخص واحد لممارسة الغناء أو الرقص، وكل الأجهزة داخل الغرفة مناسبة لشخص واحد فقط. لهذا فإذا جاء شخصان لممارسة الغناء أو الرقص فعلى كل واحد منهما استئجار غرفة خاصة به.
غرف نوري بانغ فردية مخصصة ومجهزة بكل ما يحتاجه الفرد. جدران الغرفة مجهزة بمرايا واسعة حتى يتمكن الضيف من مراقبة كل حركاته وهو يمارس الغناء أو الرقص.
رغم أن ظاهرة النوري بانغ الفردي آخذة في الانتشار إلا أنه مازال البعض يعتبرها شيئا غريبا. بعض الضيوف قد يشعرون بنوع من الحرج، ولهذا فكثيرا ما يسألون إن كانت أصواتهم العالية تسبب نوعا من الإزعاج أو أن الآخرين قد يعتبرونهم مجانين أو سكارى. ونحن نؤكد لهم أن الغرف مجهزة بجدران تمتص الصوت، وأن العميل يكون داخل هذه الغرفة مغنيا وراقصا وفنانا ومهندس صوت في نفس الوقت.



عدد الأشخاص الذين يفضلون العيش كأفراد وحدهم في تزايد مستمر في كوريا. لهذا فإن الخدمات والمنتجات المخصصة لمثل هؤلاء الأشخاص هي أيضا في تزايد مستمر. عدد من المحلات والمتاجر بدأت تضع احتياجات مثل هؤلاء الأشخاص في استراتجياتها التجارية وتخصص لهم ما يحتاجون من مأكولات ومشروبات وأشياء خفيفة سهلة التحضير والتجهيز وقابلة للاستهلاك المحدود السريع. وهناك الآن مطاعم مخصصة لمثل هؤلاء الأشخاص.
هناك مطعم يضم عددا من الغرف الصغيرة التي تكون كل غرفة فيها بمثابة مكان مخصص لشخص واحد. هذا المطعم يوفر متطلبات بعض الأشخاص الذين يفضلون الأكل وحدهم دون أية مراقبة أو تداخل مع أشخاص آخرين. لهذا نوفر لهم بحواجز منفصلة. المطعم مصمم بشكل يتيح وجود العديد من الموائد الفردية المنفصلة المحاطة بستائر خاصة بشكل يتيح للزبون تناول وجبته بأمن وسلام وبعيدا عن عيون الآخرين.
حسب إحصائيات شبه رسمية جرت في إبريل 2012، بلغ عدد الأسر الفردية المكونة من شخص واحد نحو 25% من إجمالي عدد الأسر في كوريا، بعد أن كان العدد في حدود 6% فقط في 1985.وحسب التوقعات، سترتفع هذه النسبة إلى 35% عام 2013. هذه الظاهرة إذن أصبحت مألوفة، ومن المؤكد أن تبعاتها الاجتماعية والثقافية سوف تترسخ. هذه الظاهرة تتوسع لأنها أصبحت مقبولة في المجتمع بعكس ما كان عليه الحال في الماضي. يمكن اعتبارها نقلة اجتماعية أو ثقافة جديدة بدأت في الانتشار. الشخص الأعزب كان يعتبر في الماضي بمثابة خطر اجتماعي وكان كثيرا ما يتم التعامل معه كمنبوذ. الشخص الذي يذهب دائما للمطاعم بمفرده كان يعتبر شخصا انطوائيا معقدا أو غريب الأطوار. الحال تغيرت الآن، حيث صار ذلك ممارسة طبيعية مألوفة في أغلب الأحيان.
الأسر الفردية متنوعة ومتعددة الأشكال، فهناك الأشخاص العزّاب من الرجال أو النساء الذين لم تتح لهم فرصة الزواج، أو من لم تكن لديهم الرغبة في الزواج لأسباب متعددة، وأيضا المطلقون والمطلقات، والأرامل وكبار السن الذين ليس لديهم أطفال يعتنون بهم. هذه الظاهرة كما قلنا آخذة في الانتشار، كما أن المفاهيم المحيطة بها قد تغيرت أيضا. الأشخاص الذين يعيشون كأفراد وحدهم كانوا في الماضي إما من المنبوذين اجتماعيا وإما من غريبي الأطوار أو من الرجال المنفلتين أو النساء العوانس ممن فاتهن قطار الزواج بغير إرادتهن، غير أن ذلك أصبح في هذه الأيام اختيارا شخصيا وقرارا ذاتيا وبمحض الإرادة. والكثير من هؤلاء الأشخاص يعيشون حياة كريمة رغدة ويغدقون على أنفسهم بكل ما يريدون من أجل حياة اجتماعية وثقافية سهلة وحافلة بالترفيه والمعارف.
وقد أجرت مؤسسة اجتماعية استطلاعا حول أسباب الحياة الفردية، وكانت الإجابة الأولى هي الرغبة في تخطيط الحياة بشكل أفضل، وثانيا: تفادي الالتزامات الاجتماعية والأسرية الكبيرة، ثم الرغبة في الحرية الشخصية وتوفير أكبر قدر من المال تحسبا للمستقبل. هكذا يتضح أن المجتمع الكوري بدأ في الانتقال من الحالة الجماعية الاجتماعية التي كان يتميز بها في الماضي إلى الحالة الفردية والشخصية.
وقد اتفق المشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي في 2008 على أن ظاهرة النساء اللائي يعشن بمفردهن في سن العشرينات والثلاثينات صارت ظاهرة اقتصادية وثقافية تستوجب التأمل. وزيادة عدد الأسر الفردية من الرجال والنساء أجبرت الكثير من المؤسسات التجارية على أخذ ذلك في الاعتبار عند وضع استراتجياتها التسويقية الجديدة. لقد تغير نمط وأسلوب الحياة في كوريا، حيث ازداد بشكل كبير عدد المطاعم والمقاهي والحانات المخصصة لهذا النوع من الناس. شركات ومحلات البيع صارت تهتم بتجهيز وتغليف وتحديد سلع ومنتجات محددة لاستهلاك الأسر الفردية من حيث النوع والكمية. وصار من المعتاد أن نرى في المتاجر الكبرى ثمرة برتقال أو تفاح واحدة مغلفة من أجل المشتري الفرد، أو كيس صغير من البصل أو الثوم أو غيره لذلك الغرض.
هذه الظاهرة لا تقتصر على كوريا وحدها، فهي ظاهرة عالمية آخذة في الانتشار. ويقال إن 47% من الأسر في السويد مثلا هي أسر فردية، مما يعني أن تلك الأسر أصبحت تشكل النسبة الاستهلاكية الأعلى في السويد وربما أيضا في غيرها من البلدان المتطورة.
الحياة الفردية صارت ممارسة اجتماعية سائدة ومقبولة وعملية في عالم اليوم. فشكل الأسرة تطور باستمرار من الأسرة الممتدة إلى الأسرة الصغيرة، ثم الأسرة النووية وأخيرا الأسرة الفردية، التي أصبحت ظاهرة اجتماعية مؤثرة لا ينبغي تجاهلها أو التقليل من شأنها.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;