أخيرا، وبعد أربع سنوات من التحضيرات المكثفة، تم افتتاح فرع سيول التابع للمتحف القومي للفنون الحديثة والمعاصرة، وقد جرى ذلك وسط جمع غفير من كبار الفنانين والأدباء والمثقفين والمسؤولين في مختلف مرافق الدولة.
يقع متحف سيول للفنون الحديثة والمعاصرة في مواجهة السور الشرقي لقصر "كيونغ بوك" وبجوار قرية بوكتشون الفولكلورية وعلى القرب من الضواحي الشعبية والتقليدية في "سام تشونغ دونغ" و"إين سا دونغ". الأشجار وارفة الظلال هي أول ما يحيي الزائر، كما تطل الآثار التي تعود إلى عصر مملكة جوسون من بين المباني القديمة بالطوب الأحمر المطلة على المتحف الجديد. المتحف التاريخي الجديد مبني على امتداد اثنين وخمسين ألف متر مربع.
الشعبة الخاصة بأنساب الأسرة الملكية في عصر مملكة جوسون تم نقلها لمكان آخر عند تحول القيادة الأمنية العسكرية إلى هذا المكان، غير أن أعمال الصيانة أعادت المبنى لشكله التاريخي القديم عند افتتاح فرع سيول التابع للمتحف القومي للفنون الحديثة والمعاصرة. هكذا صار متحف الفنون الحديثة والمعاصرة في سيول شاهدا على ثلاث فترات تاريخية مختلفة ذات أنماط وأشكال وطرز معمارية مختلفة.


تم إنشاء أول متحف قومي للفنون في كوريا في عام 1969، كمتحف صغير داخل قصر كيونغ بوك، وذلك قبل أن يتحول في عام 1973 إلى قصر دوكسو. وفي عام 1986 تمكن المتحف أخيرا من أن يكون له مبناه الخاص المستقل في منطقة "كوا تشون".
تكمن المشكلة الرئيسية في أن كوا تشون منطقة بعيدة جدا عن وسط الميدينة. لهذا فبمجرد أن تقرر تحويل القيادة الدفاعية الأمنية من المنطقة القديمة في سيول إلى كوا تشون، سارع المتحف الفرعي إلى انتهاز هذه الفرصة ليتحول هو أيضا إلى تلك المنطقة القديمة وتم افتتاح فرع سيول رسميا في يوم الـ13 من نوفمبر الجاري، حيث صار معلما بارزا من معالم مدينة سيول التاريخية والثقافية، ومعرضا للفنون الكورية الحديثة والمعاصرة، ولما كان المتحف الحديث يقوم على موقع تاريخي مهم، فقد تم التركيز على أن يعكس تصميم المتحف التوازن والتمازج التاريخي بين الماضي والحاضر، والتقاليد والحداثة، والقديم والجديد.


تم اختيار فكرة هذا المهندس المعماري من بين 118 فكرة متنافسة. المبنى مصمم في شكل مكعب أبيض، بحيث يعطي لمحات عن مختلف أنواع الفنون من رسم وتصوير ونحت ونقش وتركيب وغير ذلك. لمحات تتناسق وتتجانس دون أن تطغى أي لمحة على اللمحات الأخرى. ربما يبدو الشكل العام للمبنى غير جذاب أو مخيبا لآمال الكثيرين، لكن المعماري مين يقول إنه يعرف ذلك، وأن تصميمه لم يكن خبط عشواء.


المتحف بدون جدران وأسوار ويمكن دخوله من مختلف الاتجاهات. ولا توجد كذلك أي حواجز بين الزوار والمعروضات. يركز المتحف على وجود أفنية أو ساحات مفتوحة بشكل يقرّب المسافة كثيرا بين الجمهور والمعروضات الفنية. وإذا كان دخولك من جانب سام تشونغ دونغ فسوف ترى فناءً مفتوحا، أما إذا كان عن طريق بوك تشون فسوف تعبر ساحة مكتبية.
ومن خلال إزالة الحواجز بين تلك الأماكن يمكن لها أن تتحول إلى صالات عرض خارجية زاخرة بالعديد من التحف والمعروضات والتماثيل. وبجانب الصالة الرئيسية توجد قاعة سينما ومسرح وقاعة أخرى متعددة الاستعمالات.أكثر المتاحف عادة ما تكون مصممة بحيث تكون هناك بوابة رئيسية يتدفق منها جمهور الزائرين وبجانبها محلات لبيع الهدايا التذكارية، لكن متحف سيول للفنون الحديثة والمعاصرة بعيد عن النمطية ومتفرد بكثير من المعايير، حيث يأتي الزوار من مداخل وطرق متعددة وينتشرون عبر صالات وقاعات متعددة ومتناثرة مثل الجزر.
بلغ عدد الزوار في يوم افتتاح المتحف نحو ثلاثة آلاف وتسعمائة زائر، بمعدل بلغ حوالي خمسمائة زائر في كل ساعة. جاؤوا منذ الصباح وطوال اليوم، مما أكد شعبية المتحف بعد انتقاله للمكان الجديد. تم تنظيم خمسة معارض مختلفة ومتنوعة بمناسبة الافتتاح. خمسة معارض تحتوي على أكثر من مائة وعشرين عملا فنيا متنوعا لسبعين فنانا مختلفا. أبرز الأعمال الفنية المعروضة هي للفنان "سوه دو هو 서도호"، بعنوان "بيت داخل بيت داخل بيت داخل بيت". بمجرد أن تدخل عبر الممر المحدد حتى تجد نفسك داخل بيت هو عبارة عن فضاء أزرق مفتوح وفسيح وضخم بارتفاع يبلغ 12 مترا وعرض 15 مترا. الفضاء يبدأ من الطابق تحت الأرضي وحتى الطابق الثالث.



يضم معرض سيول للفنون الحديثة والمعاصرة ثمانية صالات للعرض. الصالتان الأولى والثانية، الدخول فيهما مجاني، وتضمان ستين عملا فنيا تم اختيارها بعناية فائقة لتمثل وتجسد وتصور الروح الحقيقية للفنون الكورية الحديثة والمعاصرة. الصالات الست المتبقية تضم معارض خاصة لفنانين وأعمال فنية كورية وأجنبية حديثة ومعاصرة وجديدة متجددة. ومن المأمول أن يصبح معرض سيول للفنون الحديثة والمعاصرة جسرا بين الماضي والحاضر، وبين التقاليد والحداثة، مثل بقية المتاحف العالمية الشهيرة، كمتحف الفن الحديث في نيويورك، ومركز بومبيدو في باريس.