الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الجمعيات التعاونية الفنية

2013-12-17

الجمعيات التعاونية الفنية
تشارك وتقاسم الرؤى والاهتمامات والآمال والمساعي بين الفنانين هي بالتأكيد أشياء تساعد في تخفيف أعباء الحياة وهموم الناس وتسهم في خلق مجتمع أكثر تضمانا وتكافلا ، وأيضا تنقية الرؤية والصورة الفنية للفنان نفسه.
العمل الفني الفردي يعني في كثير من الأحيان فقدان الفرصة في متابعة الكثير من التوجهات الفنية الجديدة والتفاعل معها من خلال تبادل الآراء والأفكار حولها. يفقد الفنان في حالة العزلة والابتعاد عن التشارك مع الآخرين القدرة على التجريب والتأثر واكتساب المزيد من المهارات واستلهام الأفكار الجديدة. وهذا ما دفع بالكثير من الفنانين إلى الانتظام في جمعيات تعاونية مثل جمعية "لولو لالا" .
كثيرا ما نفكر في الفنانين كأشخاص ارتبطت حياتهم بالمعاناة ، مثل فان جوخ ، والذين يعيشون في عزلة ووحدة . غير أن الأمر يختلف بالنسبة لفناني اليوم الميالين للتجمع والتعاون والتنسيق مع بعضهم البعض ، ومن أجل الالتصاق والتلاحم مع جمهورهم.
ومن هؤلاء أعضاء الجمعية التعاونية الفنية "لولو لالا" التي تكونت في شهر مارس الماضي لتغيير الأفكار والتصورات التقليدية السائدة عن الفنانين بأنهم مجموعة أفراد من المشاهير الأغنياء المترفين المنعمين الذين صاروا يحتكرون الأوساط الفنية ويحولون دون دخول الكثير من المواهب الشابة المغمورة إليها. تأسست الجمعية في مارس الماضي. الفنانون ظلوا في العادة يعملون في عزلة تامة ، لكن العمل الفني المنعزل يؤدي إلى الابتعاد عن القضايا الحقيقية للناس والجمهور وعدم التفاعل معها بما فيه الكفاية. لهذا فكثير من مثل هذه الأعمال الفنية تأتي ذات طابع انعزالي ومستعصية على الفهم الجماهيري، ولهذا كثيرا ما تكون عرضة للإهمال والنسيان بسرعة. الفن هو عمل ليس من أجل الذات وإنما من أجل الناس ومن أجل الآخرين من حولنا. لهذا فكرنا في تكوين هذه الجمعية التعاونية ، وهو أمر ليس سهلا كما قد يتصور البعض ،حيث يتطلب ذلك التزام العضو بتخصيص جزء من وقته واهتماماته وماله للجمعية.
بعد تسعة أشهر فقط من تكوين جمعية "لولو لالا" بلغ عدد أعضائها ستين فنانا. المشاركة المالية للفنان رمزية لا تتجاوز مائة دولار ، تستعمل من أجل تجهيز المعارض والمناسبات الفنية . وربما يكون من الصعب على الفنان تنظيم معرض فردي خاص به ، لكن ذلك يصبح أمرا سهلا وميسورا من خلال جمعية يشارك فيها عدد من الأعضاء .
رغم كل التزاماتهم الفنية والاجتماعية والشخصية الأخرى، إلا أن أعضاء هذه الجمعيات التعاونية يشعرون بأن المساهمة والمشاركة في إنجاح وترويج أي عمل خاص بزميل آخر هو واجب له أولوية خاصة.
ربما يكون التمويل هو من بين أهم الأشياء التي تقلق القائمين على أمر مثل هذه الأنشطة التعاونية. ولذلك فإن توفير مصادر مالية ثابتة ومجزية أمر ضروري لضمان نجاح واستمرارية أعمال الجمعية التعاونية "لولو لالا" ، وهو ما تعهد أعضاؤها بتحقيقه.
مقهى "إيللوست" في سونغ سو دونغ في شرق سيول هو مقهى متخصص في كتب الأطفال وأغلب رواده من الكتاب المتخصصين في كتابة ونشر هذا النوع من الكتب. الديكور الداخلي للمقهى مجهز بواسطة فنانين متخصصين في الرسم وأدب وقصص وحكايات ومغامرات الأطفال. كل رواد هذا المقهى يحضرون من أجل الاستمتاع بتناول فنجان من القهوة ، مع قراءة بعض الكتب والمجلات التي يزخر بها المقهى.
جمعية "لولو لالا" ومقهى كتاب الأطفال "إيللوست" وغيرها ، كلها ملتقيات تم تنظيمها في إطار فكرة قيام جمعيات فنية تعاونية تجمع بين الزملاء في مجال الفن . "إيللوست" ليس مجرد مقهى عادي ، فهو يضم كذلك أستوديو توضيحي. أعضاء المقهى يقولون إنهم ليسوا مقتنعين بظروف وأحوال حركة النشر الآن مما يتطلب تضافر الجهود للتطوير والارتقاء بها.
إصدار كتاب للأطفال عملية قد تستغرق فترة تصل إلى ما بين ستة أشهر وبضعة أعوام. ولهذا ومع تدني العائد من عملية البيع ، صار من غير المربح للكثير من الشركات الناشرة إصدار كتب للأطفال. ومن ثم ، فإن فكرة الجمعيات التعاونية قد يكون فيها الحل.
مقهى إيللوست لا يضم أستوديو فقط ، بل أيضا صالة عرض دائمة مفتوحة للجمهور، وهو ما يدر بعض المال ، لكن ما يهم حقا للأعضاء هو العائد الأدبي والاجتماعي والثقافي.
تتضمن المحاضرات التي تقام أسئلة وأجوبة، والجميع ، من محاضرين ومستمعين، أقرب للأصدقاء وأفراد الأسرة الواحدة.
حتى قبل انتشار ظاهرة الجمعيات التعاونية الفنية ، كانت الفرق الموسيقية الحرة والمستقلة قد قامت بتكوين اتحاد التعاونيات الموسيقية للإنتاج الموسيقي المستقل في عام 2011 .
مجرد حركة احتجاجية كانت الشرارة التي أشعلت فتيل إنشاء اتحاد تعاوني واسع للفرق الموسيقية الحرة والمستقلة في عام 2011 ، وهو اتحاد يضم الآن نحو مائتي فرقة من فنانين وإداريين وجمهور. يدفع كل عضو حوالي خمسة دولارات شهريا تخصص لتنظيم حفلات وإنتاج ألبومات موسيقية. ورغم الميزانية المحدودة للاتحاد، إلا أنه على استعداد لتقديم قروض صغيرة للفنانين الراغبين في إنتاج ألبومات.
يبلغ عدد الجمعيات الفنية التعاونية في كوريا الآن نحو خمسين جمعية. وقد صارت بمثابة ملجأ وملاذا للعديد من الفنانين الشباب الهواة الحالمين بالنجاح، وأصبحت في نفس الوقت نقاط انطلاق لأعمال فنية إبداعية كبيرة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;