الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

ظاهرة جنون الرقص في كوريا.

2014-01-07

جاء العام الجديد 2014 وسط موجات من الأمل والتفاؤل لدى الكثيرين. لكن الكثير من المشكلات التي عاشها البعض في العام الماضي ما زالت ماثلة وموجودة.
كثير من الموظفين والعمال ما زالوا في حالة معاناة للموازنة بين أجورهم المحدودة ومتطلباتهم المالية المتزايدة. وما زالت مخاطر تقليص العمالة وبالتالي الخوف من التشريد لدى البعض تهدد الكثيرين وتسبب الكثير من عدم الاستقرار. لكن كما يقول المثل : إذا كنت لا تستطيع تغيير الواقع أمامك فحاول أن تستمتع به، فإن الأجدر بنا جميعا ألا نبدأ هذا العام الجديد ونحن فريسة للهموم والقلق. وإذا كنت في حالة توتر متزايد وقلق مشتد، فهناك وسيلة ناجحة وفعالة ومجربة للتخلص من القلق. وهي الرقص.



هذه أكاديمية لتعليم الرقص تماما كما نشاهد في البرامج التلفزيونية والعروض الموسيقية الراقصة. هذه الفتاة موظفة عادية في الرابعة الثلاثين من عمرها تحاول محاكاة وتقليد حركات معلمة الرقص الخبيرة المتخصصة. إنها إنسانة من لحم ودم، لكن يمكن لها أن تتحول خلال ثانية أو ثانيتين فقط إلى ما يشبه أشعة الضوء المتلألئة على وقع الأنغام الطروبة والإيقاعات الرشيقة، وهو أمر كفيل بمساعدتها على التخلص من كل همومها، مهما كان عمقها، لتستبدلها بابتسامة واسعة عريضة.
كل هؤلاء المتعلمين والمتدربين يتركون العنان لأجسادهم وعقولهم ومشاعرهم لتتوحد مع الموسيقى وتصبح المجموعة وكأنها فرد واحد. تصير الأجساد مثل الفراشات التي تطير بأجنحة خفاف، وتصبح العقول صافية نقية، وخالية من التوتر. لهذا السبب صار من العادي أن ترى هذا النادي مكتظا بالطلاب الجدد الراغبين في تعلم الرقص كل يوم.
هؤلاء الأشخاص كانت لديهم أحلام وآمال، لكن معاناة الحياة القاسية والمسؤوليات الجسام وهموم العمل المرهق، اضطرتهم للتخلي عن تلك الأحلام. إلا أن رغبتهم وحرصهم على التخلص من آثار تلك الهموم دفعتهم للحضور لهذه الفصول التدريبية لتساعدهم على الوصول لحالة من الراحة والاسترخاء من خلال التجاوب والتفاعل مع الأنغام والإيقاعات الموسيقية وتحريك أجسامهم. ولهذا السبب انتشرت العديد من الأكاديميات والأندية المتخصصة في تعليم الرقص التي صار بعضها يعاني من الازدحام. وصار شعار الكثيرين هنا هو : "تعالوا نرقص".
يوجد ناد متخصص في الباليه. صوت وحركات المعلم هنا تبدو أكثر بطئا وهدوءا. الممارسة الصحيحة لحركات الباليه تساعد على تصحيح وتقويم الشكل العام للجسم، كما إنها مفيدة أيضا من أجل إرخاء العضلات وتحريك المفاصل، مما يجعل الجسم مرنا ورشيقا. الباليه من أفضل الوسائل لاكتساب اللياقة البدنية للجميع في مختلف الأعمار، وهذا هو سر الشعبية المتزايدة لفصول ومدارس تعليم الباليه هذه الأيام.
ربما تكون أهم فوائد رقص الباليه هي تقويم بناء الجسم وزيادة مرونته، وتحريك العضلات والمفاصل والدورة الدموية قبل الاستمتاع بالرقص نفسه. لكن تعلم الباليه متعة لا يمكن أن تخلو من ألم من أجل الوصول للهدف المنشود. لهذا فمن العادي أن تسمع داخل صالات التمرين للكثير من الصرخات والأنات والتأوهات بسبب الألم الناجم عن مد وثني وليّ العضلات والمفاصل.



وكثيرا ما تجد متدربين ومتدربات يحاولون كبح ومقاومة صرخات الألم وقد يستعصى الأمر على البعض فيطلق صرخات مدوية. ورغم مظاهر الألم، إلا أن الجميع يشعر بقدر كبير من الراحة النفسية والذهنية.
إذا كنت تعتبر الرقص الفردي مملا وتريد شريكا، فأمامك عدة خيارات من أنواع الرقص، ومنها : سوينغ وجاز وسالسا وتانغو وغيرها. البعض قد يندمج ويستغرق في الرقص بشكل أفضل مع شريك أو ضمن مجموعة من خلال مسايرة الخطوات وضبط الإيقاعات وإحداث التنسيق اللازم. أغلب الطلاب هم من الموظفين والموظفات في العشرينات والثلاثينات من العمر. وهم يندمجون مع الموسيقى، ونظراتهم توحي بأنهم في قمة الراحة والاسترخاء النفسي والذهني.
معهد التانغو فرصة رائعة للمشاركة في المزيد من الأنشطة والمناسبات الاجتماعية وتوسيع دائرة الأصدقاء والمعارف. ممارسة رقص التانغو يتيح فرصة لتعلم الكثير من الأشياء، ومنها : متى يجب عليك أن تكون قائدا ومتى يجب أن تنفذ الأوامر، وكيف تعطي وكيف تأخذ، ومتى تبادر ومتى تستجيب لمبادرة الآخر. السيد "كيم سُنغ تيك" الذي يتعلم التانغو طوال الأشهر الخمسة الأخيرة يؤكد أنه تعلم فعلا الكثير من خلال الرقص الثنائي المشترك.
مرت ثلاثة أعوام منذ افتتاح معهد التانغو الذي يأتي المئات إليه كل أسبوع لممارسة الرقص. وساحات الرقص في المعهد هي ساحات فرح وانتشاء وسعادة ومتعة للروح والذهن والبدن.
الشعور بالإنجاز هو شعور معزّز للثقة بالنفس، والثقة بالنفس هي حافز للمزيد من الإنجاز. وأكثر الطلاب من الراقصين والراقصات يؤكدون أن الرقص عزز كثيرا من ثقتهم بأنفسهم، كما فجّر الكثير من الطاقة في داخلهم، وخلق منهم أشخاصا أكثر حيوية وأكثر تفاؤلا وأكثر حماسا وإقبالا على الحياة. ولذا استقبل أكثرهم العام الجديد 2014، واحتضنوه في رقصات حالمة ورشيقة ومثيرة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;