الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

ظاهرة التعاون الفني

2014-03-18

الفيلم السينمائي "الآنسة غراني" هو فيلم كوميدي عن امرأة عجوز في الـ70 من العمر، وهي ذات لسان سليط ، وقد تحولت بفعل السحر الى فتاة في ريعان الشباب . تم تقديم مقاطع دعائية استعراضية للفيلم في الـ23 من يناير في حفل سينمائي عقد بالتعاون بين منتج الفيلم وفرقة "روز موتيل" الكورية.
اشتهرت أغنية "عندما تزور لوس انجلوس" قبل 36 عاما، ولكن تضمينها في الفيلم السينمائي أعطاها المزيد من الانتشار خاصة في اوساط الشباب الذين لم يكن معظمهم قد ولد في ذلك الوقت. قدمت هذه الأغنية للمرة الأولى في عام 1978، لكن أداءها وتحديثها بواسطة فرقة "روز موتيل" أعاد للأجيال القديمة ذكريات حلوة ماضية وأبهر الاجيال الجديدة بأداء رائع في نفس الوقت ، وهذا ما جعلها أغنية لكل الأجيال . الاستعراضات الترويجية عادة ما تقدم نجوم وأبطال العمل الفني من ممثلين وغيرهم، سواء كانت تلك الأعمال تلفزيونية أو سينمائية. لكن فيلم "الآنسة غراني" اختار تقديم هذه الفرقة الموسيقية وإقامة حفل سينمائي موسيقي ، وهو ما صار بمثابة توجه ثقافي فني جديد في كوريا هذه الايام من أجل اجتذاب شعبية وجماهيرية لهذه الاعمال الفنية . كان يوم 28 من يناير موعدا لعمل فني جديد جمع بين الهدوء والحيوية داخل مركز سيول الفني . كان ذلك استعراضا فنيا خاصا بالهانبوك ، أي الأزياء الكورية الشعبية التقليدية ، تحت عنوان "فضاء ملون". لم يتم استعراض وتقديم تلك الأزياء الفلكلورية الجميلة من خلال عرض أزياء، وانما من خلال عرض فني راقص.



يستغرق الأمر دقيقتين على الأكثر في عروض الأزياء لتوضيح شكل الزي ، وهو وقت قصير جدا لاستيعاب كل جماليات الزي الذي يتم عرضه. ربما كان ذلك أمرا عاديا وكافيا بالنسبة للأزياء الغربية، ولكن بالنسبه للأزياء الكورية التقليدية بكل ما فيها من سحر فإن الأمر يحتاج لوقت أكثر، خاصة وأن الهانبوك الكوري يتميز بالكثير من الألوان والخطوط والنقوش التي تحتاج للتأمل . أي زي يمكن أن يكون مجرد قطعة ملابس، لكنه يمكن أن يكون عالما بأكمله من خلال تقديم عرض فني جذاب . كان ذلك العرض الفني الخاص بالأزياء الفنيه الكورية التقليدية هو نتاج عملية تفاعليه بين راقصين وراقصات وفرقة فلكلورية فنية متخصصة تسمى "كوانغ ديه 광대". وكان العرض يدور حول فتاة صغيرة ترتدي فستان هانبوك وتلتقي مع فرقة من المهرجين الذين يعلمونها أشياء كانت خافية عليها حول جمال الزي الكوري التقليدي هانبوك . وكان المهرجون يعلمونها كيف تمشي بأناقة وهي ترتدي الهانبوك الجميل. يتحول المسرح الى باقات ملونة ، حيث تتدفق الأضواء في جنبات المسرح وتتحرك الراقصات المبدعات بخطوات رشيقة وهن يرتدين الهانبوك، كفراشات تطير في الجو. تداخل الأضواء الملونة وانعكاساتها على الهانبوك يعطي المسرح توهجا لا حد له وتنتهي الرقصة البديعة التي شاركت فيها فرقة المهرجين مع راقصات الهانبوك لكنها تبقى لوحة حية في ذهن كل من شاهدها. ومن المؤكد ان ذلك كان نتاجا لتعاون فني فريد .
وتجاوبا مع فرقة المهرجين، بدأ أفراد الجمهور بالتلويح بقطع من قماش الهانبوك التي كانت قد اعطيت لكل واحد منهم عند الدخول. ويغطي بعض افراد الجمهور رؤوسهم ووجوههم بقطع من قماش الهانبوك بينما يلوح بها آخرون كأعلام ورايات .
كان الهانبوك هو البطل الحقيقي في ذلك العمل الفني المسرحي، رغم انه كان بمثابة عمل هجين بين الرقص التقليدي والحديث وعرض الأزياء وفنون الفيديو وفنون النقر وغيرها من الفنون التقليدية الموسيقية. وبالنظر لرد الفعل الجماهيري المدهش يمكن القول بأن "فضاء ملون" كان عملا سيبقى دوما في ذاكرة كل من شاهده . فنان البوب الكوري الشهير "رين" قدم أحدث أغانيه في البرنامج التلفزيوني "ميوزيك بانك" في الـ17 من يناير الماضي وهي أغنية "لا سونغ" التي تجاوب معها بعض جماهيره لدرجة الجنون . في ذلك العرض لم يكن رين هو ذلك الفتى الجذاب الوسيم والأنيق ، وانما كان يرتدي زيا وبتسريحة شعر في شكل موضة قديمة تعود الى ستينات القرن الماضي. وكان الشيء الوحيد الذي يدل على أنه الفنان رين ، هو علامة القبلة المطبوعة التي على خده الأيسر وبمجرد بدء أغنيته، صرخ رين معلنا عن شريكه الغنائي ، وهو فنان البوب الكوري الشهير القديم "تيه جينا 태진아".
وبتصفيف شعر مميز ومعطف من الفراء ، ظهر الفنان "تيه جينا 태진아" بصحبة رين ، وشرعا في الغناء معا بمنتهى الانسجام. وقد وضع الفنان "تيه" علامة قُبلة على خده الأيمن لتتسق مع العلامة الموجودة على خد رين الأيسر . ثنائي بارع يبلغ عمر أحدهما أكثر من ضعف عمر الآخر، لكنهما قدما عرضا رشيقا أعجب كل الأجيال. تصوير أغنية "لا سونغ" من أداء "رين" و"تيه" في فيديو. وتم التصوير في الأصل من خلال أداء كل واحد منهما في زمانين ومكانين منفصلين، ثم تم بعد ذلك دمج وإصدار الأغنيه في فيديو واحد. أحدث هذا الفيديو منذ البداية ضجة كبيرة ووجد تجاوبا هائلا من معجبي الفنانيْن ، خاصة بعد أن تم بثه تلفزيونيا، أغنية جمعت بين أسلوبين مختلفين تماما ، لكن النتيجة كانت مدهشة ، وتتويجا لتعاون فني عظيم أخرج الفنان الشاب رين من اختفائه الذي دام بضع سنوات وأعاده لجمهوره بأجمل ما يكون ، حسب رأي الكثيرين . نمطان فنيان مختلفان توحدا فكانت النتيجة مدهشة. فكرة الدمج بين فنان شاب وفنان قديم كانت فكره جديدة من نوعها . كان لقاء قمة جميلا ، وكانت النتيجة مدهشة ، والقليل جدا توقع أن يحقق هذا اللقاء كل ذلك النجاح .



التعاون الفني ظل يجري في العادة على أسس فنية متعددة من حيث التصنيف، لكن التصنيف على أساس الجيل هو أمر جديد. فبالإضافة لـ"رين" و"تيه" ، هناك عمل فني آخر يجمع بين الفنان التقليدي "شين سُنغ هون 신승훈" وفرقة الهيب هوب "ديناميك ديو" ، في لقاء تسبب أيضا في إدهاش الكثيرين .
كانت تلك اغنية "هاللو" من أداء فنان البوب الكوري النجم "جو يونغ بيل" في ألبومه الذي أصدره في ابريل من العام الماضي وقد صادف نجاحيْن ، نجاحا تمثل في عودته لدائرة الضوء بعد اختفاء دام لـ10 سنوات ، أما النجاح الثاني فقد كان في ذلك التعاون الفني البديع. أدت الفنانه الشابه "آي يو" اغنية جديدة بعنوان "فلنمشي سويا يا حبيبي" مع مطرب قديم في عمر والدها هو "تشيه بيك هو 최백호" . يمكن القول إن سوق أغاني البوب الكورية قد وصلت مرحلة التشبع . لا بد من التجديد والابتكار، وهو أمر ليس سهلا بالطبع. لهذا السبب أطلق الكثير من الفنانين العنان لأفكارهم الإبداعية من أجل ارتياد آفاق فنيه جديدة. ليس من الضروري أن يكون المزج بين مجرد آلات موسيقية مختلفة أو أنماط فنية متنوعة، وإنما بين أشخاص مختلفين واذواق وتجارب مختلفة. في رأيي ، التجديد الحقيقي لا يكون إلا من خلال تمازج حسي وفني بين شخصين مبدعين . تمازج وتواصل يتجاوز الحدود بما في ذلك الحدود بين الأجيال. هكذا يكون التعاون الفني الحقيقي والتمازج الثقافي الذي يولد إبداعا جديدا ومختلفا. وهذا الابداع هو ما يقرب المسافات بين مختلف الأشكال والأنماط الفنية والإبداعية ، وهو ما ظلت تشهده الساحة الفنيه الكورية وكانت نتيجته نجاحات متتالية.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;