كان يا ما كان رجل عجوز لطيف و حكيم. و كان من الرجال الأغنياء و سادة القوم ، عنده بيت كبير و خدم و حشم. كانت لديه نقود كثيرة و ممتلكات عديدة . و لكن من بين هذه الأشياء العديدة التي يملكها, كان عنده إنائين جميلين من السيراميك ذات الوان رائعة . كان يحب هذين الإنائين كثيرا و دائما يشعان بريقا لأنه داءما يحافظ عليهم و يقوم بتنظيفهم و نفض الغبار عنهم .حتي أنه وضعهم في غرفة نومة علي المائدة بجانب السرير حتي يستمتع برؤيتهم المستمرة و حتي يطمئن أنه لا أحد يكسرهم أو يسرقهم منه.
.
و ذات يوم خرج الرجل إلى العمل, وأثناء غيابة دخلت الخادمة العجوز كي تنظف غرفته و ترتب الاشياء فيها و بدات بوضع الماء علي الارض و تنظيفه بقطعة من القماش و لكنها تعثرت و فقدت إتزانها و ترنحت ,و لكنها قبل أن تقع علي الارض مدت يدها بشكل تلقائي و دفعت واحدا من الانائين فطار في الهواء و نزل علي الارض .و ما أن إرتطم بالأرض حتي تحول إلى كومة من الحطام المتناثرة في كل مكان بالغرفة . و هنا أدركت الخادمة العجوز انها هالكة لا محالة . فهي تعرف كم يحب سيدها و يعتز بهذين الانائين غاليا الثمن. و كم أنهم بالنسبة له أهم منها و من كل الخدم في البيت . فأخذت تبكي و تعوي و تندب سوء حظها و قلة حيلتها و تلوم نفسها انها حتي فكرت في الاقتراب من هذين الانائين .
و هنا سمعتها سيدة البيت و زوجة العجوز و كانت عطوفة رقيقة القلب. بعد أن دخلت الغرفة و علمت بسبب بكاء الخادمة و كيف أنها كسرت أحد الإنائين بالخطأ و أنها تبكي خشية عقاب سيدها لدي عودته الي البيت . و هنا قالت الزوجة " لا تحزني ، دعيني أنا اتكلم معه و أهتم بالأمر . لا تقلقي ، سيكون كل شيء علي ما يرام " و لكن الزوجة أيضا تعلم كم يحب زوجها هذين الانائين و كم سيكون غاضبا عندما يرجع الي البيت و يعرف ما حدث
و عندما عاد الرجل و دخل غرفته فلم يجد الا إناء واحد فقط و لا يوجد اي اثر للإناء الأخر . فنادي علي زوجته و سألها ، فردت الزوجة مرتعدة من الخوف " انا آسفة جدا يا زوجي الحبيب و لكني كنت انظف العرفة فوقع الإناء و إنكسر بالخطأ فأرجو منك أن تسامحني ." فجن جنون الرجل و غضب غضبا شديدا و إنهال علي زوجته بالاهانة و السب لإهمالها. و فجاة دخلت الخادمة العجوز و ركعت امام الرجل و إعترفت انها هي من كسرت الإناء السيراميك الثمين عن طريق الخطأ و إنها مستعدة لتلقي اي عقاب لان سيدتها بريئة و الخطأ خطأها وحدها . الا أن هذا لم يهدأ من ثورة الرجل و غضبة الشديد بل ازداد انفعاله و غضبه و أخذ يجوب الغرفة هنا و هناك دون وعي و فجاة توقفت كل الأصوات في الغرفة إلا صوتا واحدا ، و هو صوت إنفجار الإناء الثاني بعد أن حملته و الخادمة العجوز و رطمته بالأرض بكل ما فيها من قوة جعلته فتاتا متناثرة في جميع أرجاء الغرفة. و عندما نظر إليها الرجل العجوز و زوجته إنهالت بكاءا قائلة " أنا أعرف انني هالكة لا محالة بسبب الإناء الاول و لهذا لا أريد أن يقع أحد في المستقبل في نفس خطأي و من ثم ينال عقابا شديدا علي نفس جريمتي . سأموت مرة واحدة سواء أكسرت إناء واحد ام إنائين أم عشرة "، طالما أن الإناء أهم و أغلي من الإنسان
و هنا أدرك الرجل انه مخطأ في ظنه أن الإناء أوأي شيء مهما بلغت قيمته فلا يبلغ قيمة الإنسان . فالإنسان هو أعز و أغلي مخلوقات الله في الارض.