الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

السمكة الخشبية

2017-05-26

لقاء الجمعة

السمكة الخشبية
كان يا ما كان ، كاهن بوذي يعيش في معبد كبير، بعيدا في اعماق الجبال وسط الأشجار الكثيفة و بين أحضان الطبيعة الساحرة .و كان يعيش معه في المعبد بعض طلابه الذين يتعلمون منه التعاليم الروحية ، و يتدربون علي التحكم في النفس و تنميتها و تحسين سلوكهم. ومن بين هؤلاء الطلاب كان هناك طالب عنيد و مشاكس ، لا يستمع لنصائح احد و دائما يفعل ما يشاء . و رغم أن المعلم تكلم معه و حاول تهذيب سلوكه المرة بعد المرة إلا انه دائما ما يعاود الكرة و يقوم بمضايقة زملاءه وتعطيل دروسهم . حتي الحيوانات البريئة لم تسلم من أذاه.

و لا عجب أن اسمه كان : موت-ديرو وهو إسم كوري يعني الشخص للعنيد الذي لا يستمع إلا لنفسه و دائما يفعل ما يريد دون الاستماع لمن هم أكبر منه.
و في يوم من الأيام كان موت-ديرو يلعب في فناء المعبد أمام بركة المياه فرأي سمكة صغيرة تلهو وتلعب في الماء في سلام و أمان فقام بإزعاجها و رميها بالحجارة قائلا لها " ايتها السمكة الغبية كيف تفتحي عينيك دائما حتي و أنت في الماء." و أخذ يقذفها بالحجارة حتي ماتت .

و علم الكاهن بما فعل موت-ديرو و أرسل له و عنفه كثيرا على فعلته و طريقته الوحشية التي قتل بها السمكة البريئة دون ذنب أو جريمة ، إلا أن موت-ديرو لم يشعر بأي ندم أو تأنيب الضمير . فقد كان يضحك في داخله و يقول في نفسه " لماذا كل هذا الدرس الطويل و الكلام الكثير من أجل سمكة غبية لا تضر و لا تنفع ؟ "
و بعد مرو الزمان أصيب موت-ديرو فجأة بمرض مزمنز ولم يمض وقت طويل حتي مات وانتقل إلي العالم السفلي كي يحاسب علي ما فعل في الدنيا و يلقي الثواب علي حسناته ويتحمل العقاب علي سيئاته جزاء مخالفاته و سوء تصرفاته. و قد كان عقابه أن خلق من جديد و لكن هذه المرة علي هيئة سمكة ، و لم تكن سمكة عادية كأي سمكة، و لكن سمكة تحمل جذع شجرة فوق ظهرها. و سبب هذا له كثيرا من العناء و التعب . فقد كان لا يستطيع الحركة كثيرا بسبب ثقل جذع الشجرة و في كثيرا من الأوقات يطفو فوق سطح الماء لا حول له و لا قوة ، فهو لا يستطيع التحكم في حركته.

و ذات يوم ارتطمت الشجرة بقارب فتجمع من هم علي ظهر القارب كي يروا ما هذه الشجرة العجيبة التي ارتطمت بقاربهم و نظر موت-ديرو في وجوه الناس الموجودة و اندهش عندما رأي وجه الكاهن الكبير الذي درسه في المعبد في حياته السابقة . فاضت عينا موت-ديرو بالبكاء عند رؤية الكاهن و لم يستطيع الكلام إلا أنه صرخ في نفسه من شدة الألم و قال " ايها الكاهن ساعدني من فضلك فأنا نادم علي كل ما فعلت من قبل . ارجوك ان تدعو لي كي يخف ألمي و عذابي في حمل هذه السجرة التي تضربها الأمواج يمينا و يسارا دون ان استطع ان افعل لها شيء، أرجوك ، أتوسل إليك " شعر الكاهن بألآم السمكة المسكينة وأحس بالندم في صوتها و قرر أن يساعدها.

عندما رجع الكاهن إلي المعبد أعد طقوسه و إستمر يصلي طوال الليل من أجل السمكة الفقيرة و يدعو لها أن يتغير حالها و أن تخف أحزانها و تشفي من عقابها . ثم نام و في حلمه رأي رؤية في منامه و هي السمكة قد تحولت إلي شاب مرة أخري خف عنها جمل الشجرة . و طلب الشاب من الكاهن أن يأخذ الشجرة و يقطعها علي شكل سمكة و يعلقها في المعبد حتي تكون درس و عظة لكل الطلاب عندما يعرفون قصتها و قصة موت-ديرو. ومنذ ذلك اليوم و توجد أسماك كبيرة مصنوعة من الخشب ومعلقة في أركان المعابد الكورية . و يقال ان موك توك و هي الاداة التي يمسكها الكاهن و يضربها لتحدث صوت جميل يساعده في التأمل و التفكر الروحاني هي نسخة مصغرة من هذه السمكة الخشبية . و هنا تنتهي حكاية اليوم التي تعلمنا منها أنه يجب معاقبة المرء عند خطأه و لكن أيضا لابد من التسامح اذا ندم المرء و أعترف بذنبه .

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;