كان ياما كان، حطاب فقير يعيش مع أمه العجوز في قرية جبلية نائية. و ذات يوم ذهب الحطاب إلى الجبل و معه فأسه القديم لجمع بعض الحطب للوقود. و قضى النهار كله يقطع الأشجار و يرصها و يحزمها. عندما أوشكت الشمس على الغروب و بدأ لونها يتغير بين الحمرة و الصفرة . قرر الحطاب أم يحمل حزمته و يرجع بها إلى بيته. و في طريق عودته من الغابة وسط الأشجار الكثيفة سمع صوت صراع ممزوج بأنين مؤلم و صراخ شديد. اقترب الحطاب من مكان صدور الصوت ففجع من المنظر حتى أنه سقط على ظهره . رأى الحطاب أمامه نمرا ضخما مستلقيا على الأرض يتأوه من شدة الألم و فمه المفتوح مغطي بالدماء و يتدلى من حلقه شيء طويل و أبيض يبدو و كأنه عظمة حيوان ما افترسه النمر.
بسرعة و بدون تفكير شرع الحطاب في الجري و الهروب بعيدا عن هذا النمر تقوده فطرة الإنسان في الهروب من الخطر و التمسك بالحياة . و لكنه توقف فجأة حين التقت عيناه بعين النمر الحزينة المتألمة التي تبدو و كأنها تترجاه و تتوسل إليه أن يساعده و يخلصه من ألمه.
رجع الحطاب مرة أخرى و اقترب من النمر بحذر شديد و حيطة. و حينما تأكد من أن النمر لا حول له و لا قوة وضع يدية في فم النمر و رفق و قوة انتزع العظمة العالقة في فمه. و قبل أن يلتفت النمر و يلفظ نفس آخر . هرع الحطاب يجري بعيدا عن النمر حتى وصل إلى بيته و أغلق بابه خلفه. و هنا تذكر أنه ترك خلفه حزمة الحطب التي عمل من أجلها طيلة النهار. حمد الحطاب ربه على النجاة و خلد إلى النوم.
في الصباح فوجئ الحطاب بحزمة كبيرة من الحطب أمام بيته. و من ذلك اليوم و الحطاب يجد حزمة حطب أمام باب البيت كل صباح و في البداية كان حائرا لا يعرف من يحضر إليه كل ذلك الحطب حتى رأى نمر ضخم يحمل حزمة الحطب في فمه و يلقيها أمام الباب و لم يكن إلا ذلك النمر الذي ساعده الحطاب من قبل. و في يوم من الأيام سمع النمر أم الحطاب العجوز و هي تقول له " يا ولدي ، الأن و قد ربحت تجارة الحطب و عندنا ما يكفي من المال ، لماذا لا يبحث عن عروسة و تتزوج و تنجب لي حفيدا يسعد قلبي ؟ " في صباح اليوم التالي فوجئ الحطاب بشابة صغيرة مغشي عليها أمام باب بيته. حملها إلى البيت واعتنى بها و أمه حتى تعافت و حكت لهم قصتها و أنها بنت رجل غني في القرية المجاورة و أن نمر ضخم هاجم بيتهم و خطفها.
أخذها الحطاب إلى بيت أبيها و حكى لهم قصته مع النمر. عجب الأب من القصة و قال " أظن أن النمر سمع أمنية أمك العجوز و أظن أنك و بنتي مقدر لكما أن تصبحا زوجين. و أنا أباركم و أبارك هذا الزواج. و عاش الزوجان في سعادة و هناء بفضل النمر الممتن الذي حفظ الجميل.