"بشكل سري وعظيم" ، هو اسم لفيلم كرتون كوري عن جاسوس كوري شمالي جيد التدريب يستطيع التسلل والتجسس داخل كوريا الجنوبية متخفيا في شكل درويش قروي ساذج.
ويكتسب الفيلم مزيدا من الإثارة والتشويق بظهور شخصيتين لجاسوسين آخرين متخفيين في شكل نجم موسيقي وطالب جامعي. ورغم أن الشخصيات الثلاثة مرسلة من قبل المخابرات الكورية الشمالية لجمع المعلومات في كوريا الجنوبية، إلا أنه لم يتم تكليفهم بالقيام بمهمة محددة ، ولكن تصدر لهم تعليمات بعد ذلك من قبل رؤسائهم بقتل أنفسهم. رفض الجواسيس الشبان الثلاثة تنفيذ تلك الأوامر وقرروا العصيان ومواجهة الرسول الذي بعث إليهم من قِبل قيادتهم في الشمال. حقق ذلك الفيلم المثير والحافل بالمغامرات الذي يقوم ببطولته ثلاثة من النجوم الشباب ، نجاحا مدويا في كل دور السينما التي عُرض فيها. وقد بلغ عدد مشاهديه في فترة قصيرة أكثر من سبعة ملايين مشاهد. بجانب قوة القصة والحبكة المثيرة وتألق الممثلين الشباب، كان هناك سبب آخر لذلك النجاح الكبير. فالفيلم مقتبس من قصة كرتونية عُرضت في وقت سابق على الإنترنت وحققت درجات مشاهدة عالية.
القصة الكرتونية "بشكل سري وعظيم " تم عرضها في موقع إلكتروني كوري قبل أربع سنوات ، وهو من تأليف فنان كرتون معروف في الفضاء الإلكتروني باسمه الرمزي "هون" . قصة "بشكل سري وعظيم" لم تكن الأولى التي تتحول إلى فيلم سينمائي وتحقق نجاحا مدهشا.
هناك في الواقع أكثر من عشرة أفلام سينمائية ناجحة تم اقتباسها من قصص كرتونية جرى عرضها في مواقع إلكترونية، منها "القبضة الأسطورية" و"26 عاما" و"أهلا بالتلميذة" و"موس". ولم يأت ذلك النجاح من فراغ، وإنما كان مؤسسا على حب الجمهور الكوري للقصص الكرتونية التي تعرض على الإنترنت.



ويبتونس WEBTONS مصطلح إنجليزي يجمع بين مقطعين ، هما : "تون" ، أي نصف كلمة كرتون ، و"ويب" أي شبكة الإنترنت. وقد ظهر المصطلح لأول مرة في منتصف التسعينيات عندما بدأت ظاهرة قصص الكرتون الكورية تنتشر بشكل كبير. وكانت تلك الظاهرة ناتجة عن الانتشار السريع لتقنيات المعلومات والاتصالات في كوريا. أيضا فإن انتشار الهواتف الذكية بشكل سريع أدى بدوره إلى زيادة انتشار تلك الظاهرة. وحسب مسح أجرته مؤسسة "كيه تي" للاتصالات ، فإن واحدا من كل خمسة من مستعملي الهواتف الذكية يقرؤون قصص الكرتون على الإنترنت .
توسع وانتشار شبكة الإنترنت أعاق بالتأكيد حركة وصناعة النشر التقليدي. لكن الويبتونس ساعدت على خلق محتويات ثقافية جديدة نتيجة لسرعة تقنية الاتصالات.
الزيادة المضطردة لأعداد المعجبين بالويبتونس دليل على السرعة التي تم بها ذلك على شبكة الإنترنت. وسوق الكرتون الرقمية تنمو بوتيرة سنوية متسارعة تبلغ 19% ، حتى إن الويبتونس بدأت تسير في طريقها نحو التحول لثقافة تقليدية جماهيرية ، مثلها مثل الألعاب الإلكترونية والسينما والكتب والموسيقي وكل المحتويات الإلكترونية الأخرى.
منذ الـ27 من مايو الماضي، تقوم المكتبة القومية الكورية بتنظيم معرض للويبتونس تحت اسم "كل الويبتونس". ويعتقد الكثيرون أن الويبتونس هي التي ستغذي الموجة الكورية القادمة "هاليو" بسبب ما تجده من تجاوب وتفاعل شعبي.
الأقسام الستة التي يتكون منها المعرض هي : قسم "القصص المتفتحة"، الذي يوضح تاريخ تطور الويبتونس ، وقسم "مرآة الزمن " وهو عبارة عن مائة ويبتون مختارة، وقسم "ازدهار ثقافة الويبتونس" ، وقسم "قوة الويبتونس " ، وهما يوضحان القيم الثقافية والموضوعية للكرتون الرقمي، ثم قسم "كتّاب الويبتونس" وقسم "المستقبل الحالم للويبتونس" .
ومع نشوء شركات ومحطات إلكترونية كبرى بدأ فنانو ومبدعو الرسوم الكرتونية في عرض إبداعاتهم في المواقع الخاصة بتلك الشركات الكبرى ، ومن هنا بدأ ظهور جيل جديد من هؤلاء الفنانين ، من بينهم "لي جونغ بوم" ناشر الويبتون الشهير "دكتور فروست" في بوابة نيفر.



من أجل الظهور كفنان في الظروف التي تعيشها صناعة الكرتون في الوقت الحاضر لا بد للفنان من أن يتمتع بموهبة الرسم الجيد وان يكون قادرا على ابتكار أفكار جديدة ومقنعة ومتماسكة. ورغم وجود كل تلك المواهب لدى الكثير من رسامي الكرتون، إلا أن عدد الناشرين محدود جدا ، مما يجعل فرص هؤلاء الفنانين الشباب محدودة كذلك.
إذن فالويبتونس كانت فاتحة خير للفنانين الواعدين الشباب الحالمين بالشهرة والنجاح. لكن ردود الفعل المباشرة من الجمهور والقراء ، والتي قد تتضمن تعليقات قاسية وجارحة بسبب طبيعة الناحية التفاعلية المباشرة لتلك المواقع الإلكترونية ، هي سلاح ذو حدين. فكما يمكن لها أن تكون أداة للتشجيع ورفع للمعنويات، يمكن أيضا أن تقتل طموحات الفنان الناشئ .
ظل الفنان "لي جونغ بوم" تحت تأثير الشد العصبي وفي غاية التوتر، وهو على موعد مع لقاء يومي متكرر مع جماهيره. لكنه مع كل ذلك التوتر كان يحرص على المواجهة، وهو أول فنان كرتون يقدم محاضرة في معرض ومهرجان للويبتونس في المكتبة القومية الكورية.



المعارض بالنسبة لفناني الكرتون الإلكتروني هي فرص لشرح أفكارهم ورؤاهم الجديدة للجماهير.
بلغت صناعة رسوم الكرتون في أمريكا ذروتها من خلال كتب الكوميك ، ووصلت صناعة الكرتون اليابانية إلى القمة من خلال تفرد وقوة تأثير ثقافة الـ"مانغا" ، والآن جاء الدور على كوريا لكي تظهر تفوقها وتفردها في هذا المجال من خلال الويبتونس.