الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

نام هان سان صونغ آخر كنز تراثي ثقافي كوري تابع لمنظمة اليونسكو

2014-07-22

وقع الاختيار مؤخرا على "نام هان سان صونغ 남한산성" القلعة الجبلية القريبة من العاصمة الكورية سيول لتكون ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وذلك خلال الاجتماع الـ38 للجنة المختصة التي انعقدت في الدوحة عاصمة قطر يوم الـ22 من شهر يونيو الماضي.



"نام هان سان صونغ" هي الكنز الكوري الثقافي الـ11 الذي وقع الاختيار عليه ليكون ضمن قائمة التراث العالمي بجانب كل من: كهف "صوك كورام 석굴암"، و"معبد بول غوك سا 불국사"، و"معبد هيه أين سا 해인사"، و"معبد جانغ كيونغ بان جون 장경판전" الذي يحتوي على ألواح تريبيتاكا كوريانا الخشبية، و"معبد جونغ ميو 종묘"، و"قصر تشانغ دوك 창덕궁"، و"قلعة هوا صونغ 화성" في سو وان، والمناطق التاريخية في مدينة كيونغ جو 경주، ومواقع الأضرحة القديمة : "كو تشانغ 고창"، و"هوا سون 화순"، وكانغ هوا 강화"، والقريتين التاريخيتين "ها هوي 하회" و"يانغ دونغ 양동"، وجزيرة جيجو البركانية وأنابيبها البركانية، والأضرحة الملكية التابعة لمملكة جوسون.
تم تشييد قلعة "نام هان سان صونغ" في الماضي كحصن للدفاع عن عاصمة مملكة جوسون، لكنها أيضا ظلت تذكر دوما كموقع للهزيمة الساحقة والمذلة التي تعرضت لها المملكة بعد مجد دام لأكثر من خمسمائة عام، عندما اجتاحتها جحافل الجيش المنشوري التابع لمملكة "كينغ"، والبالغ قوامه مائة ألف جندي، بعد أن نجح في عبور نهر يالو ليغزو المملكة في ديسمبر من عام 1636. كان الملك "إين جو" قد هرب وقتها مع أتباعه ليحتمي بالقلعة التي حاصرها العدو، ولم يكن داخلها من المؤن ما يكفي لأكثر من خمسين يوما خلال شتاء قارص شديد البرودة. حاول الملك وحاشيته الصمود والمقاومة رغم اشتداد وتوالي القصف المستمر من قبل القوات المحاصرة، مما أوهن عزيمة القوات المختبئة داخل القلعة. ولم يكن وضع القوات الملكية الأخرى المرابطة خارج القلعة أفضل حالا، حيث كانوا هم كذلك عرضة للقصف الشديد والبرد والصقيع القاسي. ومن ثم، لم يكن أمام الملك "إين جو" سوى اتخاذ أسوأ وأصعب قرار في حياته عندما قرر الاستسلام والخضوع لإمبراطور مملكة "كينغ" وجيشه الغازي وانحنى أمامه ثلاثة مرات في حادثة اعتبرت دوما ذروة الإذلال الذي تعرضت له القوات الكورية في التاريخ، وهي حادثة تعرف باسم "سام جون دو 삼전도".



بعد مضي 377 عاما على تلك الحادثة المذلة، جاء قرار منظمة اليونسكو العالمية بتضمين تلك القلعة في قائمة التراث العالمي.
ومنذ ضمها لقائمة التراث العالمي، ظلت أفواج الزوار والسائحين تتدفق على القلعة بشكل مستمر ومتزايد.
تبدأ الجولة حول القلعة من البوابة الشمالية، وتشمل عدة محطات ووقفات حول سور القلعة الخارجي.
هناك العديد من الأسوار المختلفة والمتنوعة المحيطة بالقلعة. السور الأصلي "وان صونغ 원성" يمتد لثمانية كيلومترات. أما السور الخارجي "أوي صونغ 외성" فقد تم بناؤه بعد الغزو المنشوري خلال عهد الملك "إين جو". السور الأصلي تم إنشاؤه لحماية البوابة الرئيسية للقلعة وهو يتكون من خمسة أقسام.
التحصين القوي والمحكم الذي تتمتع به القلعة، والذي كان على أساس تقني دفاعي نموذجي هندسي متطور، كان تحفة من تحف ذلك العصر وهو ما جعله مستحقا بكل المعايير لأن يصبح جزءا من التراث العالمي.
تقف قلعة "نام هان سان صونغ" فوق تضاريس جبلية وعرة، ويبلغ ارتفاعها خمسمائة متر فوق سطح البحر، وتمتد جدرانها الرئيسة لمسافة تسعة كيلومترات، ويبلغ طول سورها الرئيسي الخارجي 2.7 كيلومتر. أما ارتفاع جدران القلعة فهو منخفض من الداخل وشديد الارتفاع والانحدار من الخارج. وهناك أربع بوابات رئيسية و16 مدخلا سريا. البوابات الرئيسية عادة ما تظل مغلقة كحماية لها من أي تسلل أو اقتحام بواسطة الأعداء، بينما يتم استعمال الأبواب الجانبية لدخول المؤن ومرور الجنود. وتضم القلعة قصرا مؤقتا للملك، وهو أول مقر ملكي مؤقت من نوعه مخصص للطوارئ وحالات الاضطرابات التي تستدعي اختباء الملك وقيادة المقاومة.
لعاصمة مملكة جوسون قصر ملكي في وسط المملكة، وضريح "جونغ ميو" في الشرق، ومذبح "ساجيك دان" في الغرب. نفس هذه التركيبة يمكن مشاهدتها داخل قلعة "نام هان سان صونغ" بشكل آخر مع قليل من الاختلافات. تصميم القلعة يوحي بأنها خططت على أساس أن تكون عاصمة مؤقتة عند اللزوم. وهناك العديد من القلاع والحصون التي تم بناؤها بشكل مشابه للقصور الملكية، ولكن ليس بمثل كل هذه الوظائف التي تتميز بها قلعة "نام هان سان صونغ" التي خطط لها أن تكون عاصمة طوارئ. هناك بعض القلاع الجبلية في دول أخرى يسكنها أشخاص معظمهم من المدنين وليسوا من المسؤولين العسكريين كما هو الحال في "نام هان سان صونغ" التي هي قلعة فريدة من نوعها بكل المعايير العالمية.
فوق الأسوار الداخلية المنخفضة تم بناء سلالم ومدرجات تحتوي على 1940 منفذا لإطلاق النيران من مدافع وبنادق وسهام وقذائف نارية، وهي محصنة بشكل جيد بحيث يصعب على العدو رصدها والتعرف عليها. ووراء الأسوار توجد ثكنات عسكرية، لكن لم يتبق منها سوى آثار قليلة الآن. "نام هان سان صونغ" إذن حصن منيع وقلعة تقف شاهدا على قوة وتطور مملكة جوسون عسكريا ودفاعيا، قبل أن تحل بها الكارثة.
يبدأ السائحون جولتهم من البوابة الشمالية "جون سُنغ مون 전승문"، وهو اسم له معنى خاص .
الاسم أطلقه الملك جونغ جو. كان الغزو المنشوري الثاني قد تم في عز الشتاء. وعندما فرّ سكان مملكة جوسون إلى قلعة "نام هان سان صونغ" واحتموا بها، ترك جيش الغزاة من مملكة كينغ كميات ضخمة من المؤن الغذائية والخيول خارج القلعة. وبعد أن اشتدت بهم وطأة الجوع والبرد لم يجد المحتمون بالقلعة سبيلا سوى الخروج في محاولة للحصول على معونات غذائية وأغطية تقيهم شر البرد، رغم علمهم بأن الخروج من القلعة خطر جدا عليهم. وبالفعل غادر ثلاثمائة جندي على الأقل القلعة لجلب بعض المؤن، لكنهم لم يعودوا لها ثانية.
الاسم "جون سُنغ مون" يعني بوابة النصر، وهو اسم غريب نظرا لما تم من وراء البوابة التي غادرها ثلاثمائة شخص بسبب الجوع وتوجهوا إلى حتفهم. لكن الملك لم يكن يجهل بحقيقة الأمر ولم يطلق الاسم من فراغ، وإنما أراد به تذكير الناس دوما بتلك الكارثة المأسوية، وبأن مملكة جوسون كانت مملكة منتصرة دائما من قبل. وبعد تجاوز البوابة الشمالية، يعبر الزوار أجمل مناطق القلعة حيث يمكن للزائر أن يشاهد من من منطقة عالية المنحدر الشمالي لجبل "آتشا سان" ونهر الهان وهو يتدفق عبر منطقة "نام يانغ جو"، وغيرها من المناطق المتاخمة للقلعة.
المحطة الثانية في الجولة هي "سو أو جانغ ديه 수어장대"، التي كانت مقر القيادة العامة، والتي تقع في أعلى نقطة داخل القلعة. كانت القلعة تضم خمسة نقاط للقيادة، لكن "سو أو جانغ ديه" هي النقطة الوحيدة المتبقية، وكانت في الأصل مبنى من طابق واحد قبل أن تتم إضافة طابق آخر خلال عهد الملك "يونغ جو"، الذي أعاد تسمية هذه النقطة باسم "مو مانغ رو 무망루" أي "لا تنسى أبدا" وذلك حتى لا ينسى الجميع ما تعرض له الملك "إين جو" ومملكته من إذلال على يد الغزاة، وما أصاب ابنه الثاني الذي أخذه الغزاة الصينيون رهينة لمدة 8 أعوام قبل أن يعود ملكا لبلاده باسم الملك "هيو جونغ". وتضم "سو أو جانغ ديه" صخرة كبيرة تسمى صخرة الجنرال، أي على اسم الجنرال الذي قام بتشييد السور الشرقي الأكثر قوة ومناعة من بين كل جدران القلعة، وهو الجنرال "لي هوي 이회".
وبالقرب من "سو أو جانغ ديه" هناك ضريح يسمى "تشونغ ريانغ دانغ 청량당" تم بناؤه تذكارا لمصرع الجنرال "لي" وتخليدا لذكراه. وبالقرب منه يوجد ضريح تذكاري آخر يخص الراهب البوذي "كاك صونغ 각성" .



دافع الجنود البوذيون عن القلعة بضراوة خلال الغزو المنشوري، وقد أظهروا بشكل واضح ونموذجي الكيفية المثلى التي يمكن الدفاع بها عن الأوطان والممتلكات .
بعض أجزاء قلعة "نام هان سان صونغ" لم تستطع الوقوف أمام تأثيرات الزمن، وبعضها تعرض للدمار على أيدي القوات اليابانية خلال غزوها لكوريا، لكن تلك القلعة ظلت فريدة من نوعها طوال الوقت. قلعة "نام هان سان صونغ" كانت حصنا دفاعيا منيعا وعاصمة مؤقتة استعصت على السقوط لأوقات طويلة. ورغم كل الحوادث المريرة التي شهدتها، ها هي في النهاية تصبح كنزا ثقافيا تراثيا عالميا يشار له بالبنان.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;