الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

القائد الأسطوري الكوري الأدميرال "لي سون شين "

2014-08-26

ظاهرة الإعجاب الشديد بالقائد الأسطوري الكوري الأدميرال "لي سون شين 이순신" أثارها عرض فيلم سينمائي حقق إقبالا جماهيريا منقطع النظير، بعنوان "الأمواج الهادرة".
في مثل هذا الوقت من كل عام، وعند بدء موسم الدراسة الخريفي، عادة ما تجد أرفف المكتبات الكبرى في سيول مكدسة بالكتب والمراجع الدراسية. غير أن الأمر هذا العام مختلف نوعا ما، حيث تتصدر أرفف المكتبات كتب من نوع جديد، بسبب الطلب المستمر والمتزايد عليها.



الكثير من المكتبات العامة في كوريا تحرص على تلبية الطلب المتزايد بشكل مدهش للكتب ذات الصلة بالأدميرال لي سون شين وذلك بعد النجاح الهائل الذي وجده الفيلم السينمائي "الأمواج الهادرة"، الذي يتناول المعركة التي انتصر فيها الأدميرال على الأسطول الياباني الضخم والمجهز بالجند والعتاد في مضيق ميونغ ريانغ.
"الأمواج الهادرة" فيلم سينمائي ظل يتجاوز جميع الأرقام القياسية السابقة يوما بعد يوم، فهو أول فيلم سينمائي يبيع أكثر من 680 ألف تذكرة في يوم عرضه الأول، وهو الفيلم السينمائي الذي حقق أكبر دخل في تاريخ السينما الكورية.
ومن المتوقع أن يتجاوز عدد مشاهدي هذا الفيلم السينمائي حاجز العشرين مليون مشاهد في ظاهرة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما الكورية. وحتى يوم الـ21 من شهر أغسطس الجاري بلغ عدد مشاهدي الفيلم 15.5 مليون مشاهد لهذا فمن المؤكد أن وصول العدد إلى أكثر من عشرين مليونا ليس سوى مسألة وقت قصير فقط. وقد بلغ الدخل الذي حققه الفيلم حتى يوم 18 أغسطس أكثر من 107 ملايين دولار. فما هو سبب هذا النجاح منقطع النظير الذي شبهه البعض بالحمى التي اجتاحت المجتمع الكوري؟
المجتمع الكوري تعرض في الفترات الأخيرة لسلسلة من الأحداث المأسوية المؤلمة التي سببت الكثير من الكآبة. الكوريون يتوجسون من بعض الكوارث حتى قبل وقوعها. وفيلم الأمواج الهادرة صوّر الأدميرال لي في صورة البطل والقائد الملهم والحكيم والشجاع القادر على التصدي لكل الأخطار. الإقبال الشعبي الهائل على هذا الفيلم يجسد أمل ورغبة الكوريين في إيجاد قيادة بطولية ملهَمة وحكيمة.
كان الأدميرال لي في هذا الفيلم رمزا وتجسيدا للبطولة والقيادة الواعية والشجاعة والتخطيط السليم.



اندلعت معركة ميونغ ريانغ البحرية في عام 1589 خلال الموجة الثانية من حملات الغزو الياباني لكوريا، وحقق الأدميرال في تلك المعركة نصرا مبينا مؤزرا وهو يقود قوة بحرية متواضعة لا تزيد عن 12 سفينة صغيرة مقارنة بأسطول بحري ياباني ضخم يتكون من 133 سفينة مجهزة وضخمة.
وكان بعض كبار المسؤولين في البلاط الملكي في ذلك الوقت يغارون من الأدميرال لي ويحسدونه على ما كان يحقق من انتصارات باهرة، ولذلك كانوا يحاولون إخفاء تلك الانتصارات والتقليل من شأنها، بل لجأ بعضهم لاتهامه بالخيانة، وبالتالي تم عزله من رتبته العليا إلى رتبة عسكرية أدنى، وجرى استبداله بقائد آخر هو الأدميرال "وان كيون" الذي تلقى بمجرد تعيينه هزيمة ساحقة في أول مواجهة له مع الغزاة اليابانيين الذين سعوا للاستفادة من غياب الأدميرال لي بدخول قواتهم إلى "هان يانغ" عاصمة مملكة جوسون، ولم يكن أمام البلاط الملكي الكوري سوى إعادة تعيين الأدميرال لي وتوليته القيادة من جديد كقائد للأسطول الكوري.
ورغم أنه كان قد تعرض للظلم من الملك نفسه ومن عدد من كبار أعوان الملك، إلا أنه وافق على التكليف من جديد، وقاد أسطوله لأعماق البحر بدافع من حبه لبلاده وشعوره بأن مسؤوليته تحتم عليه الدفاع عن الوطن مهما كان حجم ما تعرض له من ظلم شخصي.وكان كل ما وجده بعد تولي القيادة من جديد هو قوات محطمة المعنويات وشعب مرعوب واثنتي عشرة سفينة متهالكة.
ومما زاد الطين بلة تعرّض آخر سفينة من طراز السلحفاة للحريق. وقد تملك الكثيرون الخوف عند سريان شائعات مفادها أن القرصان الشرس المرعب "ميتشي هوزا كوروجيما" هو الذي يقود الأسطول الياباني المتجه نحو مملكة جوسون.
لكن كل ذلك لم يوهن من عزيمة الأدميرال لي الذي عكف على وضع خطة ملائمة لمواجهة الموقف بكل تعقيداته وظروفه، حسبما جاء شرح في دفتر يومياته الحربية.
يقول الأدميرال لي: "الخامس عشر من شهر سبتمبر 1597 . تقول الاستراتيجية العسكرية إنك إذا أردت الحياة فاسع إلى الموت. وجندي واحد يدافع عن نقطة استراتيجية محددة قادر على أن يخيف جيشا قوامه ألف جندي". هذا هو المطلوب منا الآن".
هكذا قرر الأدميرال لي أن يخوض معركة بحرية كبرى بقوة صغيرة لا تتعدى 12 سفينة ضد أسطول ضخم العدة والعتاد، قوامه ثلاثمائة وثلاثون سفينة مجهزة، وكان مصمما على النصر. على ماذا كان يستند الأدميرال يا ترى؟ بحثنا عن الإجابة عند الممثل "تشيه مين شيك" الذي لعب دور الأدميرال لي، وهو يقول إنه كان الدور الأصعب بالنسبة له في كل تاريخه السينمائي.
الجميع تقريبا يعتبرون الأدميرال لي بطلا صنديدا، لكن من المؤكد أنه كان يعاني من بعض الوحدة أحيانا. والحياة الشخصية التي عاشها بعد معركة ميونغ ريانغ تظهر عمق تلك الوحدة. أستاذ التاريخ "سول مين سوك" من بين الذين توصلوا لهذا الاستنتاج.
اتخذت حياته الشخصية شكلا مأسويا في وقت ما، ولم يكن الجانب العسكري القتالي أفضل حالا. لكن رغم كل ذلك تحامل الأدميرال الجريح على نفسه وقرر أن يمسك بزمام القيادة ويبدأ في دراسة الموقف العسكري ويخطط لمعركته القادمة. ترددت 11 سفينة من سفن أسطوله المكون من 12 سفينة فقط في اتباعه نحو ما اعتبره الجميع مصيرا أسود بشكل محتوم. لكن ملامح النصر بدأت تتضح سريعا وفي زمن قياسي لم يزد عن ثماني ساعات فقط، بل وتمكن من حسم المعركة دون أن يخسر أي سفينة من أسطوله الصغير. لهذا لم يكن من المستغرب أن يصبح اسم الأدميرال لي مثيرا للفزع والخوف لدى الأسطول الياباني.
الأدميرال لي كان قائدا عسكريا لا يعرف الخوف وشخصية مرموقة ومؤهلة بشكل
كان الأدميرال لي شهابا من الأمل أضاء دروب الأسطول الكوري والقوات البحرية رغم كل الأمواج الهادرة والتيارات البحرية المزمجرة والعواصف والأعاصير.
معركة ميونغ ريانغ مسجلة كمعركة بحرية نموذجية ضمن أشهر المعارك في العالم. وكوريا التي شهدت قبل بضعة أشهر كارثة غرق السفينة سيه وول أرادت أن تداوي بعضا من تلك الأحزان باستلهام سيرة الأدميرال لي سون شين.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;