أكثر المسلسلات التلفزيونية رواجا وشعبية هذه الأيام هو "مي سينغ 미생" أو "حياة ناقصة" وهو عن شاب يعمل وفق عقد عمل مؤقت لمدة عامين في شركة تجارية كبرى، وذلك بعد فشله في أن يصبح لاعب "بادوك 바둑" محترفا. ويستعرض المسلسل البيئة الصعبة والقاسية للعمل داخل الشركة والشخصيات المتنوعة داخلها وما يدور فيها من مؤامرات وقصص متفردة، وهذا هو سبب كل ذلك الرواج والشعبية التي وجدها المسلسل التلفزيوني.



النص الأصلي للويبتون "مي سينغ" كتبه "يون تيه هو 윤태호". وقد وجد "مي سينغ" رواجا هائلا داخل المكاتب الحكومية وفي مختلف المؤسسات والشركات الكبرى منذ بدء عرضه في 2012.
"مي سينغ" هو تعبير كوري ليس لديه معنى محدد، إذ أنه يصف أي شيء موجود مثل منزل أو حصان أو غيرهما مما لا يكون حيا تماما ولا ميتا بالكامل، وهو على عكس المصطلح الآخر "وان سينغ 완생" الذي يصف الشيء المكتمل الخالي من العيوب. وعندما بدأ في نشر هذا الكرتون، كان الكاتب "يون" يستعرض في كل حلقة مشكلة محددة ويعالجها معالجة استراتيجية محددة، بحيث تمثل درسا مهما في الحياة. وقد أراد أن يقول إن حياتنا هي أشبه بحياة "مي سينغ" أي أنها عبارة عن مساعٍ ومحاولات متكررة للوصول لحياة "وان سينغ". وقد بلغ عدد مرات مشاهدة الويبتون "مي سينغ" أكثر من مليار مرة، حتى تحول أخيرا إلى مسلسل تلفزيوني.
أكثر المسلسلات التلفزيونية في الماضي كانت تدور حول موضوعات عاطفية ورومانسية وعن المشكلات الاجتماعية المعروفة من أسرار وخيانات وخلافات زوجية وغيرها. وبسبب تكرر هذه الموضوعات، يبدو أن الكثيرين قد سئموا منها وملّوها وبحثوا عن التغيير الذي وجدوه في أعمال الويبتون على الإنترنت. وهكذا ظهرت مؤخرا العديد من الأفلام السينمائية المقتبسة من أعمال الويبتون.
فيلم "إيكي 이끼" أي "الطحلب، مقتبس من عمل ويبتون آخر للفنان "يون تيه هو 윤태호" وقد وجد أيضا رواجا كبيرا لدى عرضه في عام 2010.
" 26 عاما" هو عمل ويبتون للفنان "كانغ فول 강풀" تحول إلى فيلم سينمائي في عام 2012.
كما أن فيلم "بشكل سري وعظيم" هو فيلم آخر ظهر في العام الماضي وشاهده أكثر من سبعة ملايين مشاهد في فترة وجيزة وحقق نجاحا منقطع النظير، وأعقبته أفلام مماثلة مثل "ملك الموضة"، وكلها مبنية على أعمال ويبتون.
وبسبب النجاح الهائل الذي حققته هذه الأفلام المقتبسة من أعمال ويبتون، تم إنتاج العديد من المسلسلات المقتبسة أيضا من أعمال ويبتون، لتجد هي الأخرى الكثير من التجاوب الجماهيري.
"ميري تقضي الليل بأكمله خارج المنزل" هو مسلسل كوميدي رومانسي مقتبس من عمل ويبتون تم عرضه بواسطة كي بي إس عام 2010.
بطلة المسلسل "وي ميري" شخصية ساذجة ليس لها أي تجربة في مجال الحب، وفجأة تجد نفسها متورطة تماما في علاقة غرامية مع شابين، أحدهما مطرب جذاب، والآخر جنتلمان متعدد الصفات.
أما الويبتون الذي وجد شعبية متزايدة "رجل جميل" والذي تم بثه بواسطة كي بي إس في الشتاء الماضي، فهو مقتبس من عمل ويبتون بنفس الاسم، وهو عن رجل شديد الوسامة يدعى "دوكّو ما تيه 독고마태" يستغل وسامته من أجل الإيقاع بالنساء الثريات وابتزازهن. غير إن واحدة من تلك العلاقات الغرامية حولته إلى رجل محترم.



وهناك مسلسل تلفزيوني آخر يجد إقبالا جماهيريا متعاظما بعنوان "دكتور فروست" وهو عن محلل نفسي متخصص في تحليل الجرائم وتشخيص أسبابها. وهكذا نجد أن أعمال الويبتون كانت سبب ظهور العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية الناجحة. ولا بد أن من بين أسباب ذلك النجاح ظهور وتميز عدد من الفنانين الموهوبين في مجال الكتابة والإبداع الإلكتروني.
الفنان "لي جونغ بوم 이종범" مؤلف "دكتور فروست" متخصص في علم النفس، وقد نجح في استغلال معارفه الأكاديمية من أجل كتابة عمل إبداعي حول طبيب نفسي موهوب ووسيم يستعمل خبراته وقدراته العلمية من أجل كشف غموض بعض الجرائم الخطيرة. ويقول لي إن توظيف المعارف العلمية فنيا وإبداعيا شيء مطلوب.
كتابة مسلسل عن عالم نفساني لا يتطلب مجرد معرفة بطبيعة المجال وإنما يقتضي بحوثا متعمقة ودراسة نظرية وعملية وميدانية لقضايا وتجارب متعددة حتى يخرج العمل مكتملا ومقنعا. مجرد دراسة علم النفس حتى على المستوى الجامعي قد لا يكون كافيا. لذلك وجد الكاتب نفسه غائصا حتى أذنيه من أجل إعداد كل المادة اللازمة لكتابة المسلسل، من قراءات ومراجعات ولقاءات وحوارات مع خبراء ومهنيين متخصصين في مجال علم النفس.
أما "يون تيه هو 윤태호" مؤلف الويبتون "مي سينغ" فليس لديه تجربة شخصية في الأعمال المكتبية، ولذلك فقد اعتمد على حكايات سماعية من أصدقائه، أو على قراءات في الصحف والمجلات، وبعض المصادر الأخرى.
"يون تيه هو" نجح في تصوير حكايات وأحداث داخل شركات لم يدخلها في حياته. وقد كتب كل ذلك بتفاصيل مدهشة وبتصوير مذهل اعتمادا على مجرد حكايات شفوية منقولة من أشخاص عاشوا تلك الأجواء. وقد كتبها بأسلوب وشكل جعل كل موظف يشعر بأنه هو المقصود، وأن مسرح الحكاية هو مكتبه. وكل ذلك جعل الكثيرين، خاصة من العاملين في المكاتب والمؤسسات والشركات، يحرصون على مشاهدة ذلك المسلسل التلفزيوني.
ومن أجل نجاح عمل ويبتون يتحول لمسلسل تلفزيوني، لا بد من وجود طاقم ممثلين مناسب لشخصيات العمل الفني الأصلي. اختيار كل أبطال وبطلات مسلسل "مي سينغ" كان موفقا جدا، وقد أدوا أدوارهم بشكل مقارب جدا لما في الويبتون الأصلي من حيث الشكل والمضمون، وبطريقة نالت إعجاب وترحيب المشاهدين.
وعادة ما يرتبط المشاهد نفسيا ووجدانيا بالممثل في المواقف المختلفة عند الضحك والفرح، أو عند الحزن والبكاء، وهو ما فعله مسلسل "مي سينغ".
أعمال ويبتون تطورت من أعمال كرتونية بسيطة ومسلية داخل الفضاء الإلكتروني إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية ذات شعبية هائلة، فيما أصبح ظاهرة فنية مؤثرة وجذابة للجميع ومن كل الأجيال ووسط كل القطاعات الاجتماعية.