الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الحافلة الموسيقية "سين تشون بلاي باص

2014-12-16

في يوم السبت من كل أسبوع، وتحديدا في فترة ما بعد الظهيرة، يتم تنظيم حفل موسيقي في ساحة "ستار بلازا" في شارع يونسيه في غرب سيول. وهذا الحفل لا يجري على خشبة مسرح عادي، وإنما داخل حافلة من طابقيْن.



الشكل الخارجي للحافلة الحمراء الواقفة في ساحة ستار بلازا شبيهة بأوتوبيس يرتدي سماعتيّ رأس ويستمع للموسيقى، ومدخل الأوتوبيس مصمم على شكل شريط كاسيت. وهذا المنظر يثير فضول كل المارة والعابرين كما هو واضح، ويجتذبهم للتوقف لمعرفة ما يدور في الداخل.
وبمجرد أن يبدأ الناس في دخول الحافلة يشاهدون أسطوانات وأشرطة وأقراصا قديمة معلقة على الجدران بجانب عدد من سماعات الرأس التي يطلب منهم ارتداؤها من أجل الاستمتاع بالمقطوعات الموسيقية والغنائية التي يختارونها.
"سين تشون بلاي باص" عبارة عن ستوديو موسيقي متنقل، أنشأته بلدية سيول في تلك الحافلة.
تضم منطقة سين تشون أربع جامعات متميزة، هي "يونسيه" و"إيهوا" النسائية، و"صو كانغ" و"هونغ إيك". والشباب، بكل ما فيهم من طاقة وحيوية وأحلام، هم أكثر من يتجول في الشوارع والطرقات المحيطة بتلك المنطقة نظرا لوجود هذ الجامعات الكبرى، ولذلك فإن كل ركن في تلك المنطقة زاخر بأحلام الشباب وتطلعاته.
أكثر الأزقة في منطقة سين تشون تعج بالحانات والمقاهي التي تنبعث من داخلها الموسيقى الشبابية والغناء الحيوي المعبر عن آمال وأحلام وتطلعات الشباب. وبسبب ما وجدته تلك الحانات والمقاهي من شعبية وانتشار، كان الكثير من الشباب الموهوب والمتطلع للشهرة والنجاح يتسابق لعرض مواهبه ومهاراته الفنية هناك.
التاريخ الموسيقي لـ"نا دُل" تشكّل وانطلق أيضا من سين تشون، وكل محطاته الحياتية المهمة كانت في تلك المنطقة، ومنها حبه الأول واللقاء الأول الذي فجر أحاسيس وعواطف لم يألفها من قبل.
وكانت سين تشون هي موضوع أهم أغنية قدمتها فرقة "المرصد الجوي"، وهي أغنية "أحبها، أحبها"، وهو ما زال يردد تلك الأغنية ويترنم بها في كل الأوقات ويستذكر حكايتها القديمة. كما تكونت فرقة "روك آند رول" في المنطقة باسم "سين تشون بلوز" وقدمت العديد من الأغاني التي تتحدث عما يكنه الشباب لهذه المنطقة من حب.
بعض المحلات ما زالت موجودة حتى اليوم كواحة ورمز للشوق والحنين لتلك الأيام الذهبية الجميلة، ومن بينها محل باسم "مينيرفا" كان ملتقى للعديد من الفنانين والأدباء الشباب.
تأسس مقهى منيرفا في عام 1975، وهو أحد أقدم المقاهي الشعبية في المنطقة، وكان يبيع قهوة مصنوعة من البن الذي يتم سحقه يدويا في المحل نفسه .
كان مقهى مينيرفا يقوم بتجهيز قهوته بطريقة خاصة بالمحل ابتكرها مالك المحل نفسه مما جعل للقهوة مذاقا متميزا ونكهة فريدة. مجرد مشاهدة الكيفية التي كان يتم بها صنع وتجهيز القهوة كان أمرا مثيرا. نفس الطريقة والأسلوب ظل مستمرا في المقهى رغم مرور كل تلك السنوات. كما أن تصميم هذا المقهى من الداخل ما زال كما هو أيضا، مما يشيع الكثير من الذكريات والشجون لرواده.
كان المقهى مقصدا للأدباء الشباب بالذات، حيث كانوا يتبادلون الأفكار والتجارب ويستعرضون الأعمال الأدبية لبعضهم البعض ويناقشونها. مالك المقهى يتذكر تلك الأجواء.
تم تشييد محطة قطارات سين تشون في عام 1920، وهي مصنفة ككنز تراثي يحمل الرقم 136، وهي كذلك رمز للتاريخ القديم .
تم إنشاء مبنى جديد بدال من محطة سين تشون القديمة في عام 2006. القطار القديم الذي كان يربط بين سيول وإيل سان وباجو ومون سان تم تحويله وربطه بشبكة قطارات مترو الأنفاق في عام 2009. محطة سين تشون القديمة صارت الآن مركزا إعلاميا سياحيا ومركزا اجتماعيا محليا لسكان المنطقة.
سين تشون كانت رمزا للشباب والحيوية والموسيقى، ولكن مع التحولات التي اعترت الجامعات من الناحية العددية والنوعية، ومع تغير اهتمامات وممارسات وأولويات الطلاب الجامعيين أنفسهم، بدأت المنطقة تفقد بريقها وطابعها الرومانسي القديم وخصوصيتها السابقة. وربما كان ذلك هو السبب الرئيسي في إنشاء الحافلة الموسيقية في سين تشون، حيث جاءت بهدف المحافظة على ذلك التراث الثقافي القديم والسعي لإحيائه من جديد قبل اندثاره.
حافلة "سين تشون بلاي باص" مقسمة إلى ثلاثة أجزاء. الجزء الأول هو مكتب الاستعلامات تحت اسم "مرحبا بكم في سين تشون"، وهو مصمم على شكل شريط كاسيت ومجاور لبوابة الدخول. ويمكن هنا الاستفسار عما يريده الزائر، وأن يطلب ما يشاء من أشرطة موسيقية يود الاستماع إليها.
الجزء الثاني خاص بموسيقى سين تشون، وهو مجهز بكل الأدوات والأجهزة والآلات الموسيقية اللازمة. ويمكن هنا للزائر الاستماع لكل أنواع وأنماط الموسيقى والبرامج الموسيقية الخاصة بسين تشون. وهناك عدد كبير من الأسطوانات والأشرطة والأقراص الإلكترونية مع معلومات وبيانات مفصلة عن الأغنية والمغني، وهو ما يعد فرصة ممتازة لاستعادة الأشواق والذكريات القديمة. هذا القسم يمثل جسرا يربط بين الماضي والحاضر، وبين القديم والجديد. ولذلك فإن هواة ومحترفي الموسيقى يجدون ضالتهم في هذا القسم.



"سين تشون بلاي باص" مَعلم سياحي جديد في منطقة سين تشون، ينتقل بالزائرين عبر الزمن في رحلة مثيرة وشيقة من الذكريات كل يوم سبت وفي العطلات الرسمية أيضا، وعبر جولات فنية ممتعة تتواصل فيها كل الأجيال.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;