الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

عودة "مادانغ نوري المسرحية الموسيقية الكورية التقليدية

2014-12-30

المسرحية الموسيقية "عودة شيم تشونغ심청" هي ملحمة كورية شعبية فولكلورية مشهورة يتم تقديمها على شكل "مادانغ نوري"، وهو نمط كوري موسيقي تقليدي شبيه بالمسرح الموسيقي الاستعراضي الغربي، الذي يدمج بين الموسيقى المستمرة والرقص الجماعي والحوار السريع المثير والضحك. وقدعاد العمل الفني المتميز والمفعم بالحيوية بعد توقف دام 4 أعوام.
الشركة المسرحية "ميتشو미추" هي أول من قدم هذه المسرحية الموسيقية في مطلع ثمانينات القرن الماضي، وقد شاهدها عبر كل تلك المدة أكثر من 2.5 شخص. وبعد أن أمتعت الجمهور على مدار ثلاثين عاما متواصلة، توقفت في 2010. المخرج "سون جين تشيك손진책" يحدثنا عن الأسباب.



إذن فقد اقتنع الجيل الأول بضرورة إفساح المجال لجيل جديد واعد ليكمل المشوار غير أن ذلك لم يحدث في الوقت المناسب،واستمر الغياب لأربع سنوات،قبل أنيتدخل المسرح القومي الكوري ليسهم في فتح مرحلة جديدة قد تدوم لـ30 عاما أخرى. وقد شهدت العودة تجديدا آخر، حيث إنها المرة الأولى التي يتم فيها تقديم نمط "مادانغ نوري" فوق خشبة مسرح مغلق، وليس في الهواء الطلق.
وقد تم جلب مقاعد إضافية مؤقتة بحيث صار من الممكن مشاهدة وسط المسرح بشكل مريح من الجهات الأربع. وتم لف ستائر طويلة حول المقاعد البالغ عددها 1500 مقعد ليصبح المكان على شكل خيمة كبيرة.وبعض أجزاء العرض الشعبي التقليدي "عودة شيم تشونغ" صارت تتضمن عروض فيديو أيضا. العرض برمته صار بدءا من العاشر من ديسمبر أكثر إثارة.
يبدأ العرض بظهور الممثلين بصحبة فرقة موسيقية تقليدية تعزف على آلة "تيه بيونغ سو 태평소" ، ويقوم كل ممثل بالإدلاء بملاحظات أولية ساخرة يضحك لها الجمهور.
يقول واحد منهم إنهم حرصوا على غض الطرف وتجاهل الكثير من السخافات والممارسات السمجة التي تحدث في العالم. لكنهم رغمذلك لا يجدون بدا من الترحيب بالجمهور.
وكان جليا أن العرض زاخر بالحيوية والإثارة والتسلية منذ بدايته، كما كان واضحا أن الجمهور قد استعد لقضاء بضع ساعات من المرح والسعادة على الأقل وهم يركزون أعينهم على المسرح والممثلين. ولكن لماذا تم اختيار "عودة شيم تشونغ" يا ترى؟.
حكاية شيم تشونغ قادرة على إضحاك وإبكاء الجمهور في نفس الوقت، وهي حكاية يعشقها ويعتز بها كل كوري. فشيم تشونغ فتاة ضحت بحياتها من أجل والدها الكفيف، وصارت رمزا للتضحية والإخلاص في عصرنا الحاضر الملئ بالأنانية.
شيم تشونغ فتاة وافقت على أن تضحي بنفسها لملك البحار مقابل 300 جوال من الأرز حتى يتمكن أبوها الضرير من استعادة بصره. وإعجابا منه بوفاء وإخلاص وتضحية شيم تشونغ،قرر ملك البحار إعادة بصر الوالد الكفيف، وأتاح للابنة حياة كريمة. وقد ظلت ملحمة شيم تشونغ محل حب وتقدير وفخر لكل كوري على مر الزمان. لكن الاكتفاء بالنقل الحرفي للحكاية التي يعرف تفاصيلها الجميع أمر لا يساعد على إخراج عمل فني متميز بالطبع. وحتى يكتسب العمل الفني الزخم المطلوب، كان من الضروري تقديمه بشكل جديد ومتفرد، ومن خلال إضافات جديدة وتقديمها بشكل جديد، مثل مشهد الأب وهو يستجدي الناس كي يطعم ابنته الرضيعة.
من المؤكد أن هذا المشهد كان عاطفيا ومؤثرا للغاية. وهذا ما يؤكده لناالممثل "سونغ جيه هيون 송재형" الذي أدى دور الأب.
تمكن الأب من الحفاظ على حياة ابنته بعد تبرع العديد من الأمهات بإرضاعها. وعندما بلغت الـ15 من العمر، وجدت أبيها وهو يتوسل لكاهن بوذي كي يساعده على استعادة بصره مقابل 300 جوال أرز.ولكي تحقق طلب أبيها، قررت شيم تشونغ التضحية بنفسها مقابل تسديد الثمن اللازم لعلاج الأب، وألقت بنفسها في البحر.



المشاهد المتعلقة بغرق شيم تشونغ في البحر أو عند اقتيادها لقصر ملك البحار الذي يقع في الأعماق، أو عند خروجها للعالم مرة أخرى داخل زهرة لوتس، كلها كانت مشاهد تمثل عظمة وروعة تقديم تلك اللوحة المسرحية الفريدةفي شكل "مادانغ نوري" مسرحي جديد. تم تصوير تلك المشاهد بواسطة وعرضها على ستائر المسرح المحيطة به، مما أضفى على العرض رونقا متفردا ومختلفا عما سبق.
ورغم روعة الإخراج والإنتاج، ومهارة طاقم الممثلين، إلا أن سر ومفتاح نجاح العرض بصيغة مادانغ نوري كان يكمن في حجم تفاعل الجمهور وتجاوبه ومشاركته الحقيقية المحسوسة.
وفي أثناء العرض،ربما تتملك أحد أفراد الجمهور مشاعر جياشة فلا يتمالك أعصابه ليندفع إلى قلب المسرح ويحتضن أحد الممثلين وسط تهليل وتصفيق الجمهور. مثل تلك المشاهد التلقائية المفاجئة هي ما يجعل لمادانغ نوري طعما خاصا ومختلفا.
عند عودنها إلى الأرض على متن زهرة لوتس، تصبح شيم تشونغ ملكة، ويلتئم شملها بوالدها وهو ما زال كفيفا رغم ما دُفع من جوالات أرز، ورغم تضحية الابنة البارة، لكن ما أن يحتضن الأب ابنته البارة، حتى يرتد إليه بصره.
وعندما يراها للمرة الأولى، لا يمكنه أن يتعرف عليها من خلال شكلها أو ملامح وجهها، وإنما بإحساس الأب المحب، لتنهمر الدموع من عينيهما معا.
موقف عاطفي مؤثر، لكنه تم في حضور المرأة التي كانت قد تسببت في كل مشكلات الأب، مما فجر من غضبه، غير أن الابنة البارة تطلب منه العفو وتجاوز الغضب.
كان مشهد الختام درسا بليغا لكل المشاهدين، حيث تعلموا منه أن العفو عند المقدرة هو الأفضل وأن السعادة الحقيقية تتجسد في الحب والمودة والمشاركة والعيش بانسجام ومساعدة الضعفاء ورفض كل أشكال الحقد والضغينة.
الجزء الأخير من العرض لم يكن جزءا من العمل الأصلي القديم، وإنما أضيف ليخاطب قيم وأحاسيس وأفكار يعيشها المجتمع اليوم ويحتاج لتبيانها والدعوة إليها.
عودة مادانغنوري هي عودة للدهشة والإثارة في عمل متكامل يؤديه أكثر من ثمانين ممثلا، بالإضافة إلى جمهور متجاوب، مما يمثل بداية سعيدة لعام جديد، نأمل أن يأتي بكل الخير للعالم أجمع.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;