نواصل اليوم ما انقطع من حديث عن الخواص المتفردة والمزايا الخاصة بالشعر الكوري والذي بدأ العالم يتعرف عليه بشكل أكر قربا خلال مناسبات متعددة في الماضي القصير ووعدنا أن نستعرض خلال حلقة أو حلقتين قادمتين بعض النماذج المتفردة، وها نحن نبدأ اليوم بقصائد ومقاطع لأحد أشهر الشعراء الكوريين وهو الشاعر الشامل "جونغ هو سونغ " الذ يعتبره الكثيرون أمير شعراء الحب والغزل والنسيب والرومانسية في كوريا، وصاحب أجمل القصائد وأكثرها تنوعا وقدرة على التعبير عن أحاسيس مختلفة ومتنوعة بين الفرح والسعادة والحزن والشجن، وهو كذلك من أحب الشعراء لدى الكوريين شبابا وشيبا، رجالا ونساء، ومثقفين وعامة، وهو ما أهله للفوز بالعديد من الجوائز الأدبية الكبرى في كوريا، وقد ظلت صحيفة رائدة مثل " كوريا تايمز" الناطقة بالإنجليزية والواسعة الانتشار تترجم وتنشر له قصيدة أو قصيدتين له في يوم الثلاثاء من كل أسبوع على مدى عام كامل للتعريف بشعره، ننتقي منها اليوم أولى القصائد التي نشرتها الصحيفة وهي إحدى أشهر قصائده بعنوان " الناس اللذين أحب" وهي عبارة عن حوار أو مناجاة بين "ظلال" و"دموع" ، حيث تطرح الدموع تساؤلات وأحاسيس في المقطع الأول وتجيب عليها الدموع المقطع التالي من خلال التعبير عن مشاعرها تجاه تلك التساؤلات. تتسلل الظلال من تحت ظل الشجرة الوارفة لتستكشف جمال خيوط الشمس الذهبية اللامعة، ولتكتشف أن جمال الدموع يكمن في قدرتها على التعبير عن الحب الصادق والحزن الصادق والندم الصادق، لتعبّر عن حبها للدموع من خلال مسحها وكفكفتها. نستمع لجزء من القصيدة:
قالت الظلال:
لا أحب الناس الذين لا ظلال لهم.
ولا أحب من لا يحبون الظلال.
أحب كل من يصبح مظلة
تحت شجرة وارفة الظلال
ليحتمي تحتها من أضناه الهجير.
حتى أشعة الشمس
تحتاج للظلال حتى تكتسب زهوا ورونقا
وتسحر الأنظار وتملأها بريقا
ما أجمل أن تستريح تحت ظل شجرة
وتستمتع برؤية خيوط الشمس الذهبية
وهي تتراقص أمام ناظريك.
وردت الدموع:
لا أحب الناس الذين لا دموع لهم.
ولا أحب من لا يحبون الدموع.
بل أحب من تتساقط دموعهم نقيةً كحبات المطر .
فالفرح لا يكتمل فرحا بلا دموع.
ولا يكون الحب حبا ما لم تُذرف الدموع
فمشهد شخص يرتاح تحت ظل شجرة.
ويكفكف دموع من يحب.
هو مشهد أجمل من كل ما في الوجود.
ونواصل في حلقة قادمة.