ⓒ KBS

" هدية صغيرة " هي آخر حلقات المسلسل الدرامي الذي ظل يتابعه الكثيرون بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغون  والذي كان قد بدأ بالفعل قبل تولي الرئيس ترمب منصبه وتحديدا خلال الفترة التي كان فيها مجرد مرشح محتمل للحزب الجمهوري الأمريكي. ظهرت وقتها أول تغريدة لترمب الذي اعتمد نظام التغريدات على منصة التواصل الاجتماعي " تويتر" كوسيلة دعائية انتخابية ناجعه ساعدته على الحصول على المنصب الهام الشيء الذي لم يكن يتوقعه إلا القليلون في العالم  حكما بنوعية وطريقة ما كان يطرح من أفكار وقضايا.  يومها قال ترمب في واحدة من تغريداته وفي ذروة  المشكلة النووية الكورية الشمالية التي بدأت تقلق العالم وتثير مخاوف الكثيرين إنه يستطيع حل المشكلة المعقدة مع كيم جونغون الذي وصفه بأنه شاب  مغامر ومتحمس وطائش خلال جلسة بينهما لتناول سندونشيّ هامبرغر. 

لكن بمجرد انتخاب الرئيس ترمب رئيسا لبلاده اندلعت بينه وبين الزعيم الكوري الشمالي حرب كلمات ساخنة وشعواء ظلت تتري فيها التصريحات النارية والتهديدات المبطنة والمباشرة بين الرجلين استعملا فيها كل العبارات الاستفزازية مما أشاع شكلا من أشكال التوتر ونُذر المواجهة في المنطقة وصار العالم  على شفا حرب ملتهبة. هدد الزعيم الكوري الشمالي بأن بلاده قادرة ومستعدة وجاهزة لإطلاق صواريخ نووية على عمق الأراضي الأمريكية الرئيسية وإن كل القواعد الأمريكية في المنطقة هي أهداف سهلة للقنابل النووية الكورية الشمالية وفي مرمى مختلف أنواع أسلحتها من تقليدية وغيرها. من جانبه رد الرئيس الأمريكي على تلك التهديدات بالقول إن مجرد إشارة من يده كفيلة بأن تحيل كوريا الشمالية إلى كومة رماد وتحدث عن قدرة بلاده على خوض حرب لا تبغي ولا تذر مع كوريا الشمالية وصب جام الغضب الأمريكي عليها وإحالتها إلى ما أسماء جحيم وكتلة من لهب. كان الرئيس الأمريكي يصف الزعيم الكوري الشمالي بالولد البدين الغبي، وبال " ليتل روكيت مان"  أي الرجل الصاروخي الصغير، وكان كيم جونغون يرد عليه واصفا إياه بالعجوز الشرير المخرّف، وأخذت الحرب الكلامية النارية مأخذا ذكّر الكثيرين بتلك الحرب العربية الجاهلية القديمة المميتة التي  اندلعت بين قبائل عربية وبدأت كمجرد تراشق كلمات ثم استحالت حربا أتت على الأخضر واليابس وطال أمدها وبلغ عدد قتلاها أعدادا مهولة وخلدها أحد أشهر الشعراء العرب بتلك القصيدة الخالدة التي بداها بالقول: أرى تحت الرماد وميض نار .. وأخشى أن يكون لها ضرام.  وإن الحرب العودين تزكى.. وإن الحرب أولها كلام.

وبعد أن توقع العالم اشتعال حرب ضروس تراجع الزعيمان المختصمان فجأة وصدرت عنهما  تصريحات أميّل إلى الكياسة وبدآ الحديث عن إعطاء فرصة للدبلوماسية والحوار والنأي عن الصدام وهو ما أدى إلى تبدل الحال بسرعة  وساعد على عقد قمة  بين الزعيمين في العاصمة السنغافورية التي صدر عنها بيان مشترك تصالحي وفاقي إيجابي تعهد فيه البلدان ببذل كل الجهود الممكنة لحل المشكلة النووية الكورية الشمالية حلال نهائيا وجذريا يحفظ للعالم سلامه ويبعد عنه شرور الحرب.

وآخر حلقات هذا المسلسل الدرامي هي التي كانت عبر تغريدة شفهية هذه المرة من الرئيس الأمريكي "ذكر فيها" إن لديه "هدية صغيرة" للزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" وإن كان قد رفض الكشف عن نوع أو مضمون تلك الهدية.  كان ذلك  قبل مغادرة ترمب لحضور قمة حلف الناتو في بلجيكا ، ردا على سؤال عن التقارير التي جاء فيها إن وزير الخارجية "مايك بومبيو" أحضر معه قرص "سي دي" للمطرب البريطاني "إلتون جون" يتضمن أغنية "روكت مان"، أي "الرجل الصاروخي"، وذلك خلال زيارته إلى بيونغ يانغ الأسبوع الماضي، من أجل تسليمه إلى الزعيم الكوري الشمالي.  وقد ذكر "ترامب"  بأن القرص المعني لم يتم تسليمه إلى "كيم"، لظروف حالت دون ذلك ، وأنه لا يزال معه، وسيعطيه للزعيم الكوري الشمالي لاحقا وفي الوقت المناسب، كما أشار كذلك إلى أن  لديه هدية صغيرة لـ"كيم" وسوف يعرف الناس ما هي تلك الهدية عندما يسلمها له. 

لا يعرف أحد الآن بالضبط ماهية تلك الهدية الصغيرة ولكن الكثيرين يأملون أن يكون تأثيرها كبيرا وحقيقيا وقادرا على إحداث انفراج كبير في المشكلة النووية الصاروخية التي هددت أمن العالم.