الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الناي السحري

2019-03-15

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش قاضي أحد المقاطعات حياة يسر، وكان أبًا لثلاثة فتيات. وبعد انتظار طويل، رُزق بمولود ذكر، فكان قرة عينه. وعندما بلغ الصبي السابعة من عمره، زار أحد الرهبان البوذيين المنزل لجمع بعض الصدقات والتبرعات، فرأى الصبي، وتنبأ بأنه سيموت حين يبلغ الثانية عشرة. صُعق والدا الصبي وآلمتهما النبوءة، فقررا - بعد تفكير طويل- أن يتركا الصبي في رعاية الكاهن البوذي، ظنًا منهما أنها الطريقة المثلى التي يستطيعان بها تجنب وفاة الصبي المبكرة. وهكذا، بعيون دامعة وقلوب كسيرة، ودعت الأسرة الصبي وأوصت الكاهن به خيرًا، وأهدوا الصبي بعض الأقمشة الحريرية الثمينة، وأوصياه ألا ينساهما.

وهكذا، عاش الصبي مع الكاهن في معبد في عمق الجبل. وقد نما بصحة جيدة حتى بلغ الثالثة عشرة من عمره. كان قد تجاوز السن الحرجة - 12 عاما- وكان الكاهن مستعدًا لإعادته إلى أبويه. قال الكاهن للصبي:"يُمكنك أن تذهب إلى البيت الآن، لكن لا تنسَ كلامي هذا: سوف تمر بثلاث مصاعب تخاطر فيها بحياتك أولًا قبل أن تستطيع العودة إلى منزلك. تذكر كلامي، وإياك أن تنساه". قال الكاهن هذه الكلمات الغامضة، وأهدى الصبي بعض الأرز المحترق، وودعه.

بدأ الصبي الرحلة إلى البيت وهو يحمل الأرز المحترق والملابس الحريرية التي أهداها إليه أبويه يوم فارقهما. وفي طريقه، قابل نمرًا جائعا، ولا بد أن نمرًا بذلك الحجم كان قادرًا على ابتلاع صبي آدمي مثله. لكنه ألقى الأرز المحترق في وجه النمر وفر هاربًا. كان يلهث بشدة، وقال لنفسه:"لا بد أن هذه هي الأزمة الأولى التي تنبأ بها الكاهن!". بعد فترة، وجد منزلًا مسقوفًا بالقش، فدخله، ووجد فيه ناي مصنوع من الأحجار الكريمة. فأخذه وخرج من المنزل المهجور، وما إن خرج وهو يحمل الناي، حتى انهار المنزل تمامًا فجأة! أدرك بطلنا حينها أنه قد مر لتوه بالأزمة الثانية. طاب له أن يجرب العزف على الآلة الجميلة الثمينة ففعل، ودهش حين وجد أنه حين ينفخ فيها يرتفع جسده في السماء وكأنه يطير، وأنه حين يتوقف ينزل جسده ببطء ورفق، كان مزمار الناي سحريًا.

لكنه لم يكن يستطيع الذهاب إلى المنزل بعد، لا يزال هناك أزمة أخيرة. لكنه كان عليه أن يكسب رزقه خلال تلك الفترة، فعمل خادمًا في بيت أحد الأثرياء يعتني بخيوله. وفي يوم من الأيام، ذهبت الأسرة كلها لحفل في قرية مجاورة. كان الفتى أيضًا يريد أن يحضر ذلك الحفل. فارتدى زيه الحريري  وركب أحد الأحصنة التي يعتني بها، وراح ينفخ في الناي السحري. وكما هو متوقع، طار الحصان والصبي على ظهره في الهواء. وقد ذُهل جميع الحضور من مشهد الصبي الطائر على حصانه الذي يعزف على ناي سحري، وظنوه أحد الكهنة الطاويين نازلًا من السماء.

عاد الصبي إلى منزل الرجل الثري وارتدى ملابسه الرثة مجددًا. لم ينتبه إليه أي من ساكني المنزل. لكن أصغر فتيات الأسرة عرفت أنه الصبي الغامض الذي رأوه في الحفل. وبعد فترة، وقع الاثنان في الحب، وعندما اكتشف سيد المنزل أن ابنته تحب الخادم الفقير، ثار ثورة عارمة وعزم على قتل الفتى. وكأمنية أخيرة قبل الموت، طلب الصبي أن يركب الحصان للمرة الأخيرة. وما أن ركب الفتى الحصان حتى أركب فتاته أيضًا، ثم نفخ في الناي فطارا معا. وكانت هذه آخر الأزمات التي مر بها الصبي.

عندما وصل إلى المنزل الذي وُلد فيه، عرف والداه فورًا هويته من ملابسه الحريرية. غمرتهما سعادة عارمة بعودته إليهما، وتغلبه على المصاعب التي واجهته. وتزوج الصبي من فتاته، وعاشوا جميعًا في سعادة وهناء.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;