الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الشقيقة الصُغرى والفأر

2019-02-22

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاشت ثلاث شقيقات في سن الزواج. وقد قررن مغادرة المنزل معًا بحثًا عن زوج المستقبل الذي ستبدأ معه كل منهن حياتها الجديدة. كانت الشقيقة الكبرى والشقيقة الوسطى فتاتين طماعتين ماديتين، فكانت كل أحلامهما عن زوج المستقبل تدور حول أمير فاحش الثراء يلبي لهن طلباتهن ويغدق عليهن بالأموال والهدايا. قالت الشقيقة الأولى:"المال هو أهم شيء في الوجود، يجب أن أتزوج رجلًا ثريًا". وقالت الثانية وهي تومئ برأسها موافقة أختها:"بكل تأكيد، لكنني أظن أن أهم شيء هو القوة والنفوذ، حتى المال لا يتولد إلا عن قوة ونفوذ، ولذلك حين أتزوج، سأختار رجلًا قويًا ذا نفوذ كبير".

وعندما سمعت الشقيقة الصغرى ما قيل، قالت:"أي شقيقتيّ، لدي رأي مختلف عنكما. لا أظن أن أكثر ما يهم في الزوج الذي سيكون شريك الحياة الذي يقاسمني حياة طويلة هو المال أو النفوذ، أظن أنني أفضل أن يكون زوجا محبًا داعمًا، صديق حقيقي يكون بجانبي مهما حدث". لا عجب أن الشقيقتين ضحكتا على سذاجة شقيقتهما الصغرى. فقد نظرت لها الشقيقة الكبرى بسخرية لاذعة وهي تقول:"يالك من فتاة غبية! تفكيرك طفولي جدًا. ألا تعرفين كيف يعمل العالم الحقيقي؟" بينما قالت الثانية في لهجة لا تقل استخفافًا عن الأولى:"يحبك ويدعمك؟ ما هذا السخف؟! لا يصعب علي تخيل مدى البؤس الذي ستعيشين فيه. لا أظنها فكرة جيدة أن نبقى معًا، فنحن نختلف معك اختلافًا جذريًا في هذا الموضوع. أرى أن نفترق هنا".

وهكذا، غادرت الشقيقتين الكبرى والوسطى، بينما انفصلت عنهما الصغرى ومشت في طريق منفصل. كانت تصعد على جبل شديد الانحدار، وتتساءل عن المكان الذي قد تلتقي فيه بفارس أحلامها. وفجأة، حدث اختلال في طبقات الأرض، مما جعل الصخور والطين تسقط من علٍ عليها. حدث كل شيء بسرعة كبيرة، حتى أنها لم تجد أي وقت لتستوعب ما حدث، وسقطت من على المنحدر وفقدت الوعي من فورها.

عندما استيقظت، وجدت نفسها مستلقية على فراش في غرفة نظيفة. كان جسدها كله يؤلمها بشدة. رغم إصاباتها الفادحة، كانت على قيد الحياة. راحت تتأمل ما حولها، ودُهشت حين رأت جُرذًا كبيرًا يقف بجانبها. لم يكن هذا وحده ما أدهشها، فقد كان الجُرذ يرتدي ملابس كالبشر، وكان يتأملها بنظرة قلقة متفحصة. قال لها:"لا تقلقي، آنستي. لم تصابي إصابات كبيرة، لحسن الحظ. وقد اصطحبتك إلى منزلي كي تتعافي. لا تقلقي بشأن أي شيء واسترخي. أنتِ تحتاجين إلى بعض الراحة". اعتنى الجرذ بها عناية كبيرة، وكان يطعمها طعاما مغذيا، وظل على هذا الحال في حالة من التفاني التام في العناية بها حتى تعافت تمامًا، وكانت تشعر بامتنان كبير لهذا الجرذ الطيب، فقررت أن تتزوجه.

مر عام، واشتقات الفتاة لأبويها بشدة. فاصطحبها زوجها الجرذ إلى منزل أبويها. وفي طريقهما إلى هناك، قابلا شقيقتيها، التان لم تخفيا ما شعرا به من تقزز وكراهية لزوج شقيقتهما. صاحت بها شقيقتها الكبرى:"تزوجتي جرذا! ما هذا الكلام الفارغ؟ كيف تتزوجين حيوانًا قذرا كهذا؟" ثم دفعته الشقيقة الوسطى ليسقط في النهر، فصدمت الشقيقة الصغرى، وانهارت باكية في مرارة شديدة.

ثم حدث شيء عجيب. فقد التمع ماء النهر بلون ذهبي ساطع، ثم برز منه شاب وسيم. وقد قدم نفسه إلى الشقيقات الثلاثة قائلًا إنه أمير كان قد تحول إلى جرذ بسبب لعنة سحرية شريرة تعرض لها. وقال إنه قد تخلص من اللعنة وعاد إلى هيئته الأصلية بفضل طيبة زوجته وحبها المخلص له. شعرت الشقيقتان بخجل شديد مما فعلن، فركضن هاربات من المكان. أما الشقيقة الصغرى، فعاشت مع زوجها الأمير في سعادة وأمان، وقد اتخذ كل منهما الآخر صديقا وعونا في الحياة، فغمرت حياهما السعادة والبهجة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;