الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الفحم والجنسنغ

2019-12-27

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاشت عائلة عريقة أبقت فحم نيران منزل العائلة مشتعلًا بشكل متواصل لمدة سبعة أجيال متتالية، دون أن ينطفئ ولو حتى مرة واحدة. وفي يوم من الأيام، تزوج الابن الشاب من امرأة، وأوكل إلى زوجة الابن الجديدة مهمة إبقاء الفحم مشتعلا مهما كانت الظروف، وكانت عائلة زوجها قد نبهتها إلى أنه لن يسمح لها بأن تكون فردًا في العائلة إذا أطفأت الفحم الذي ظل مشتعلا لسبعة أجيال، حتى عن طريق الخطأ. وافقت الشابة، ووعدتهم بأن تبذل كل ما في وسعها من أجل أن تبقي ذلك الفحم، الذي يمثل للعائلة الكثير، مشتعلا.

ولكن، ياللكارثة! بعد مرور أيام قليلة على زواجها، استيقظت الزوجة الشابة لتجد الفحم وقد خمد وكاد يبرد! بينما انتثر الرماد على أرض المطبخ هنا وهناك. وعندما سمع حماها بما حدث، غضب غضبًا شديدًا، فعنفها تعنيفًا شديدًا، راحت المسكينة تبكي وتعتذر وتطلب الصفح، فرق قلبه لها، وسامحها وأشعل الفحم، طالبًا منها أن تحرص على ألا يتكرر ذلك الخطأ مجددًا.

لكنها في الصباح التالي، وجدت النيران قد خمدت للمرة الثانية، ثار حماها ثورة عارمة هذه المرة، وطردها من المنزل بحجة أنها لا تستحق أن تكون فردًا من الأسرة. لكن زوجة الابن رأت أن هذا ظلم، حيث أن النيران لم تخمد بسبب إهمالٍ اقترفته أو خطأ ارتكبته. راحت تشرح له كيف أن المشهد برمته يدل على أن النيران قد أخمدت عمدًا بفعل فاعل، وأن الرماد المتناثر في كل مكان دليل على ذلك. قالت هذا، ووعدته بأنها لن تسمح بأن يتكرر ذلك الأمر مطلقا، فقرر أن يعطيها فرصة أخيرة، وأشعل النيران.

في تلك الليلة، لم تخلد زوجة الابن إلى النوم كعادتها، بل اختبأت في ركن مخفي في المطبخ، وراحت تراقب النار طوال الليل. وعندما بدأ نور الفجر الشاحب يغطي الأرض، دخل صبي لا يتجاوز عمره الثالثة أو الرابعة إلى المطبخ فجأة. أخمد الصبي النار، وراح ينثر الرماد على أرض المطبخ، كانت هذه هي اللحظة المنتظرة، فانقضت زوجة الابن من مخبأها على الصبي المشاغب، لكنه أفلت منها في خفة وفر. لم تضع هي الفرصة، وراحت تطارده، لكنه كان سريعًا للغاية فعجزت عن الإمساك به. لكنها قررت أنها لن تستسلم مهما حدث، فواصلت الركض خلفه حتى وصلت إلى قمة الجبل، حيث انزلق الفتى تحت بعض الحشائش التي تنمو بين الصخور. مدت يدها في الحفرة التي اختبأ فيها، وأمسكت به، وجذبته خارج الحفرة. ثم اقتادته عنوة إلى المنزل، فقد كانت ترى أن العائلة يجب أن تعرف المجرم الحقيقي وراء لغز إخماد النيران.

لكن أفراد العائلة في المنزل كانوا في حالة من الارتباك والحيرة، إذ وجدوا النيران مطفأة مجددًا، ووجدوا أن العروس اختفت. شعروا بالقلق الشديد عليها، وعندما ظهرت أخيرا وهي تمسك بشيء ما، شعروا بالفرحة والطمأنينة لرؤيتها سالمة، لكن ما أدهشهم حقا هو حملها الذي ألقته على الأرض ما إن دخلت إلى المنزل. فقد كان ما رمت به هو جذر من جذور نبات الجنسنغ البري النادر الثمين، بل كان من أندر وأثمن أنواعه، وكان كبيرًا للغاية بحجم طفل صغير، ومما زاد من جودته وقيمته، هو أن عمره كان يبلغ مئات السنين. وكان السبب في هذا، هو أن إله النيران كان قد سر كثيرًا بجهود العائلة لإبقاء النار مشتعلة لكل هذه الأجيال، فأراد أن يهديهم هدية قيمة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;