تأسست جمهورية كوريا في الـ15 من أغسطس من عام 1948، بعد ثلاثة أعوام بالضبط من انتهاء الاستعمار الياباني. وتم تنظيم الاحتفال الخاص بإعلان الاستقلال وتأسيس الدولة الجديدة بحضور عشرات الألوف من مختلف أطياف المجتمع.
وخلال المناسبة، أعلن الرئيس "ري سُنغ مان 이승만" رسميا عن تشكيل أول حكومة لجمهورية كوريا وتعهد ببناء دولة جديدة للحرية والديمقراطية. وكان ذلك إعلانا على مولد جمهورية كوريا جنوب خط العرض 38، ونهاية الحكم العسكري الأمريكي الذي استمر 3 أعوام.
في يوم 28 من ديسمبر 1945 توالت الأخبار من موسكو حول القرار الذي توصل إليه وزراء خارجية كل من أمريكا وروسيا وبريطانيا حول وضع كوريا تحت وصاية رباعية لمدة 5 أعوام، قبل نيلها الاستقلال.
خلقت تلك الأخبار الواردة من موسكو الكثير من الجلبة والاضطراب في شبه الجزيرة الكورية التي تحررت لتوها من الاستعمار الياباني . وكان الكثيرون يرون أن الوصاية هي شكل جديد من أشكال الاستعمار، وكان أكثر الكوريين في الجانبين، رغم اختلافاتهم الأيديولوجية، يعارضون الوصاية. وأعلنت الحكومة المؤقتة الأولى عن هذا الموقف المعارض، وحثت كل الكوريين على الرفض والاحتجاج والتظاهر.

ولكن بدأ الأمر في التغير مع حلول عام 1946. فبشكل مفاجئ، تحول المعسكر اليساري في كوريا الجنوبية إلى موقف مؤيد للوصاية، مما أدى لإحداث نوع من الفوضى داخل كوريا الجنوبية بأكملها. وتدهورت الأوضاع بشكل سريع لدرجة أن الاحتفال الخاص بذكرى حركة الفاتح من مارس التي تعتبر طليعة الاستقلال، جرى تنظيمها بشكل منفصل بين الجانبين اليساري واليميني المتعارضين داخل الدولة الواحدة.

وفي الوقت الذي كانت فيه كوريا الجنوبية مسرحا لخلافات أيديولوجية وعقائدية ، كانت كوريا الشمالية هي الأخرى تعيش الكثير من الخلافات والصراعات بعد أن دخل الزعيم الكوري الشمالي "كيم إيل سونغ" إلى بيونغ يانغ على رأس حركة مقاومة كبيرة في عام 1945، وكان جنوده يرتدون الأزياء الرسمية السوفييتية، وتمكنوا من تشكيل قاعدة قوية في الشمال.

صار واضحا وجليا أن شبه الجزيرة الكورية متجهة نحو الانقسام والمواجهة. ومع الخلافات المتزايدة داخل اللجنة الأمريكية السوفييتية، بدأ كل جانب في الاتجاه لتفعيل رؤيته المتعلقة بمصالحه الخاصة. ومن ثم، استعملت الولايات المتحدة نفوذها لتمرير قضية شبه الجزيرة الكورية داخل الأمم المتحدة وتحديد الموعد الخاص بالاستفتاء الكوري في فبراير 1948. ورفضت كوريا الشمالية السماح بدخول أي مراقبين تابعين للأمم المتحدة لمراقبة ذلك الاستفتاء. ومن جانبها، أصدرت كوريا الجنوبية قانونا لانتخاب ممثلين برلمانيين في مارس من نفس

وفي الـ10 من مايو 1948، نظمت كوريا الجنوبية انتخابات عامة تعتبر أول انتخابات ديمقراطية من نوعها لاختيار برلمان للبلاد يتكون من 198 نائبا.
وتسارعت خطى تأسيس الحكومة مباشرة بعد الانتخابات، حيث انتخب البرلمان "ري سُنغ مان" كرئيسه الافتتاحي يوم 31 مايو، وتم إقرار الدستور.
وفي انتخابات غير مباشرة جرت يوم 20 يوليو، تم اختيار "ري" كأول رئيس لجمهورية كوريا التي بدأت عهدها الجديد في 15 أغسطس 1948.

وبعد قيام جمهورية كوريا المستقلة في 15 أغسطس 1948، تبعتها كوريا الشمالية بالإعلان عن قيام "جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية" في سبتمبر من نفس العام. وهكذا فإن البلاد التي عاشت تاريخا طويلا وممتدا لأكثر من ألف عام كدولة واحدة وكشعب واحد انقسمت إلى دولتين وشعبين، بينهما الكثير من الخلافات الفكرية والأيديولوجية، وتحت قيادة أنظمة حكم متنافرة ومتناحرة. الكوريتان الآن دولتان تسيران في اتجاهين مختلفين، وقد مضيا في اختلافهما إلى ما قد يبدو للبعض نقطة اللا عودة. ولكن رغم كل ذلك، يبقى الأمل متقدا، ويظل الحلم ماثلا، في أن تعود كوريا يوما ما لتصبح مرة أخرى دولة واحدة.