مرحبًا بكم مستمعينا الكرام في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم وجه كوري .
في عام 475 هاجمت مملكة "كوغوريو" مملكة "بيك جي" واستولت على عاصمتها "هان سونغ". بعدها أعادت "بيك جي" تشكيل نظام الدولة، ونقلت العاصمة إلى "أونغ جين". وفي عام 538، أرادت "بيك جي" أن توسع رقعة أراضيها، فنقلت عاصمتها مرة أخرى إلى "سابي" في منطقة "بويو"، وتغير اسم المملكة أيضًا، فصار اسمها "مملكة بويو الجنوبية". وكان الملك "سونغ" هو من قام بهذه التغييرات لإعادة إحياء مملكة "بيك جي". وفي كتاب "تاريخ الممالك الثلاثة" نجد هذا الوصف للملك سونغ : "ذكي ومميز، وله القدرة على اتخاذ القرارات الجيدة، لذا سمّاه شعبه الملك سونغ المقدس" . أراد الملك سونغ إعادة إحياء مملكته، فقام بعقد علاقة تحالف مع مملكة "شيلا". وكان يحلم بتعزيز الوحدة الداخلية لمملكته وبتوسيع رقعتها. رفع الملك سونغ من شأن البوذية في عهده، وعزز علاقاته الدبلوماسية مع مملكة "يانغ" الصينية. كما بذل جهودًا كثيرة للارتقاء بالمستوى الثقافي لمملكته، فدعا ذوي الكفاءات العالية للمملكة واستورد الكثير من الكتب القيمة.
وبعد نقل العاصمة إلى "سابي"، عمل الملك سونغ على استعادة منطقة حوض نهر الهان التي استولت عليها مملكة كوغوريو، فكوّن جيشًا مشتركًا عماده قوات "بيك جي"، بالإضافة إلى قوات "شيلا" و"غايا". لكنه لم يكد يستعد الأرض المسلوبة حتى استولى عليها حليفه ملك "شيلا". ومن ثم قرر الملك "سونغ" الانتقام ، فأرسل ثلاثين ألف جندي إلى "شيلّا" بقيادة ولي عهده عام 554. وأظهرت "بيك جي" تقدمًا كبيرًا في البداية وبدا أن المعركة ستنتهي لصالحها، لكن جنود "شيلا" قاموا بهجوم مفاجئ على جيش "بيك جي"، فأسرع الملك "سونغ" لنجدة وريث عرشه الذي حوصر مع جيشه في معركته مع "شيلّا"، لكنه وقع في أيدي جنود "شيلا" ولقى حتفه بطريقة مؤسفة. اضطرب جيش "بيك جي" بعد موت الملك، وقتلت الغالبية العظمى من أفراده في أثناء المعركة، وكانت هذه ضربة قاضية لـ"بيك جي". وهكذا مات الملك، وانتهت علاقة التحالف التي كانت تربط بين "بيك جي" و"شيلّا"، وساءت علاقة "بيك جي" باليابان والصين أيضًا. وهكذا انهار كل ما عمل الملك "سونغ" لأجله طوال سنوات حكمه، فضعفت السلطة الحاكمة بينما زادت قوة طبقة النبلاء، وصاروا هم من يتحكمون في قيادة الدولة.
ويندر أن نجد في تاريخ مملكة "بيك جي" الطويل شخصا بمثل حماس وتمرد الملك "سونغ". فقد نقل العاصمة، وأعاد تشكيل نظام البلاد، واستعاد الأرض التي استولت عليها "كوغوريو"، وكان رائدًا فيما يتعلق بتبادل عناصر الثقافة البوذية. فعل كل هذا من أجل إعادة إحياء بلاده، لكن رغم كل هذه الجهود والأحلام، طوت صفحات التاريخ مملكة "بيك جي"، مثل البراعم التي لم يكتب لها أن تتفتح.