مرحبًا بكم مستمعينا الكرام في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم "وجه كوري" .
"أو سو" هو كتابٌ قديم يرجع تاريخه لعصر "جوسون"، تحديدًا لعام 1737، وهو يتناول عددًا من المواضيع السابقة لعصرها، فقد تناول حضارتيْ الصين و"جوسون" بالعرض والمقارنة، وناقش الطرق التي تستطيع "جوسون" من خلالها أن تتطور سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا بشكل نظاميّ، كما أرجع سبب فقر المملكة وشعبها إلى عدم إيمان أفراد الشعب بأهمية الأعمال التي يقومون بها. ولحل هذه المشاكل، اقترح الكاتب إلغاء النظام الطبقي، وإتاحة الفرصة لكل فرد ليختار العمل الذي يناسب ميوله واهتماماته وقدراته بحرية.
وقد أمر الملك "يونغ جو" بترشيح بعض الموهوبين من المملكة لتقديمهم إليه، فرشح له أتباعه "يو سو وون" وأخبروه عن كتابه المميز، فطلب الملك نسخة من الكتاب. وبعد أن قرأه، أراد الملك أن يتبادل الحديث مع "يو سو وون" مباشرة فاستدعاه للقائه. لكن "يو سو وون" لم يستطع أن يرد على أسئلة الملك لأنه لم يسمعها، فقد كان مصابًا بالصمم. فما كان من الملك إلا أن تبادل معه الحديث كتابةً. وُلد "يو سو وون" في "تشُنغ جو" بإعاقة في أذنه حرمته من حاسة السمع. التحق بالعمل الحكومي حين بلغ الخامسة والعشرين من العمر، وكتب كتابه الشهير حين كان في الأربعين من عمره. وكان يعاني من المرض بالإضافة إلى إعاقته، لكن هذا لم يمنعه من العمل كمشرفٍ لعدة مناطق مختلفة، وقد أكسبته كثرة الانتقال الكثير من الخبرات المهمة التي جعلها أساسًا لكتابه.
تناول الكتاب الطرق المحتملة لتغيير النظام الطبقي الصارم، ونظام الاختبارات المؤهلة للوظائف الحكومية، وأيضًا الطرق النظامية المناسبة لتطوير اقتصاد "جوسون". أشار "يو سو وون" إلى فقر الفلاحين في "جوسون"، وقال إن إلغاء النظام الطبقي وتحقيق العدل والمساواة للفلاحين هي أولى المشاكل التي يجب حلها قبل أي شيء. ومن أهم الخطط الإصلاحية التي اقترحها في كتابه، التركيز على الصناعة والتجارة بدلا من الزراعة ، وأن يُدفع العلماء الذين لا يفعلون شيئًا سوى قراءة الكتب إلأى العمل بالصناعة أو التجارة، حتى يتساوى جميع مواطني جوسون فعليًا ، سواءٌ كانوا يعملون بالصناعة أو التجارة أو الزراعة أو العلوم . وأشار أيضًا إلى ضرورة التركيز على تطوير التقنيات التي تزيد من جودة الإنتاج الزراعي بدلًا من التركيز على توسيع الرقعة الزراعية فقط. واقترح أن يساهم كبار التجار والأثرياء في بناء المدارس والكباري وسائر العناصر التي تساهم في تطوير المجتمع المحلي، وهو ما لا يختلف عما تقوم به المؤسسات الكبرى حاليا من مشاريع مشابهة تهدف للاستثمار غير المباشر في المحليات.
إن الهدف من كتاب "أو سو" هو تحقيق السعادة لعامة الشعب في "جوسون" فيما يتعلق بمعيشتهم وملبسهم ومأكلهم، عن طريق دفع الدولة لتوفير الظروف المناسبة التي تساعد المواطنين على اختيار العمل الذي يحبون ومن ثم مساعدتهم على بذل قصارى جهدهم في هذا العمل. ولا يزال هذا الكتاب يلقى اهتمامًا واحترامًا كبيرًا حتى يومنا هذا، تقديرًا لكاتبه الذي حارب إعاقته واعتمد على معايشته للعامة لمحاولة فتح أبواب جديدة أمام الأجيال القادمة.