زهرة الكرز أو ما يطلق عليها باللغة الكورية 벗꽃 والتي تمتاز بروعة لونها ومنظرها البديع، وتعتبر من أولى علامات الربيع في كوريا، فالكوريون يعتبرونها زهرة خاصة بالنسبة لهم، وينتظرون قدومها بفارغ الصبر، لكي تنقذهم من برد الشتاء القارس، فقدومها يعتبر إيذانًا ببداية فصل جديد.
وتمتاز زهرة الكرز بقصر مدة حياتها، حيث تبقى متفتحة لأيام قليلة فقط ثم تتساقط، وهذا يدل على عبرة قصر الحياة في الديانة البوذية القديمة والتي استلهمت ذلك المعنى من هذه الزهرة، ولكن الكوريين لا يستمتعون فقط بتفتح هذه الأزهار وبرونقها وجمالها، بل يحبون كذلك الاستمتاع بجمال تساقط أوراقها مع نسيم الربيع.



وبعد عدة قرون مرت على هذا التقليد، يواصل الكوريون القيام بهذا الاحتفال ويتجمعون بأعداد كبيرة أينما وجدت أشجار الكرز، حيث يقيمون الحفلات تحت هذه الأشجار في المتنزهات التي يستمر بعضها حتى الليل، ويتمشون تحت هذه الأشجار، ويعزفون الموسيقى ويأكلون بعض الوجبات الخاصة كجزء من الاحتفالية. كل هذا يكون مع الأصدقاء والعائلة والأحباب.
ومن أشهر الأماكن التي يقام فيها كل عام مهرجان بمناسبة تفتح أزهار الكرز ألا وهي منطقة "يويدو" 여의도 وهي جزيرة تقع في منتصف نهر "الهان"، حيث تصطف أشجار الكرز على الجانبين في منظر بديع، ويتجمع الناس بأعداد غفيرة مصطحبين أطفالهم، حيث تغلب عليهم مشاعر السعادة والمرح، ويلتقطون صورًا تذكارية كثيرة مع تلك الأزهار وكأنهم يرونها لأول مرة، كما توجد العديد من العروض الموسيقية والغنائية التي تناسب جميع الأعمار، وكذلك الرسامين المحترفين الذين يرسمون اللوحات ويعرضونها هناك. هذا بالإضافة إلى الأطعمة الشعبية المتنوعة واللذيذة حيث ينتشر الباعة الجائلون في كل مكان هناك، فالاحتفال لا يكتمل إلا بتناول تلك الأطعمة التقليدية اللذيذة، مثل الأخطبوط المشوي، وخبز البيض، والدجاج المشوي بالخلطة الخاصة، بالإضافة إلى الذرة والأيس كريم وغيرها ......



وعلى الرغم من المستوى الكبير الذي وصل إليه المجتمع الكوري من التقدم والتطور إلا أنه ما يزال محافظًا على تلك التقاليد القديمة ومعتزًا بها ويمارسها بكل حرص، فالتقدم التكنولوجي والعولمة ليست مبررًا لكي ينسى الكوريون هويتهم الثقافية وتقاليدهم القديمة التي تبعث عليهم البهجة والمرح، ولذلك يمكنهم التوفيق بين ثقافتكم وثقافة التقدم دون أن تطغى إحداهما على الأخرى، وحتى مشاغل الحياة اليومية لا تشغلهم عن قضاء مثل هذا اليوم الجميل مع العائلة والأصدقاء.