المكان هنا ليس حمام سباحة ولا حديقة مائية، وإنما ساحة بلدية سيول في قلب العاصمة الكورية الجنوبية.
عوامات ضخمة وزلاجات مائية منتشرة داخل ساحة بلدية سيول تعطيك الإحساس وكأنك داخل حوض سباحة كبير أو على شاطئ بحر. مفاجآت متوالية لا تتوقف عن إدهاش الزائرين. المفاجأة الكبرى التي يكتشفها الزائر هي أنه ليس أمام حوض سباحة أو حمام مائي، وإنما مهرجان داخل حديقة مائية تتكون من مياه الأمطار. مهرجان حديقة مياه الأمطار هو المهرجان الأول من نوعه، وجرى تنظيمه في الفترة من الـ28 وحتى الـ31 من يوليو الماضي في ساحة بلدية سيول، وهو مهرجان يختص بكل ما يتعلق بالمطر كمصدر مائي مهم.
في المهرجان السينمائي الفرعي التابع لمهرجان مياه الأمطار، عندما تبدأ الأمطار في الانهمار داخل الشاشة فهي أيضا تنهمر على رؤوس المشاهدين. وفي الأسواق المائية داخل المهرجان يستمتع الزائر بتجربة تسوق مائي مدهش.

وعندما يقضي الزائر جلّ يومه وسط جو ماطر وأحداث ممطرة مستمرة فهو بالتأكيد يشعر بعظمة المطر وأهمية المحافظة على الماء.



الشخص الذي أسهم في تحويل تلك الساحة داخل بلدية سيول إلى مهرجان مائي ممطر ومنعش هو السيد "هان كيل أو" المدير التنفيذي لمؤسسة "مو ون غا 무언가" للتخطيط، واسم الشركة في اللغة الكورية يعني "شيء ما"، وهي أيضا كلمة توحي بتوارد وتوالي وتتالي الأفكار اللازمة لعمل كل شيء ممكن وجديد ومبتكر. نجح هان في ابتداع أفكار لألعاب ومهرجانات ومسابقات جديدة، مثل حرب المسدسات المائية ومسابقات أصحاب فصائل الدم المتشابهة وسباق الأزواج ومهرجان البيرة ومشاهدة الأفلام السينمائية في أثناء السباحة في نهر الهان وغيرها من الأفكار الغريبة والمثيرة، جاءت من بنات أفكار المصمم الثقافي هان. ويقول عنه الآخرون إن عقله عبارة عن نبع للأفكار.

بالنسبة له كان الفضول هو دائما البداية للنجاح. وقد بدأ حياته طفلا فضوليا، لكن إحساسه بضرورة إشباع فضوله لم يبدأ إلا في المدرسة الثانوية عندما اتجه مع بعض أقرانه وأصدقائه لتنظيم العديد من المناسبات والفعاليات المتنوعة. وعندما صار رئيسا للنادي الثقافي التابع لجامعة "تشون نام" قام بالتخطيط للعديد من العروض في الحرم الجامعي ونظم بعض الفعاليات الخاصة بالحفاظ على سلامة البيئة في المنطقة وقاد حملات نظافة وصيانة في الجامعة.

وبعد التخرج من الجامعة قام بتكوين نادٍ لمجموعة ثقافية وتنظيم أول مقهى خاص بالكتاب في كوانغ جو بالقرب من جامعة تشون نام. واستمر تدفق الأفكار من ذهنه لفترة من الزمان، وكانت أفكارا متعددة تمكن من تنفيذ الكثير منها. وبعد ثلاثة أعوام خطرت له فكرة مثلت نقطة تحول في حياته. كانت الفكرة هي تحويل منطقة في وسط سينتشون إلى ميدان للصراع بواسطة المسدسات المائية.



وشارك ثلاثون ألف شخص في المهرجان الأول للمسدسات المائية. تحولوا لمحاربين وأبطال يطاردون اللصوص والقراصنة بمسدساتهم المائية. وبلغ المهرجان ذروة الإثارة عندما وافقت إدارة المطافئ على استعمال خراطيم مياهها الحقيقية إبان تلك الألعاب.

وعندما تبين له كل ذلك النجاح الكبير لمهرجان المسدسات المائية شعر بإمكانية تطوير الفكرة وجعل المنطقة نقطة جذب سياحي وميدانا لذلك النوع من الألعاب.

وبعد نجاح مهرجان المسدسات المائية خلال الصيف قام هان بتنظيم مناسبة أخرى هي الدورة الأولمبية لأصحاب فصائل الدم المتماثلة خلال الخريف التالي.

أولمبياد فصائل الدم المتشابهة شبيهة بالأولمبياد الحقيقية من حيث إضاءة الشعلة وحملها ونقلها وما إلى ذلك. وقد شارك في تلك الأولمبياد 5000 شخص.



وهناك مهرجان آخر سيتم افتتاحه قريبا في منتزه نهر الهان وهو مهرجان الليلة السينمائية الذي سيشمل العديد من الفقرات والفعاليات الفرعية ومن بينها أفلام ومشاهد رعب تنخلع لها القلوب، وأفلام مخصصة للأزواج والزوجات فقط، وعروض سينمائية مستمرة طوال الليل لمن لا يريد العودة لمنزله قبل طلوع الشمس. لكن المشاركة في هذا المهرجان تتطلب ارتداء زي خاص وهو البيجاما!

الكثيرون يرون في أفكار "هان كيل أو" إثارة وتسلية ومتعة، لكنه هو نفسه كثيرا ما يفتقر لأي فكرة جديدة مثلما حدث في عام 2014 عند غرق السفينة سيه وول.

هكذا، يعرف هان متى يتوقف ومتى يعود بغض النظر عن ظروفه الشخصية وأوضاعه المالية، وهو ما أهلّه لجائزة وتكريم خاص بسبب ما يتميز به من حرص واحترام لوعوده ولمشاعر الآخرين.

وبعد متاعب وعثرات كثيرة وضع هان لنفسه هدفا محددا. وهو يريد أن يقول للآخرين إن تنظيم المهرجانات يمكن أن يكون عملا فرديا ووظيفة ووسيلة للعيش وتحقيق الذات.

والهدف النهائي للمصمم الثقافي "هان" هو فتح مدرسة متخصصة تدرّس فنون وأصول تنظيم المهرجانات.

هذه المدرسة حتى الآن ما زالت مجرد فكرة تختمر في ذهن المصمم الثقافي هان، صاحب الرسالة التي يريد أن يوضح من خلالها للآخرين كيفية توليد وابتداع الأفكار ورعايتها وتطويرها وتنفيذها في الوقت المناسب.
انتهى