الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الناس

مدير فني لفرقة "دونهوامون" للمسرح التقليدي

2016-09-20

البيت التقليدي الأنيق والشامخ الذي تم تشييده مواجها لبوابة "دونهوامون" التي تمثل المدخل الأمامي لقصر "شانغدوكجنغ" وسط سيول هو مسرح "دونهوامون" التقليدي في سيول.
المدخل الواسع للمسرح يؤدي إلى ميدان معشوّشب ومليئ بالخضرة، والفناء الفسيح المفتوح يعكس أهم معالم ومزايا البيت الكوري التقليدي "هانوك" وهو عبارة عن مساحة فارغة وجنينة خضراء في وسط البيت تسمى "جوغاكمادانغ" وعادة ما تكون جاهزة لاستقبال أي عرض أو مناسبة في أي وقت.

بيت الهانوك التقليدي الذي تحيط به الحشائش الخضراء وأعمدته الخشبية المنتصبة، هو مكان مناسب تماما لاستضافة أي حفل موسيقي غنائي تقليدي. وفرقة "دونهوامون" للمسرح التقليدي في سيول عادة ما تقيم حفلات موسيقية وغنائية تقليدية باذخة فارهة في مختلف صالات وقاعات ذلك البيت الذي يتكون من ثلاثة طوابق كما يحدث خلال هذه الأيام.

الفاصل بين الفرقة الموسيقية الغنائية والجمهور لا يزيد عن بضعة أمتار، مما يجعل أفراد الفرقة والجمهور في حالة التحام وتفاعل كامل معًا، ويعطي الجمهور في نفس الوقت إحساسا مختلفا بالموسيقى التي تصدر عن الآلات الوترية الشجية. كما أن القاعة تتسع لمائة وأربعين مقعدا فقط، مما يعطي إحساسًا بأن الحفل المقام أشبه بحفل منزلي راقٍ وبحضور جمهور ذواق ونبيل.



قاعات مسرح "دونهوامون" التقليدي ليست مجهزة بأي مكبرات صوت، إلا أن الأصوات تنساب وتتدفق بشكل طبيعي يجعل الجمهور في حالة انسجام كامل مع الموسيقى وهو يتابع أفراد الفرقة يستعرضون مهاراتهم وقدراتهم الموسيقية العالية عيانا بيانا وهم سعداء بما يشاهدون بأعينهم من انفعال وتجاوب من الجمهور.

التقارب الوجداني والمكاني والعاطفي بين الفرقة الموسيقية والجمهور وما يثيره من انسجام هو من بنات أفكار المبدع والمدير الفني لفرقة "دونهوامون" للمسرح التقليدي "كيم جونغ سونغ"، وهو الشخص الذي وقف وراء تنفيذ ومتابعة الفكرة والمشروع الذي كان قد كُلف بالإشراف عليه وهو تشييد قاعة حفلات خاصة بالفنون الكورية التقليدية والشعبية فوق موقع تاريخي. تعالوا بنا نستمع له شخصيا وهو يحدثنا عن المهمة والمسؤولية التي أُنيط به تنفيذها.

تم تكليف "كيم جونغ سونغ" بمهمة وصفها بالجسيمة، بيد أنه سجل مؤشرات نجاح واضحة منذ ضربة البداية. فقبل اختياره كمدير فني للفرقة الموسيقية التقليدية الجديدة، كان محاضرا في كلية الفنون قسم الموسيقى التقليدية في جامعة سيول الوطنية، وقبلها كان عازف "دانسو" في الأوركسترا القومية التابعة لمركز الفنون الشعبية الكورية "غوغاك" لمدة 16 عاما، وبعد تخرجه في جامعة سيول الوطنية أصبح أول كوري ينال شهادة جامعية عليا في آلة الـ "دانسو" التقليدية.

وظل "كيم" فنانا عريقا محبوبا وصاحب خبرة ودراية واسعة بالفنون الشعبية والتقليدية الكورية. كما أُشتهر كذلك بمساعيه ومحاولاته الدائمة لتوسيع مدى ونطاق الموسيقى الكورية التقليدية وزيادة رواجها وشعبيتها من خلال تحديثها وتطويرها وجعلها أيسر على الفهم والاستساغة وسط الشباب بالذات. وقد استلهم وورث كل تلك الإنجازات من جده الذي كان فنانا قديما عبقريا في الماضي.
تلقى الجد، واسمه "كيم مو جيو"، تدريبه في آلتي "كومونغو" و"دانسو" الموسيقيتين وأتقن عزفهما بشكل بارع.

ورغم أن الجد لم يكن موسيقيا محترفا إلا أنه كان محبا لكل أشكال الموسيقى التقليدية، كما اكتسب سمعة وشهرة واسعة في ذلك المجال على نطاق البلاد. وقد كانت له ارتباطات وعلاقات اجتماعية واسعة مع الكثير من الفنانين والمبدعين من الموسيقيين والمغنيين، وهو ما أهلّه لأن يُسمى كنزا ثقافيا قوميا يحمل الرقم 83.



ونشأ الحفيد "كيم جونغ سونغ" بحكم كل ذلك الإرث الفني مغرما ومحبا للفنون الكورية التقليدية معتبرًا إياها إحدى أهم محاور حياته.
وبموهبته الفذة وجهده المتواصل أصبح "كيم جونغ سونغ" أحد أعظم عازفي الغياغوم في كوريا. وبسبب فضوله وطموحه الدائم للتطور والاكتشاف والتجديد، بدأ كيم يمارس الموسيقى في ألمانيا موطن ومهد الموسيقى الكلاسيكية في العالم. وقد كان واثقا من أن الموسيقى الكورية التقليدية ستجد أرضية وجمهورا في ألمانيا وأوروبا حيث الذوق الفني الرفيع والمتنوع.
لقد دفعت الأنشطة التي قام بها "كيم" في ألمانيا لتكوين أول فرقة موسيقية كورية معاصرة وأول فرقة استعراضية متخصصة في الموسيقى الكورية التقليدية الشعبية. وقد كان كيم تواقا لعزف النوتة الموسيقية الأوربية الغربية ذات ال12 سلما بواسطة آلة "ديغوم" الموسيقية لكورية التقليدية. وبعد سلسلة محاولات وجهد جهيد نجح أخيرا في ذلك.

وبجانب إسهامه في نشر وترويج الموسيقى الكورية التقليدية والشعبية وسط الجمهور الحديث من خلال عزفه إياها على آلات حديثة، سعى "كيم" أيضا لجمع التراث الموسيقي الكوري القديم والأصيل والكلاسيكي، وصار أصغر عضو في أول فرقة موسيقية كورية خاصة بالموسيقى الكورية التقليدية الكلاسيكية القديمة "جونغنونغكهوي".
ربما كان تأثير جده الموسيقي المبدع هو ما ساعده على عزف الموسيقى الكورية التقليدية الصعبة بمهارة فائقة وفهم عميق، فقد نذر المبدع العجوز حياته للفن الراقي المنضبط، وهو ما انعكس على ما اتسمت به حياته الشخصية والخاصة من جد واجتهاد ومثابرة وانضباط.
موسيقى "كيم جونغ سونغ" كانت تعكس روح عصر مملكة "جوسون" بكل ما فيها من كياسة ونبل، وكانت تواقة للمزج بين التقليدي والمعاصر وتحقيق أكبر قدر ممكن من الانسجام بين القديم والحديث. وقد كان جريئا وشجاعا ومقداما في كل ما يطرح من رؤى وأفكار موسيقية جديدة، لذا فقد كان خير من يقود فرقة "دونهوامون" للمسرح التقليدي.
ومن المأمول أن يشهد شهر أكتوبر القادم بداية جني ثمار الشجرة التي زرعها الموسيقار الموهوب "كيم جونغ سونغ" من خلال سلسلة حفلات موسيقية متنوعة تنظمها الفرقة تحت عنوان " مذاق الصوت وصوت المذاق".
"كيم" فنان يقوم بتلوين الموسيقى الكورية التقليدية بألوان زاهية وجذابة، حيث يسعى هذه الأيام إلى تقديم عصارة تجاربه وإبداعاته الحياتية في شكل مقطوعة موسيقية شجية ومعبّرة وملونة تأسر القلوب وتتملك المشاعر، وقد أعد الكثير من الخطط والبرامج والأفكار، مما يجعل كل محبي وعشاق الموسيقى التقليدية في كوريا في انتظار ما ستقدمه تلك الفرقة المبدعة في الأيام القادمة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;