فنانة ذات شعر طويل متجعد، ترتدي فستانا من الترتر الأسود، تظهر على خشبة المسرح وسط عاصفة من التصفيق، قبل أن تبدأ في الغناء.
يبدو وكأن هذه المغنية تسحب صوتها من أعمق أعماق صدرها، حيث تتردد أصداء صوتها القوي والمفعم بالعاطفة في مختلف جنبات القاعة المكونة من ثلاثة طوابق. تبدو نظراتها مليئة بالإحساس وآسرة لكل أفراد الجمهور الذي تكتظ به القاعة. إنها فنانة الجاز المتميزة: أونغ سان.
في التاسع عشر من نوفمبر، أحيت فنانة الجاز الكورية أونغ سان حفلا تذكاريا بمناسبة الذكرى العشرين على انطلاقتها كفنانة جاز. وهي الآن دون شك فنانة الجاز الأولى في كوريا، حيث نجحت في نشر نمط فني جديد لم يكن شائعا أو حتى معروفا هنا، وجذبت له إقبالا جماهيريا متزايدا.
أونغ سان مغنية وشاعرة غنائية أصدرت 12 ألبوما متتالية، كان آخرها ألبوم "الجاز هو حياتي" الذي استرجعت فيه تطورات حياتها كمغنية جاز عبر عشرين عاما.



دعوة للمشاركة في عدد من المناسبات العالمية، أهمها الدعوة التي تلقتها للمشاركة في مهرجان "بيلبورد لايفBillboard Live " في اليابان المخصص لفنون الجاز وكانت أول فنانة كورية تشارك في ذلك المهرجان الضخم. وفي عام 2010 تم اختيار ألبومها "اغمض عينيك" كأفضل ألبوم بواسطة المجلة اليابانية المتخصصة "سوينغ جورنال Swing Journal" وهي أيضا أول كوري يفوز بتلك الجائزة. وفي العام التالي حصلت في اليابان أيضا على جائزة أفضل ألبوم وأفضل أغنية من اتحاد نقاد الجاز في اليابان عن ألبومها " عندما وقعت في الحب ذات مرة". وهكذا صارت أشهر فنان جاز ليس في كوريا فقط وإنما على نطاق القارة الآسيوية. وكانت أونغ سان حتى المرحلة الثانوية مجرد فتاة وطالبة عادية تحمل اسم "كيم أون يونغ".

لكن هذه الفتاة كان لديها حلمان، الأول: أن تصبح موسيقية، والثاني أن تصير راهبة بوذية. حلمان مختلفان وربما متعارضان، لكنهما متسقان مع خلفيتها الثقافية العائلية.
وفي يوم خريفي، قررت الفتاة التي بلغت 17 عاما من العمر أن تحدد اختيارا واحدا من بين الخيارين. وقررت أن تصبح كاهنة بوذية.

هجرت مقاعد الدراسة وقررت أن تتحول إلى راهبة بوذية. وخضعت لتمارين روحية صارمة واكتسبت اسم "أونغ سان" في المعبد. ومضى الحال على ذلك لمدة عامين.

وبعد ذلك مباشرة، حزمت أمتعتها وقررت مغادرة المعبد وتغيير مسار حياتها مرة أخرى. ومن ثم، خاذت امتحان تأهيل مدرسي والتحقت بالجامعة، وذات يوم وجدت نفسها تستمع لبروفة خاصة بفرقة روك موسيقية داخل الجامعة.



ظلت تغني بكل ما يخطر لها على امتداد سنوات الجامعة الأربع. وكان من النادر أن تجد فتاة تغني أغاني روك في ذلك الوقت، وهو ما ساعدها على اكتساب شهرة سريعة كمغنية روك، ومهد لها الطريق لاكتساب ثقة في النفس وقدرة على الريادة.
كانت تتردد في أثناء النهار على محلات بيع الأشرطة الموسيقية لتستمع لأغاني الجاز، ثم تتجه في المساء إلى نادٍ متخصص في الجاز، حيث التقت هناك بالفنان "شين كوان أونغ" أحد رواد فن الجاز في كوريا.

أونغ سان التي كانت تجربتها مقتصرة على الجامعة وعلى غناء الروك فقط، وجدت الفرصة سانحة أمامها لتتميز وتشتهر كمغنية جاز. وبعد عدد من التمارين والبروفات الجادة، اعتلت خشبة المسرح في عام 1996 لأول مرة، كفنانة جاز.
وبدا واضحا أن جمهورها في حالة تزايد مضطرد، وأيضا اتسع نطاق تعاونها مع الجهات الفنية المتخصصة.

أتقنت أداء غناء الجاز بدرجة عالية من خلال تمارين شاقة اعتمادا على نفسها فقط في المقام الأول. وأُتيحت لها الفرصة للمشاركة كضيف في حفل جاز في اليابان، وفتح ذلك لها الطريق لتقديم عروض في اليابان. لكن حياتها كمغنية جاز لم تخلُ من عثرات ومشكلات مفاجئة.

كانت العروض التي تقوم بها أونغ سان في اليابان صعبة لأنها كانت تغني بصحبة آلات موسيقية مختلفة، لكن كل ذلك أسهم في النهاية في صقل وتجويد قدراتها كفنانة جاز.

وفي عام 2003 عملت مع عازف البيانو العالمي الشهير "بيني غرين Benny Green" لإصدار أول ألبوماتها باسم "رسائل حب". وبعد التسجيل قدمها لنادي الجاز "بلو نوت Blue Note" في نيويورك لتقديم عرض هناك.
ومنذ أول ألبوم لها في عام 2003، توالت ألبوماتها الخاصة سنويا، وهو شيء غير مألوف للعديد من فناني الجاز في العالم بسبب محدودية شهرة فنون الجاز مقارنة مع الأنماط الفنية الأخرى. فما سر تميز هذه الفنانة؟

ملكة الجاز المتوجة في كوريا أصدرت 12 ألبوما حتى الآن. وهي مصممة على أن تشارك جمهورها ما اكتسبته من مفاهيم وقيم ترسبّت في داخلها، وتدعو للسعادة والمحبة والإخلاص.