الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الناس

"يون إي سو 윤이수" كاتبة الرواية الإلكترونية "ضوء القمر الذي رسمته السحب"

2016-12-20

"ضوء القمر الذي رسمته السحب" هو عمل فني درامي بثه تلفزيون "كي بي إس" على مدى شهرين من أغسطس وحتى أكتوبر من العام الجاري. ويدور المسلسل حول علاقة رومانسية داخل البلاط الملكي إبان عصر مملكة جوسون، بين ولي العهد الأمير "إي يونغ" وفتاة متنكرة على هيئة رجل مخصيّ. وقد حقق المسلسل أكبر نسبة مشاهدة طوال مدة بثه متفوقا على جميع المسلسلات والبرامج الأخرى.

دار المسلسل الدرامي التاريخي في عصر الملك "سون جو"، الملك الثالث والعشرون في مملكة جوسون، وتناول قصة ولي العهد وفتاة خيالية تدعى "هونغ را أون" ابنة رجل ثائر ومتمرد على المملكة. وبجانب الوجه الرومانسي اللطيف للمسلسل، فهو يتناول كذلك صراعا مريرا بين الملك وعشيرة "آن دونغ كيم" التي تتشكل من أهالي وأقرباء الملكة، وهو ما أعطى المسلسل الكثير من الإثارة والشد العصبي. وكان المسلسل مزيجا متفردا من الرومانسية والتاريخ، ولاقى شعبية ورواجا هائلا. المسلسل الدرامي مقتبس من رواية ظهرت على موقع إلكتروني بنفس الاسم.

تمت كتابة الرواية على الموقع الإلكتروني في حلقات متسلسلة من خريف 2013 وحتى شتاء 2014، وبلغ عدد مرات مشاهدتها أكثر من خمسين مليونا. بطل الرواية، الأمير "إي يونغ"، شخصية تتحدث دوما بشكل فظ وتفقد أعصابها بسهولة، إلا أنه يقدس من يحبه ويتحول معه إلى شخصية ناعمة حالمة. ولم يكن هناك من يجرؤ على تحدي ذلك الأمير، إلا أن بطلة الرواية، "هونغ را أون"، وهي فتاة مرحة رشيقة متخفية في هيئة رجل مخصيّ، كانت كثيرا ما تتصرف بطريقة تزعج ذلك الأمير المغرور. وكان هناك نبيل يسمى "كيم يون سونغ" واقعا في هوى تلك الفتاة الرشيقة، ولكن لم يكن هناك ما يمكن أن يفعله وهو يشاهد بحزن قصة الحب بينها وبين الأمير. وكان المزيد من القراء يتدافعون يوميا لقراءة فصول تلك الرواية، وهو ما أغرى المسؤولين في تلفزيون كي بي إس لتحوليها إلى مسلسل تلفزيوني.



وفي أحد المشاهد، حاول "كيم يون سونغ" سحب "را أون" إلى مكان آخر عندما استوقفها الأمير وأمسك بيديها قائلا: لا أوافق. فإنها لي وحدي". وقد تأثر الكثيرون بهذا المشهد الذي كان مجرد مشهد من بين آلاف المشاهد المؤثرة في ذلك العمل الروائي الدرامي التاريخي الذي كتبته المبدعة "يون إي سو". فكيف تأتى لها أن تكتب هذا العمل الفني التاريخي الرومانسي البديع؟

منذ فترة المراهقة، كانت يون قارئة جادة وحريصة على متابعة الكثير من الكتب حتى إنها قرأت أكثر الكتب الموجودة في المكتبة المدرسية وفي عدد من المكتبات المنتشرة في الضاحية التي تسكنها. وكانت كلما قرأت كتابا تعيشه بخيالها ومشاعرها مع أبطال وبطلات الرواية وتتقمص شخصياتها وكثيرا ما تحاول كتابة حكاية مماثلة بنفسها وتنشرها وسط صديقاتها في المدرسة. وكانت حريصة على دراسة مادة الكتابة الإبداعية في الجامعة، غير أنها جوبهت برفض كبير من والديها اللذين كانا يعتقدان أن ذلك التخصص مجرد مضيعة للوقت وغير مفيد للمستقبل. وقد أذعنت لرغبتهما وغيرت مجال دراستها الجامعية، إلا أن ذلك لم يمنعها من مواصلة هوايتها في الكتابة.
هكذا، كانت يوم تجد كل ما يتعلق بذلك النوع من العمل مملا، وهو ما دفعها للتأمل.

في عام 1997 توجهت يون إلى أوروبا وهي لا تحمل سوى ما يقارب ألف دولار. وتجولت في العديد من البلدان الأوربية ومنها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وعملت أعمالا متنوعة في مختلف المجالات. وكان أكثر ما يجذبها هو مراقبة ما يفعله الناس هناك من خلال تصرفاتهم اليومية وهو ما ساعدها على اكتساب خيال خصب. وكانت مشكلتها الوحيدة هي الإحساس بالوحدة، وقد قررت أن تجد حلا لتلك المشكلة.

ساعدتها شبكة الإنترنت على نشر وترويج ما تكتب، مما عزز من رغبتها في أن تصبح كاتبة مرموقة، كما ظلت تحلم. وكانت تتبادل الآراء والتعليقات مع قرائها عبر الشبكة العنكبوتية، وهو ما أسهم في تطوير ملكاتها وقدراتها الإبداعية، والرومانسية منها بالذات.

كانت تعمل خلال النهار وتكتب في أي وقت يسمح به وقتها. وقد أحبت شخصا ما فعلا لبعض الوقت قبل أن يفترقا. وقضت عشرة أعوام في الخارج على ذلك المنوال، ثم قررت العودة إلى كوريا.

كانت أول رواية رومانسية تاريخية لها باسم "سول هوا" في عام 2006 عن الأميرة "أوي سون 의순" ابنة الملك "هيو جونغ". ويُقال إن تلك الأميرة كانت متزوجة من الأمير "روي" من مملكة "كينغ" الصينية. وفي عام 2011، بدأ اهتمام يون ككاتبة بقصة ولي العهد الأمير "هيو ميونغ" بطل رواية " ضوء القمر الذي رسمته السحب". ولم يأت الأمر من فراغ، بل كان له أكثر من سبب. هكذا، أدت مجرد إشارة عابرة من المرشد السياحي إلى تفجير سيل من الأعمال الروائية الإبداعية داخل شبكة الإنترنت.

وٌلد الأمير "هيو ميونغ" في أغسطس 1809، وهو الابن البكر للملك "سون جو". وبسبب اعتلال صحة الملك، بدأ الأمير الشاب في تسيير شئون المملكة منذ أن كان في الثامنة عشرة من عمره. وكان شابا يمتلك العديد من القدرات القيادية والسياسية والمواهب الأدبية بالذات، لكنه للأسف أصيب في سن الحادية والعشرين بمرض في الدم عجَل بموته. ويقول المؤرخون إنه كان مشابها تماما للملك "جونغ جو" من حيث الحكمة والصلاح، وأنه كان سيغير من مستقبل وتاريخ المملكة لو لم يمت وهو في ريعان الشباب. وقد سعت الكاتبة يون لوصف الملك الشاب بدقة وشكل سليم.

استغرقت عملية تجميع ودراسة وتحليل كل المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة تلك الرواية عامين قبل نشرها مكتملة على البوابة الإلكترونية الكورية الشهيرة "نيفر" في عام 2013، حيث تمت الموافقة بالإجماع على نشرها في موقع الروايات التابع لنيفر.

ومنذ أول ظهور للرواية على الموقع الإلكتروني، وجدت قبولا واسعا ومتزايدا، وصارت الأكثر مشاهدة. كانت الرواية مزيجا رائعا من التاريخ والأدب والرومانسية والخيال، وهو ما سبب كل ذلك الإقبال.
وفي ربيع 2015 بدأت يون في نشر رواية إلكترونية أخرى باسم "شين رو هيه شي 신루해시" أي "سراب في الليل". وتشير كلمة "هيه شي" إلى الفترة الزمنية بين الساعة التاسعة والحادية عشر مساء، أما كلمة "شين رو" فهو اسم لمعهد بحوث خيالي. وتدور الحكاية عن "إي هيانغ" الابن الأكبر للملك "سيجونغ"، والذي صار فيما بعد الملك "مون جونغ" الملك الخامس في مملكة جوسون. وبينما يتصور البعض أن الملك "مون جونغ" كان ملكا ضعيفا، إلا أنه في الواقع كان قائدا عظيما، ويرى البعض أن نصف منجزات الملك العظيم سيجونغ هي من بنات أفكار الملك "مون جونغ". وهذا الملك المظلوم كان أكثر من اجتذب اهتمام الكاتبة يون.

أغلب روايات الكاتبة يون مستلهمة من أفكار وأحداث تاريخية، وأبطالها من الشخصيات التاريخية تعرضوا لمآسٍ وأحداث حزينة، لكنها عادة ما تكتب عن تلك الأحداث بروح متفائلة وإيجابية وتضع لها نهايات سعيدة.

الأحزان كانت تُرسم بسعادة في روايتها. لكن الكثيرين ممن يستمتعون بتلك الروايات الرومانسية المتفائلة السعيدة ثم يكتشفون في كتب التاريخ الحقائق المأسوية لأبطال تلك الروايات، يشعرون وكأنها تقوم بتزييف التاريخ.

يون كاتبة تمزج التاريخ بالخيال وتحيل المشاهد والأحداث المأسوية في نهاية رواياتها إلى مشاهد مزدهرة بالفرح والتفاؤل. وبفضل حكايتها الممتعة والسعيدة، صارت كتبها من الأدوات التي تشرح التاريخ بشكل جذاب وممتع وأكثر قابلية للفهم.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;