في سيئول توجد زاوية صغيرة زاخرة بالصالات الفنية البديعة في منطقة إنسادونغ حيث يمكنكم مشاهدة الكثير من الصور الإبداعية والثقافية في تلك المنطقة التقليدية.
يمتد زقاق إنسادونغ على طول سبعمائة متر في وسط سيول الشارع الذي ينضح بالفن الكوري التقليدي الأصيل. شارع إنسادونغ يربط بين محطتيْ مترو الأنفاق أنجوك في الخط البرتقالي الثالث، وجونغاك في الخط الأزرق الداكن الأول، وهو شارع يتم إغلاقه أمام الحركة في كل يوم أحد، مما يجعل منه في مثل تلك الأيام مكانا مغريا للاسترخاء.
انسادونغ هي ساحة تمتزج فيها التقاليد بالحداثة. هي أيضا قبلة لعشاق ومحبي الفنون. انسادونغ منطقة لها عشرات الأسماء والألقاب الفنية عبر سنوات بل عقود طويلة من السنين ، ظلت فيها منطقة مرتبطة بالتراث والتقاليد والفنون والثقافات الشعبية. صارت انسادونغ ، مباشرة بعد انتهاء فترة الاحتلال الياباني وبعد الحرب الكورية منطقة لعرض الفنون الكورية التقليدية بشكل منظم ومنتظم ، وهذا هو سبب احتوائها على عدد كبير من الصالات والقاعات والمعارض الفنية.
ظلت إنسادونغ مركزا للعديد من الأنشطة الفنية منذ تشييد القصر الملكي كيونغ بوك كونغ في أوائل عهد مملكة جوسون. كانت منطقة رائجة لبيع الكثير من الأشياء من تحف وقطع فنية من الخزف والفخار والبورسلين والسيراميك والصور واللوحات والمخطوطات والإكسسوارات وغيرها من الأشياء اللازمة لتزيين صالونات ودواوين القصور وبيوت النبلاء والأرستقراطيين ودور الحكماء ومكاتب المفكرين والمثقفين. كانت انسادونغ هي المنطقة التي يتجمع فيها المثقفون والعلماء والمفكرون للأنس والسمر وتبادل أطراف الحديث ، وكانت المقاهي والمنتديات بمثابة صالونات اجتماعية للنقاش وتبادل الآراء والأفكار وقضاء أوقات جميلة بين الأصدقاء. سادت هذه التقاليد حتى ثلاثينات القرن الماضي عندما بدأت المنطقة تكتظ بالمحلات والورش الفنية الخاصة بصنع وبيع التحف والأدوات والكتب والمطبوعات والدوريات.
إنسادونغ ليست وحدها ، فسيول مدينة مليئة بالعديد من المناطق الفنية والثقافية الشهيرة والمعروفة. هناك سام تشونغ دونغ في وسط سيول، وهناك تشونغ دام دونغ في جنوب سيول ، وكلاهما منطقتان زاخرتان بالكثير من المحلات والصالات الفنية المميزة ، بيد أن الكثيرين متفقون على أن انسادونغ هي الأكثر تميزا، حيث أن كثير من الفنانين والمتخصصين في ساحات مثل تشونغ دام دونغ هم في الأصل تلاميذ انسادونغ ، فقد ترعرعوا فيها ونهلوا منها وتعلموا في ربوعها.
احتفلت انسادونغ بالمهرجان الرابع هذا العام منذ أن انطلقت الدورة الأولى في عام 2004. نظم مهرجان هذا العام تحت شعار "انساندونغ: عطاء السعادة" حيث تم اختيار الشعار بعناية ليوحي لمثل ذلك الشخص بالكم الهائل من السعادة التي يمكن أن تكون في انتظاره. وبانتهاء مهرجان انسادونغ لهذا العام لن ينتهي مسلسل العجائب والإبداعات التي يذخر بها الزقاق التاريخي البديع، فالصالات ستظل مفتوحة على مدار العام وحبلى بكل ما هو مثير ورائع، وهي تفتح ذراعيها لكل عشاق ومحبي الفن والثقافة.
انسادونغ موجود دوما من أجل الجميع كمكان للراحة ومكان للاسترخاء ومكان للإبداع ومكان للجمال يحتوي على أشياء منها التقليدي العتيق ومنها الحديث والمعاصر، والأمر ممتع في كل المواسم، ومثير في جميع الفصول. درجات الحرارة هذه الأيام كثيرا ما تصل تحت الصفر، لكن زائر انسادونغ يعتريه شعور بالدفء لا حد له: عقليا ونفسيا وجسمانيا.