سيول مدينة كبرى عامرة بالكثير من الصخب والحركة والضجيج والأضواء. ولكن وفي بعض ضواحي المدينة، تتميز الأجواء هناك بهدوء حالم وبجمال طبيعي آمن ومسالم، ومنها منطقة بوام دونغ ، بجمالها الساحر الخلاب، وهدوئها الذي يجعل المرء يتعجب ويتساءل إن كانت توجد فوقها أي حياة بشرية مع أنها جزء لا يتجزأ من العاصمة الكورية سيول.
وربما يعاني السكان هنا من عدم وجود الكثير من متطلبات الحياة وضرورياتها، لكن المنطقة ساحرة وخلابة وذات طبيعة مدهشة. بوام دونغ التي تحتضنها كل من مرتفعات بوخان و إنوانغ كانت المكان الذي اختارته الأسرة المالكة إبان عهد مملكة جوسون لتشييد منتجعات واستراحات وبيوت ريفية. المظهر الخارجي للضاحية ظل كما كان عليه الحال منذ ستمائة عام، دون أن تطرأ عليه أي مظاهر تغيير.
يمكن الوصول إلى هناك باستعمال قطارات مترو الأنفاق خط رقم ثلاثة، والنزول في محطة قصر جيونجبوك، ثم باستقلال الأوتوبيس من المحطة التي تقع على بعد 150 مترا إلى جبل جاهمون حيث يمكن رؤية بوابة قلعة قديمة تسمى شينغومون، ومشاهدة الحديقة السرية في بوام دونغ خلفها.
وبعد عبور شانغجيمون يمكن مشاهدة ممر صغير متعرج على اليمين وهي بداية الجولة، تليها بضع خطوات حتى يشاهد المتجول مقهى صغيرا.
رشفات من القهوة ذات النكهة العميقة الزكية تعين الشخص على الوصول بكثير من الطاقة والنشاط إلى المبنى المكون من طابقين والذي هو أشبه ببيت عادي، إلا أنه في واقع الأمر مطعم شهير لصناعة الزلابية والفطائر الشهية.
وبعد تجاوز المطعم يصبح الجبل أكثر انحدارا. قد يشعر المرء ببعض التعب والإنهاك، لكن بعض المواد التي تنبعث من الأشجار المصطفة على جانبيّ الممر المتعرج تبعث مركبات عضوية تعرف باسم "فيتونسايد" تمنح الجسم طاقة ونشاطا. وبسبب ندرة وجود أي سيارات، ونتيجة لاتساع الطريق، فإن المارة يشعرون بالكثير من الراحة والاسترخاء. وبعد المشي لمسافة قصيرة يستقبل الزائر شارع ثلاثي الطرق يتوسطه مبنى عتيق من الطوب الأحمر وهو مطحنة دونغيانغ التي يبلغ عمرها أكثر من أربعين عاما. بعد تجاوز المطحنة يمكن للزائر أن يرى متحف هوان كي الذي أقيم تخليدا لذكرى الفنان كيم هوان كي والذي أشتهر بلوحاته المائية البديعة وهو من أبرز رواد الفن التجريدي في كوريا وقد تم عرض العديد من لوحاته في معارض فنية كبرى في نيويورك وباريس.
وبسبب موقعه المميز، وطبيعة المنطقة الجغرافية المحيطة، يبدو المتحف مختلفا ومتفردا عن كل بقية المتاحف فهو يبدو مثل واحة واستراحة فنية ومكان للتأمل.
وبعد السير لمسافة لا تزيد عن 700 مترا من المتحف يوجد مقهى شهير ومعروف للكثيرين من مشاهدي التلفزيون.
منظر طبيعي خلاب هو ذلك الذي يٌشاهد من داخل المقهى. وعلى مبعدة 500 متر من الطريق يمكن كذلك مشاهدة وادي بيكساسيل وهو عبارة عن جدول مائي جبلي صار الآن من المنتزهات المفضلة والمشهورة التي يؤمها الكثيرون من أهالي سيول، وقد كان حتى قبيل سنوات قليلة حديقة خلفية لا يعرفها سوى سكان بوام دونغ.
وسيراً على الأقدام يمكن للزائر أن يزور البيت الأزرق وشيلغانغ. شيلغانغ قصر صغير وإن كان اسمه يعني سبعة قصور بالتمام والكمال. يضم القصر سبعة صروح تذكارية، وهو ليس قصرا بالمعنى التقليدي للكلمة وإنما مجرد معبد تذكاري عرف إبان عهد مملكة جوسون. أكبر معبد عرفته مملكة جوسون هو معبد جونغميو الذي سٌجل ككنز معماري تراثي بواسطة منظمة اليونسكو عام 1997. شيلينغ معبد أصغر حجما ومساحة ولا يضم قبورا أو أضرحة لشخصيات مشهورة بل قبور عدد من الجواري والمحظيات المبعثرة هنا وهناك قبل أن يتم جمعها الآن في مكان واحد.