مغامرة جميلة ومثيرة وممتعة بالنسبة لكل شاب أن يتجول حول هذا العالم العريض وهو لا يحمل سوى حقيبة على ظهره. المسألة ليست مجرد متعة وإثارة فقط ، لكنها تجربة حياتية يستحق للإنسان أن يخوضها ويعيشها وهو ما زال في ريعان شبابه، ويتعلم منها الكثير، ويشاهد خلالها كل ما هو مثير، وكل ذلك بميزانية محدودة جدا، وبأقل تكلفة ممكنة. الهدف من هذه الرحلة هو التعرف على ثقافات وتجارب مختلفة ومتنوعة، ومشاهدة ومعايشة أنماط متعددة من الحياة على الطبيعة. ومن أجل هذا نتوجه اليوم لبيت الشباب في سيول وهو مكان يعج بالطاقة التي تنبعث من جموع المسافرين الشباب التواق لمعرفة الوجه الحقيقي للعالم.
ركبنا قطار مترو الأنفاق خط رقم أربعة ، ونزلنا في محطة ميونغ دونغ، وغادرنا المحطة عن طريق المخرج العاشر، وسلكنا زقاقا في اتجاه جبل نام بعد أن شاهدنا لافتة مكتوب عليها "مائة وخمسون مترا حتى بيت الشباب في سيول". وبعد السير لمدة تقل عن عشر دقائق وسط الطريق المحفوف بالأشجار وجدنا أنفسنا أمام باب المكان.
يبلغ عدد بيوت الشباب في كل كوريا ثمانين بيتا ، منها أربعة في العاصمة سيول. جٌلها متميز،غير أن بيت شباب سيول بالذات، يتمتع بميزة إضافية تتمثل في موقعه الفريد أسفل جبل نام، ووسط المدينة وبمواصفات ومزايا لا تتوفر حتى في أفضل الفنادق وأشهرها وأعرقها. الكثير من المسافرين الشباب الذين يحضرون لهذا المكان يملكون عنه معلومات تفصيلية مؤكدة ، وهم على دراية كافية بما يمكن أن يقدمه لهم من خدمات متنوعة وممتازة، رغم ضآلة ما يطلبه من أسعار. ورغم أن المكان يمثل الآن واحة واستراحة لمثل هؤلاء المسافرين الشباب، إلا أن كل ذاك مثل ابتسامة تخفي وراءها واقعا وماضيا أليما، حيث اشتهر بيت شباب سيول بأمرين، الأول أنه كان مقر الحاكم العام الياباني حيث دبّر الخائن لي وان يونغ حادثة التوقيع على اتفاقية ضم كوريا بالقوة لليابان. الأمر الثاني هو أن المبنى كان مكتبا لجهاز المخابرات المركزية خلال فترات الحكم العسكرية الدكتاتوري، وعند انتقال جهاز المخابرات من هذا المكان إلى منطقة سوتشو غو، قررت بلدية سيول استعمال المكان كبيت شباب، حيث تم افتتاحه في عام 2006.
يضم البيت خمسين غرفة للنزلاء ويمتد فوق مساحة 6500 متر مربع وهو عبارة عن مبنى من سبعة أدوار يتسع لنحو 306 أشخاص ، وفيه عدد من المرافق والمنشآت ، منها غرفة للتلفونات العامة وغرفة صغيرة لشحن الهواتف الجوالة ومكتب استقبال ومقهى صغير لتناول القهوة والشاي ومحل لبيع بعض الأدوات والسلع المتنوعة والضرورية . من الأشياء التي يتذكرها كل نزيل : الحصول على هدية تذكارية صغيرة بمجرد وصوله .
الإقامة لمدة ليلة في هذا الفندق الشبابي الصغير تتكلف حوالي 18 دولار في المتوسط، وهي من بين ارخص الأسعار مقارنة بالعديد من بيوت الشباب الأخرى في مختلف المدن والعواصم الكبرى في العالم. لكن ميزة هذا الفندق الصغير تكمن في أن انخفاض أسعار الإقامة لا تعني بأي حال انخفاض مستوى الخدمات. توجد غرف إقامة الضيوف في الطوابق من أربعة وحتى ستة ، وهي بأشكال متنوعة ، منها غرف مزدوجة ومنها عنابر متعددة يتسع العنبر الواحد منها ل15 نزيلا. فضلالإ عن الغرف التجارية المتوفرة بسعر أغلى قليلاً والمخصصة لرجال الأعمال الشباب أو المبتدئين أو الذين هم في مسعى للحصول على صفقات وفٌرص تجارية في كوريا. كما توجد غرفيتين عائليتين وغرف اجتماعات وندوات مجهزة بكل الوسائل السمعية والبصرية اللازمة وجميع من بداخلها في حالة رضا وارتياح، إلى جانب مقهى السماء والغرفة الترفيهية.
سواء كان المسافر بمفرده أو ضمن فوج أو جماعة ، لا يوجد فرق ، فكل ما يمنح الراحة والأمان موجود في بيت الشباب.