تقع القرية التقليدية البديعة على بعد خمس دقائق فقط مشيا على الأقدام من محطة مترو الأنفاق في تشونغ مورو على الخطين الثالث أو الرابع. وبمجرد الخروج من المحطة تصادفنا لافتة تشير إلى زقاق يؤدي إلى البوابة الرئيسية للقرية التقليدية. وبمجرد دخولنا من خلال البوابة نكتشف أننا ولجنا عالما مختلفا تماما عن العالم الخارجي المحيط. المكان عبارة عن ضاحية هادئة مختلفة تماما عن الشوارع والطرقات الصاخبة الممتلئة بالضجيج في المناطق المحيطة والقريبة. تأسست قرية نام سان كول هانوك في عام 1998 كجزء من مساعي بلدية سيول لاستعادة الشكل التقليدي الأصيل لجبل نام في وسط المدينة. وتحتفل القرية الآن بعيد ميلادها الرابع عشر حيث صارت ملاذا ومعتكفا للكثير من أهالي سيول الباحثين عن الراحة والهدوء.
مساحة القرية الإجمالية هي 79 ألف متر مربع، لكن الجانب التقليدي منها المتمثل في بيوت الهانوك التقليدية لا يزيد عن عُشر هذه المساحة. يوجد في القرية مسرح نام سان سيول التقليدي الذي تبلغ مساحته حوالي ألفين وثلاثمائة متر مربع. تضم القرية أيضا بِركة تشونغ هاك جي، وساحة كبسولة سيول الزمنية بجانب حديقة تقليدية. كانت توجد هنا قاعدة عسكرية من قبل، ولذلك كان هناك مشاكل في التربة ولكن بالترميم وبناء العديد من المباني الأثرية وغرس الأشجار استعادت القرية جانبا من شكلها التقليدي القديم في أيام مملكة جوسون.
تم خلال عصر مملكة جوسون تشييد سرادق يطل على البِركة لتأمل جمال الطبيعة ورونقها وتنسّم الهواء العليل المنعش خلال فترة الصيف. وعلى يمين السرادق يمكن كذلك مشاهدة بركة صغيرة أخرى هي تشونغ ريو جونغ. وكما يدل الاسم فإن المكان يطل على جدول مائي رقراق وصاف. وعلى بعد خمسين مترا فقط توجد بركة صغيرة بجوارها سرادق صغير آخر. ويمكن من هناك مشاهدة قصر الملك إلى الشمال من السرادق. وفي أثناء طريقك نحو مجمع الهانوك يمكن التوقف بالقرب من بيت تقليدي عبارة عن منتجع صيفي نقي الهواء بالقرب من قرية الهانوك، وتنبعث منه زقزقة العصافير.
مجمع الهانوك هو المحطة التالية وهي مجموعة من البيوت التقليدية على شمال البوابة الرئيسية. وفي الواقع هي خمس مجموعات، لأن كل مجمع يحتوي على مبان تم ترميمها لتبدو في شكلها التقليدي الأصلي القديم، تعتبر بمثابة مجموعة منفصلة. السائحون الأجانب يمكنهم الاستمتاع بالجولة وفهم كل ما يقوله المرشدون من خلال الترجمة الإنجليزية واليابانية المتاحة.
البيت التقليدي الأقرب للبوابة الرئيسية هو بيت السيد لي سونغ اوب كبير مراقبي مشروع ترميم قصر كيونغ بوك، وهو المشروع الذي تم تنفيذه خلال عهد الأمير ديه وان، في أواخر القرن التاسع عشر. البيت الآخر المجاور تم بناؤه عام 1890 للسيد كيم تشون يونغ المسؤول الأمني الكبير في ذلك الوقت. ربما تبدو جميع البيوت متشابهة ومتماثلة للوهلة الأولى، لكن بعد قليل من التمعن يمكن تبين الاختلافات، وأن كل بيت يتمتع بشكل جمالي متفرد.
وفي داخل الغرف يجد الزائر أنه قد تم وضع وتوزيع الأثاث وكل شيء داخل الغرفة بعد دراسة ومشاورات بين علماء متخصصين في التاريخ والآثار. ركز المنسقون على الحصول على الأشياء الأصلية القديمة، وإذا تعذر ذلك حاولوا خلق نمط مقارب جدا لها اعتمادا على ما لديهم من معلومات دقيقة وموثوق بها حول الشكل القديم لتلك الأثاثات. وتضم غرفة النوم الرئيسية سريرا للنوم وطاولة مربعة ومرايا وأرفف عليها أدوات تجميل وكل ما تحتاجه سيدة البيت. ويضم الديوان الرجالي مكتبة وبعض أدوات الكتابة وأوراق وأقلام وغليون. ويضم المطبخ أطباقا وكئوسا وغيرها.
ومن الأشياء الممتعة في زيارة هذه القرية التقليدية البرامج التفاعلية العديدة التي تقدم داخل كل بيت تقليدي كبير، وهي برامج مثيرة ومسلية ومتنوعة. هناك برنامج خاص بالتحف التقليدية "هان جي" وهو برنامج خاص بصنع الدمى من الورق التقليدي. هناك أيضا جلسات لشرب الشاي، كما يمكن ممارسة العزف على بعض الآلات الموسيقية الشعبية والتقليدية المختلفة. وهناك مناسبات خاصة بالخط الكوري وبتعلم الحروف الأبجدية الكورية بالنسبة للأجانب، وبرامج للمشي والتجول الحر. كل هذه البرامج مفتوحة ومتاحة من الحادية عشرة صباحا وحتى الخامسة مساءً.
في الفناء الأمامي توجد خيمة دائمة مخصصة لتعلم العزف على الناي الكوري وصنع الأقنعة والطائرات الورقية.
منطقة بيل دونغ التي تقع فيها قرية نام سان كول هانوك، كانت في الماضي منطقة سياحية جاذبة ومقصدا للتفكر والتأمل للنبلاء والأثرياء والمفكرين والفلاسفة والفنانين والأدباء، ويبدو أنها ستبقى كذلك حاضرا ومستقبلا أيضا.