السياحة في أغلب بلدان العالم هي شأن حكومي رسمي عام ومنظم تمارسه هيئات ومؤسسات متخصصة إذ أن السياحة صناعة تحتاج لاستثمارات ضخمة وهائلة. والسياحة عادة ما تكون مورد عملات أجنبية هام، ومحرك نمو اقتصادي للبلدان التي تهتم بالسياحة وتعتبرها من بين مواردها التنموية الهامة. وكوريا من بين الدول التي تسعى لجعل السياحة بمختلف أشكالها وصنوفها مصدرا هاما من مواردها الاقتصادية. فكوريا بجمالها الطبيعي الساحر وتاريخها وثقافتها وتراثها الفريد لديها الكثير من عناصر الجاذبية السياحية من مختلف الزوايا والأُطر، مما يجعلها قادرة على إرضاء أذواق مختلف السياح والزائرين سواء من الباحثين عن المناظر الطبيعية الخلابة وهي موجود بكثرة في كوريا وخاصة جزيرة جيجو التي تعتبر فردوسا من فراديس الله على الأرض حتى تم اعتبارها مؤخرا من بين عجائب الدنيا العشر الجديدة. الجانب التراثي في كوريا هو أيضا ثري وغني حيث توجد في كوريا أعداد لا حصر من مناطق الجذب الثقافي والتراثي من معابد أثرية وأضرحة وقلاع وتماثيل وباجودات وآثار ثقافية بوذية وتاوية وقرى فولكلورية ومتاحف وقصور ملكية وغيرها. وكوريا تمتلك الكثير من مقومات الدولة السياحية من منشآت ومرافق شديدة التطور، ومن موقع جغرافي إستراتيجي مناسب، وظروف مناخية متميزة إذ أن كوريا تعتبر من بين بلدان العالم القليلة التي تتمتع بأربعة فصول مناخية محددة ومتميزة وكل متطلبات الفصول والمواسم المختلفة متوفرة سياحيا من شواطئ رائعة ومصايف بديعة ومنتجعات شتوية وساحات جبلية مجهزة للتزلج الجليدي وكلها أشياء أسهمت في رفع عدد السائحين لكوريا في العام إلى زهاء ما يقارب عشرة ملايين سائح في كل عام.
وبجانب السياحة الرسمية والحكومية المنظمة بدأت كوريا مؤخرا تشهد نوعا مختلفا من السياحة الأهلية والشعبية غير المنظمة والتي لم تكن متعارف عليها في كوريا وإن كانت منتشرة في بلدان أخرى مثل تايلاند والهند ومصر والمغرب وتونس وغيرها. هذا النوع من السياحة لا يتم عبر أفواج سياحية منظمة تحت قيادة مرشدين سياحيين مدربين ومتخصصين وبرامج مرتبة وشاملة ومحددة ، ولا بواسطة أوتوبيسات فاخرة، وإنما تتم بشكل أهلي شعبي بسيط وعن طريق عربات صغيرة تجرها الخيول كما في الحالة المصرية وعبر ما يعرف بالحنطور، أو بواسطة الدرجات الهوائية التي يقودها سائقون بمجهود عضلي بدني كما في الحالة الهندية بواسطة ما يسمى Rickshaw ، أو من خلال مواتر بخارية وكهربائية كما في تايلاند والتي تسمى هناك Tuk Tuk .كل هذه العربات السياحية الصغيرة تجهز بواسطة السائق نفسه وعادة ما يكون شابا بسيطا ولا تكلف السائح سوى مبالغ قليلة وتصبح أقرب للنزهة بين الأصدقاء. عرفت كوريا هذه الظاهرة التي ما تزال محدودة حتى الآن عبر شاب في ال28 من عمره اسمه Lee In-jae وهو أول من قام بتأسيس شركته الخاصة التي أطلق عليها اسم Artee Pedicab . لي شاب كوري درس التاريخ في الولايات المتحدة الأمريكية وعندما تخرج من الجامعة قرر القيام بعدد من الأسفار العالمية كعادة الكثير من الشباب الغربيين والأمريكيين وأعجبته الحياة في كل من الصين والعراق نوعا ما وقرر أن يبقى هنالك لبعض الوقت، ومن حياة التجوال هذه استلهم فكرة العودة لبلاده الأصلية كوريا وبدء عمل تجاري غير معروف وغير مطروق في كوريا وخطرت له فكرة السياحة الأهلية، فقرر أن يستثمر كل ما معه من مال قليل لا يزيد عن عشرة آلاف من الدولارات، واشترى دراجتين بخاريتين وصممهما على شكل عربة صغيرة مما يعرف في بعض بلداننا العربية باسم الركشة أو التكتك، وأقنع صديقه الحميم والمقرب بالدخول في تلك المغامرة معه، وبدآ في العمل الذي كان لا يحتاج منهما لأكثر من قليل من المعلومات عن الأماكن والمعالم والمناسبات السياحية في كوريا من منتزهات وحدائق وساحات وأسواق ومطاعم متنوعة، مع قليل من القدرة على التواصل والمؤانسة بلغات أجنبية مبسطة وخلق نوع من الصداقة الحميمية المؤقتة مع السائح، وهو ما ساعدهما على النجاح والتوسع في الشركة التي رغم أنها ما زالت في بداياتها إلا أنها تضم الآن 14 عربة سياحية صغيرة مجهزة يعمل لديها ما يقارب العشرين شابا مؤهلا بشكل دائم أو جزئي إذ أن عددا منهم من الطلاب خاصة من دارسي اللغات الأجنبية الذين يعتبرون الأمر مصدرا ماليا ومذاكرة مجانية وتمارين عملية مفيدة في نفس الوقت ونزهات جميلة وممتعة ومجال صداقات دولية متعددة الجنسيات والثقافات والمعارف ومن المؤكد إن الشركة إذا ما استمرت في التوسع بذات المنوال فسيكون لها أسطول ضخم في القريب العاجل.