الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

المقابلة:

2014-12-23

سيول بانوراما

المقابلة:
الدعاية والترويج أشياء قد تكون من أهم جزئيات تسويق أي عمل سينمائي بالذات، وربما لا تكون أقل أهمية من عملية الإخراج، أو عملية اختيار طاقم الممثلين التي قد تكون مجرد مكوّن جزئي من عملية التسويق نفسها.وكثيرا ما يلجأ بعض المنتجين السينمائيين لعمليات وخطط إستراتجية ومدروسة، وأحيانا افتعال حوادث ووقائع غريبة لجعل عملية الإعلان والدعاية مؤثرة وفعالة. لكن يبدو إن المنتج السينمائي الذكي الذي قرر إنتاج فيلم " المقابلة The Interview والذي من المتوقع أن يبدأ عرضه في العديد من دور السينما في العالم خلال أعياد الميلاد القادمة لن يحتاج لصرف أي موارد تذكر على الدعاية والترويج إذ أن كوريا الشمالية، ورغم فقرها ومشاكلها الاقتصادية التي لا حصر لها هي من سوف تتكفل بذلك وتوفر للفيلم السينمائي درجة عالية جدا من المشاهدة. كوريا الشمالية لن تدفع بالطبع مليما واحدا للدعاية لكنها بتصرفاتها الغبية ستتيح للمنتج الذكي دعاية مجانية غير مسبوقة. فيلم المقابلة هو مجرد فيلم كوميدي ضاحك من الأفلام العديدة التي تنتجها هوليود في كل عام، لكن الاختلاف هو أن الفيلم يدور عن الزعيم الكوري الشمالي الشاب كيم جونغون، حيث تدور قصة الفيلم حول صحفييّن أمريكييّن يتم توظيفهما بواسطة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لتدبير خطة للتخلص من الزعيم الكوري الشمالي الشاب. ورغم أن الأمر يتم في إطار كوميدي ضاحك ومسلي، إلا أنه أثار غضبا عارما في كوريا الشمالية، التي اعتبرته مؤامرة سياسية كبرى وبمثابة إعلان حالة حرب عليها من قبل العدو الأمريكي وأبواقه في المنطقة من الكوريين الجنوبيين العملاء، وتوعدت باتخاذ إجراءات مناسبة وكفيلة بالرد، وأطلقت عاصفة من الشتائم للقيادة الكورية الجنوبية ممثلة في الرئيسة بارك وحكومتها ولم تستثن حتى بان كيمون السكرتير العام للأمم المتحدة ووصفته بالضالع في المؤامرة. وحسب المشاهد الاستعراضية الدعائية التي بدأ بثها في بعض دور السينما الأمريكية في الولايات المتحدة فإن الفيلم يصور مسعى الصحفييّن للتخلص من الزعيم الذي يسيطر على ترسانة نووية وصاروخية ولكن بشكل كوميدي ساخر، ويقوم بتجسيد شخصية الزعيم الكوري الشمالي الممثل الأمريكي الكوري الأصل Randloll Park والذي جعل منه المكياج المتقن شخصا شديد الشبه بالزعيم الكوري ببدانته وقامته المترهلة وتسريحة شعره المتميزة.
لا يستبعد بعض المراقبين أن تلجأ كوريا الشمالية إلى عمليات إرهابية أو تخريبية للتعبير عن غضبها لما تراها مسا بكرامة وقدسية زعيمها الشاب، ولهذا فإن بعض البلدان في المنطقة مثل كوريا الجنوبية واليابان قد تتفادى عرض الفيلم في داخل أراضيها تفاديا لإغضاب كوريا الشمالية وتجنبا لاحتمال قيامها بأي ردود فعل تهدد أمن وسلامة البلاد ومن أجل حماية جمهور المشاهدين من أي عمل تخريبي أو إرهابي. ولن يكون أمام الكوريين الجنوبيين سوى مشاهدة الفيلم بشكل سري عبر مواقع إلكترونية سرية أو من خلال تهريب أشرطة فيديو وأقراص إلكترونية.
من المؤكد إن الدعاية المجانية التي قد يوفرها أي رد فعل كوري شمالي متشنج للفيلم أمر سيعزز من معدلات رفع درجة المشاهدة السينمائية للفيلم لدرجة غير مسبوقة بناءا على تجارب وممارسات سابقة وشبيهة من أنظمة شمولية ومتطرفة. فالكتاب الذي ألفّه ونشره الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي بعنوان " آيات شيطانية" وتضمن إساءات وتشويهات للقرآن الكريم ونبي الإسلام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، كان من الممكن ألا يكترث له أي أحد ولا يبيع سوى بضعة مئات أو ألوف من النسخ على الأكثر لولا فتوى الإمام الخميني مرشد الثورة الإيرانية بإهدار دمه مما أعطى الكتاب دعاية لم يحلم بها كاتبه وباع مئات الملايين من الكتب وما يزال يبيع الكثير حتى الآن رغم مرور أربعين عاما على تلك الفتوى وما زال الكاتب حيا وما زال الكتاب بالنسبة له مثل الدجاجة التي تبيض ذهبا رغم أنه في الأصل كتاب لا يساوي ثمن فرخة مشوية على حد تعبير مفكر إسلامي شهير.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;