أتيحت لي في الأيام القليلة الماضية حضور حفل لطيف وبهيج نظمه مجلس السلام العالمي في كوريا وهو المنظمة التي تعنى بشئون السلام الدولي وبالحوار بين الأديان والحضارات وهي واحدة من المؤسسات العديدة التي أنشأها الملياردير الراحل الأب سن ميونغ مون مؤسس كنيسة التوحيد في كوريا. كانت المناسبة هي مناسبة وسطية جامعة بين احتفالين هما العام الميلادي الجديد من ناحية وعيد الشكر من ناحية أخرى وقد احتوت على عدة فقرات متنوعة موسيقية وغنائية وشعرية وقراءات وتراتيل من مختلف الأديان السماوية من مسيحية وإسلام وغير السماوية من بوذية وهندوسية. ومن الفقرات التي نالت إعجاب الجميع قصيدة رصينة وبديعة لشاعر كوري هو Dongju Yoon تم إلقائها بشكل ترتيلي نغمي إيقاعي رائع بواسطة مجموعة من المشاركين وهي بعنوان The Night I Count the Stars أي "الليلة التي حسبت فيها عدد النجوم" ويسرني أن أترجمها للعربية وأقدمها هدية لمستمعينا العرب بمناسبة العام الميلادي الجديد.
نظرت نحو السماء في هذه الليلة الخريفية الدامسة
وجدتني ،رغم ما بي من قلق، أحسب النجوم
رغم أنني لم كن قادرا على حساب عدد النجوم
المختبئة في أعماق أعماقي
فقد كنت في انتظار انبثاق الصباح
وفي انتظار الأمسية التي ستعقب ذلك الصباح
والتي قد أستطيع أن أعد فيها كل النجوم في دواخلي
فالذكرى نجم ،والهمسة نجم،
والحب نجم والوحدة نجم والشوق نجم
وكلها أبيات من قصيدة
والقصيدة عقد من نجوم
أيتها السماء الرءوم المرصعة بالنجوم
دعيني أخاطب نجومك نجما نجما
فأمي الراحلة العزيزة نجم من تلك النجوم
وأصدقائي ورفاقي في المدرسة القديمة
نجوم من تلك النجوم
وبنت الجيران التي كانت حبي الأول نجم
وكل الجيران من الفقراء الطيبين نجوم
كل الأشياء في حينا القديم نجوم
الحمام والكلاب والقطط والغزلان نجوم
وحتى الحمير والذباب والضفادع
وشعراء الحي ومغنوه
وبائعو الزلابية وحلوى الأرز
كلهم نجوم
أيتها السماء المعطاءة
يشدني إليك الشوق والحنين
أريد أن أنقش اسمي فوق صفحتك البهية
بحروف من نور قمرك الوضاء
ليصبح اسمي نجما من نجومك البراقة
وعندما ينقضي الشتاء ببرده وصقيعه اللعين
وعندما يأتي الربيع لتستريح نسماته المنعشة في السماء
فسأدعوه ليستريح فوق نجمي
كما كان يفعل دوما في تلك الأبسطة الخضراء على الأرض
وفي أخيلتي وفي أحلامي
لا أرى إلا عالما من شعاع ذهبي وضاء
ومن عدالة ومحبة وانسجام وسلام
ترفرف فوق السماء
لتتناثر وتتساقط فوق الأرض
وقتها فقط لا أبالي
إن هوى نجمي من السماء أرضا
لينثر في الأرض عدلا ومحبة.
وقتها فقط لا أحتاج لأن أحسب النجوم.
لأنني سأكون وقتها نائما غرير العين
غارقا في أحلامي الخضراء النجلاء.
مرتاحا في نومي الأبدي الهاني.