الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أغنيات من الزمن الجميل:

2015-01-27

سيول بانوراما

 أغنيات من الزمن الجميل:
الصدفة وحدها هي التي أتاحت لي، وفي نفس الأسبوع تقريبا، مشاهدة برنامجين، أحدهما عربي والآخر كوري، حول ذات الموضوع، وبأسماء شديدة التقارب. ففي واحدة من الفضائيات العربية تم تقديم برنامج متميز جدا ، وعلى مدى ساعتين عن أغنيات الزمن الجميل، أو ما أشار له البرنامج بالعصر الذهبي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وفي نفس الأيام تابعت البرنامج الثقافي السياحي البديع الذي قدمه راديو كي بي إس وتم بثه عبر جميع الأقسام بما فيها القسم العربي عن موسيقى حقبة تسعينات القرن الماضي وما تثيره من ذكريات وشجون لدى البعض .
كان البرنامج العربي حافلا بالجمال والإيقاعات الطروبة واستعرض في كثير من الإبداع عددا من أغنيات ومطربي ومطربات ذلك الزمن الذهبي المتفرد وقدم عددا من النماذج الذهبية التي ما زالت تدغدغ مشاعر الكثيرين رغم توغل الزمن في القرن الجديد والألفية الثانية التي انقضت منها بسرعة الضوء خمسة عشر عاما كاملا. قدم البرنامج كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي "أم كلثوم" وعددا من روائعها " فات الميعاد" و"أنت عمري" و" أنت الحب" و"هذه ليلتي". واستعاد تحفا فنية خالدة من العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وعددا من أغنياته البديعة خاصة تلك التي قدمها في أفلامه العظيمة والخالدة مثل " أنا لك على طول" و"صافيني مرة" و"الحلوة" و"قولي حاجة"، كما قدم عددا من روائع الشعر العربي الحديث مما أبدع فيه العندليب مثل رائعتيّ نزار قباني " رسالة من تحت الماء" و"قارئة الفنجان" ودرة كامل الشناوي "لا تكذبي". أبهر البرنامج المستمعين بتقديم نماذج من الأغنيات المبهرة للأستاذ محمد عبد الوهاب مثل "الجندول" وفايزة أحمد و"ست الحبايب" . ومن البلدان العربية الأخرى بجانب مصر قدم البرنامج نماذج للفنان الذي أشتهر في مصر رغم إنه سوري الأصل وهو المتفرد فريد الأطرش صاحب الأغنية التي ما زال يرددها حتى الأطفال بعد مضي أكثر من ستين عاما على غنائها وهي أغنية "جميل جمال". استعرض البرنامج كذلك إبداعات لبنانية تركت بصمات قوية على جدار الفن العربي مثل فيروز ورائعتها التي كانت وما زالت من أمضى أسلحة المقاومة العربية الفلسطينية وهي " زهرة المدائن". تضمن البرنامج كذلك نماذج سعودية مثل محمد عبده وطلال المداح وعراقية مثل ناظم الغزالي ورائعته " طالعة من بيت أبوها رائحة لبيت الجيران" ومغربية وتونسية وسودانية ومن جميع البلدان العربية تقريبا.
أما البرنامج الكوري فقدم نموذجا بديعا للمطرب والشاعر الغنائي كيم دونغ ريول ممثلا في أغنية باسم "هذا أنا " بصوت دافئ ولحن يتسلل للقلب مما يؤكد إنه ما يزال نجما متألقا في الساحة الفنية وفي قلوب الكثيرين. تم أيضا تقديم نموذج غنائي بديع آخر للمطرب "سيو تي جي " باسم " ليل هادئ" وهي أغنية حالمة استعاد فيها أيام الطفولة والصبا . ورغم أن المشهد الغنائي الكوري وعالم البوب الكوري في الأعوام الأخيرة سيطر عليه تيار شبابي جارف وفنانون وفرق موسيقية شابة متأمركة ومستغربة، إلا أن البرنامج أظهر تيارا غنائيا كوريا قديما جارفا يعود لحقبة تسعينات وثمانينات القرن الماضي بقيادة مطربين وشعراء غنائيين مبدعين من رموز وجواهر ذلك الجيل. استعرض البرنامج كذلك فرقا موسيقية متميزة مثل " كلاسيك" وهي فرقة موسيقية غنائية أثارت زوبعة كبرى بعد أن طرحت مؤخرا ألبوم جديد بعنوان "القلعة السحرية" والذي احتوى على أغنية انتشرت كثيرا باسم " لنا " . وفي نفس الفترة تقريبا طرح المغني والشاعر الغنائي "يوون سانغ" ألبوما جديدا بعنوان " إذا أردت مواساتي". أما الفرقة الغنائية الخماسية "جي أو دي" فقد أقامت حفلا غنائيا خاصا بها تصدرته أغنية باسم " الرياح" وجدت تجاوبا شعبيا ملحوظا . سعد الكثيرون بعودة فنانين أحبوهم من سويداء القلب أيام الشباب وشعروا بحنين للعودة للجذور والفن الأصيل. ومن خلال متابعة البرنامج كان واضحا إن تلك الحفلات والألبومات القديمة أثارت مشاعر متفاوتة لدى الكثيرين بين الطرب والتجاوب والذكريات والحماس والرغبة في التجديد والتغيير من خلال العودة للقديم الذي يدغدغ المشاعر ويثير العواطف الشجية. وحسب البرنامج الكوري فإن كثيرا من الفنانين الشباب شرعوا في اكتشاف كنوز فنية وغنائية قديمة وفي بعثها من جديد بعد إضفاء لمسات تحديث وأشكال عصرية عليها لتناسب أذواق الجيل الجديد خاصة من الأعمال الفنية القديمة من أغاني ومسلسلات وأفلام سينمائية. كذلك قام فنانون شباب بإعادة تصوير وتقديم أعمال فنية وغنائية قديمة ومعروفة بصورة نالت رضاء الكثيرين مثل المغنية " آي يو" التي أصدرت ألبوما غنائيا احتوى على سبعة أعمال غنائية قديمة متنوعة كانت توصف بالذهبية وتضمنت روائع خالدة مثل رائعة المطرب القديم شوي دوك بي " حكايتي القديمة" مما أثار شجن وعواطف الكثيرين ممن عاشوا وعايشوا تلك الفترة الذهبية. وأفرز هذا الجو الرومانسي المفعم بالذكريات رغبة لدى عدد من المطربين القدامى وحفزّهم على التفكير في العودة للساحة الفنية من خلال تقديم أعمال فنية جديدة. يقول بعض من شاركوا في ذلك البرنامج إن تميز غناء تلك الحقبة من الزمان كان بسبب أن كل من الشاعر والملحن والمغني والموسيقي يمثلون مراحل مختلفة لوحدة إبداعية حريصة على تقديم عمل إبداعي متكامل، وهو ما قد تفتقده أغاني اليوم السريعة والمرتجلة والمكررة.
وكما قلت فإن استماعي للبرنامجين العربي والكوري المتشابهين حول أغنيات الزمن الجميل كان مصادفة ، ولكن ، وبالتأكيد، فإنه ليس من قِبل المصادفة، أن تتوحد المشاعر عبر ذلك الفاصل المكاني والزمني الكبير بين العالمين الكوري والعربي في الرغبة المشتركة لعودة مبدعي ذلك العصر الذهبي الجميل بأصواتهم العميقة ومواهبهم الفذة، ومهارتهم الفريدة، لتجدد الحياة والساحة الفنية بمزيد من الزخم والحيوية والجمال والتنوع والانطلاق الإبداعي السامي من خلال العودة للأصل الجميل والفن الأصيل.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;