الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

ضد التلفزيون:

2015-05-05

سيول بانوراما

ضد التلفزيون:
كوريا الجنوبية صارت الآن من بين النوافذ الإعلامية الهامة في العالم من حيث وجود أعداد كبيرة للعديد من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية التقليدية منها والإلكترونية. وكوريا من أكثر خمسة بلدان في العالم تجهيزا من حيث الشبكات الإلكترونية حتى أن نسبة هائلة من سكانها في المدن والأرياف لديهم الآن وسائل التواصل مع شبكة الإنترنت بسهولة وبمختلف الوسائل من كومبيوتر شخصي ومحمول وهواتف ذكية ونقالة، كما أن عدد المدونات والمواقع الإلكترونية في كوريا من رسمية واعتبارية وشخصية هو واحد من بين الأكبر في العالم، أما عن شبكات التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج.
ومع أن الكومبيوتر واجهزة التلفونات الذكية هي الأكثر انتشارا وسط المراهقين والشباب في مقتبل العمر، إلا أن التلفزيون هو الوسيلة الأكثر انتشارا وسط الشباب المتقدم في السن ممن يحرصون على متابعة المسلسلات التلفزيونية والبرامج الترفيهية المسلية، أو وسط كبار السن ممن يحرصون على متابعة نشرات الأخبار أو البرامج الحوارية، وأيضا وسط الأطفال الحريصين في العادة على مشاهدة ومتابعة الكثير من فنون الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون التي صارت كوريا الآن من بين الدول الأكثر إنتاجا لها.
والتلفزيون هو من بين الوسائل والأجهزة الأكثر انتشارا وتأثيرا في كوريا منذ أن بدأ أول بث تلفزيوني في كوريا عام 1956 ،ومنذ تأسيس محطة "كي بي إس" كأول وأكبر محطة تلفزيونية في ديسمبر من عام 1961 ثم تبعتها العديد من المحطات الأخرى مثل " إم بي سي" و"إي بي سي" و"إس بي إس" وهذا مجرد غيض من فيض. وحقق التلفزيون طفرة جديدة في كوريا في مطلع هذا القرن من حيث بدء البث الرقمي الذي ساعد في امتداد خدمات البث التلفزيوني للقرى والأرياف البعيدة في كوريا. وأعقب ذلك البث الفضائي الذي نقل التلفزيون الكوري للعديد من بلدان العالم من خلال تلفزيون آريرانغ وخلافه.
وإزاء كل ذلك تحول التلفزيون في كوريا في بعض الأحيان ولدى البعض إلى ما يشبه مصدر الداء والعلة، وصارت الظاهرة أحيانا أقرب إلى ظاهرة التعود بل الإدمان ،خاصة في أوساط بعض الشباب والأطفال من عشاق فنون الكرتون والرسوم المتحركة، وبرامج المسابقات والجوائز والبحث عن المواهب. لذلك رأى البعض من أفراد ومنظمات مدنية وأهلية وتربوية ضرورة البحث عن وسائل لمكافحة او بالأحرى محاصرة هذه الظاهرة ومنعها من التحول لشكل جديد من أشكال الإدمان، وذلك من خلال برامج وأفكار وخطط مدروسة وفعالة. ومن بين تلك البرامج والحملات برنامج تنظمه المنظمة الاجتماعية الأهلية المؤثرة في كوريا YMCA وهو برنامج يقوم على فكرة الامتناع كليا عن مشاهدة التلفزيون أو الاقتراب منه لمدة أسبوع كامل من نهاية شهر إبريل من كل عام وحتى الأيام الأولى من شهر مايو، واستبدال ذلك ببرامج رياضية وترفيهية وتراثية وبدنية ترويحية متنوعة يرتاح فيها العقل والذهن والروح من الشكل الروتيني المتكرر لمشاهدة التلفاز ويجد فيها البدن فرصة للحركة والنشاط ، ويسمى ذلك الأسبوع "أسبوع خال من التلفزيون" يتم خلاله تنظيم فصول ودورات منهجية مخصصة للأطفال والمراهقين توضح خطورة جعل مشاهدة التلفزيون أو بدائله من كومبيوتر وتلفون ذكي شكلا أو ظاهرة شبيهة بالإدمان، حيث يقوم الطلاب خلال هذا الأسبوع بتنظيم وعرض أنشطة فنية حية خاصة بهم من رقص وغناء وتمثيل ورسم ومسابقات ومنافسات رياضية ورحلات ميدانية وغير ذلك من الأنشطة الخالية من التلفزيون.
الفكرة ، رغم إنها ما تزال في بداياتها، إلا أنها بدأت تجد في كوريا الآن الكثير من الانتشار وسط المدارس والأندية والجمعيات والمنظمات المختلفة وهي تقوم على فكرة إن التلفزيون وغيره من وسائل الإعلام المشابهة هي اشياء ضرورية ومفيدة ولازمة للتطور والنمو على كافة المستويات، لكن مع ضرورة ترشيد وتنظيم ذلك حتى لا تصبح عادة ووسيلة للاستعباد والإدمان والإنهاك البدني والذهني والروحي وتبديد الطاقة والوقت وتهديد أسس التواصل والتفاعل الأسري والاجتماعي والمجتمعي، فكل ما تجاوز حده انقلب إلى ضده، ومن هنا جاءت فكرة الحملة التي يُطلق عليها " ضد التلفزيون".

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;