حتى وقت ليس بالبعيد، كان العرب والكوريون يجهلون الكثير من المعلومات الحقيقية عن بعضهما البعض،وكان الكثير من الكوريين يخلطون بين العروبة والإسلام والشرق الأوسط، حيث كانوا يظنون إن كل مسلم هو عربي بالضرورة أو أن كل عربي لا بد أن يكون مدينا بالإسلام. وحتى بعد نشوء علاقات وروابط رسمية بين الكوريين والعرب، فإن الكثير من الكوريين، وخاصة الشركات الكورية، كانوا ينظرون للعالم العربي كبئر كبيرة للنفط، أو كسوق مترهلة متخمة بالدولارات، محتاحة للتنمية والتطوير وكهدف مغري للمشروعات الإنشائية. وبالنسبة للكثير من العرب كانت كوريا مجرد حرب أهلية ساخنة ومشتعلة بين الأشقاء، ومعقل من أكبر معاقل الحرب الباردة في العالم.
لكن مع تطور العلاقات العربية الكورية بدأت هذه الصورة النمطية في التغيير ولو بشكل تدريجي، وبدأ كل من الطرفين يتعرف على الجوانب المشرقة والزاهية والمتغيرة للطرف الآخر، ليس فقط في مجالات السياسة او الاقتصاد والتجارة والمال والاستثمار، وإنما عبر أشكال وصور مختلفة منها الثقافي والإعلامي والفني والترفيهي، ومنها الرياضي والسياحي والشعبي وغير ذلك من شتى أنواع التبادل من مهرجانات متعددة الأشكال وقوافل ومناسبات وأسابيع فنية متنوعة بلون القوس قزح. وتشهد كوريا هذه الأيام جانبا من تلك المناسبات التي تسهم بشكل كبير في تعزيز وتطوير ورسم علاقات عربية كورية متطورة وراسخة ومفيدة للجانبين. فقد بدأ في كوريا، ومنذ أيام قليلة المهرجان اثقافي العربي الثامن في كل من سيول وبوسان تحت التنظيم المشترك لكل من الجمعية الكورية العربية " كاس" ووزارة الخارجية الكورية والسفارات العربية المعتمدة وعدد من المؤسسات الثقافية الكورية في سيول تحت شعار" رحلة عبر العرب" “ A Journey Through Arabs .صار هذا المهرجان مناسبة سنوية متبادلة تتيح لكل من العرب والكوريين التعرف على بعضهم البعض بشكل عميق وصحيح. وهذا المهرجان الذي يستمر حتى ال23 من شهر يونيو الجاري ليس مجرد مناسبة منفردة وإنما هو في الواقع جملة مناسبات داخل مناسبة واحدة إذ يضم مهرجانا خاصة بالسينما العربية بجانب العديد من البرامج الفرعية المتنوعة من محاضرات ومعارض فنية وتبادلات طلابية جامعية يشارك فيها العديد من الخبراء والمتخصصين من الجانبين حيث سيقدم عدد من السفراء والدلوماسيين العرب محاضرات جامعة وشاملة ومصورة عن بلدانهم وعن العلاقات بين تلك البلدان وكوريا. وخلال مهرجان السينما العربية الذي سينظم في ميناء بوسان ضمن المهرجان السينمائي الدولي في بوسان والذي اكتسب زخما وسمعة عالمية فريدة بشكل جعل منه مهرجانا دوليا لا يقل عن مهرجانات مثل البندقية وبرلين وموسكو والأوسكار، وسيتم خلال هذا المهرجان السينمائي عرض العديد من الأفلام العربية الحديثة والمتميزة من عدة بلدان عربية وسيتم افتتاح المهرجان بواسطة فيلم المخرج العربي الإماراتي الشاب على مصطفى " من ألف إلى باء".
كوريا دولة تطورات فنيا بشكل مدهش من خلال ما عرف باسم الهاليو أو الموجة الكورية حتى أن كوريا صارت تلقب باسم هوليود الاسيوية. والموجة الكورية صارت ترتاد الآن السواحل العربية نفسها من خلال العدد المتزايد من المسلسلات الكورية التي صارت تعرض في بلدان عربية عديدة. والسينما العربية بدأت كذلك في التطور المستمر ولم تعد مقتصرة على مصر وحدها، ومتنوعة الموضوعات والرؤى والأفكار، ولم تعد مثل تلك السينما التي وصفها ذات يوم أمير الشعر العربي الحديث نزار قباني عندما قال " الحب ليس رواية عربية بختامها يتزوج الأبطال.. لكنه الابحار دون سفينة وشعورنا إن الوصول محال. السينما العربية صارت تتطور وتخطو بخطوات واثقة وهي بالتالي قادرة على الوصول للسواحل الكورية البعيدة.