الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

المولد:

2016-05-03

سيول بانوراما

المولد:
وُلِـد الُهدى ، فالكائنات ضياء .... وفــــــم الزمان تَبَسُّمٌ وثناءُ
الروح والملأ الملائـك حـوله .... للـــديـــــــــــــن والدنيا به بُشـراءُ
والعرش يزهو، والحظيرة تزدهي والمنتهى والسِّـدرة العصماءُ
والوحي يقطر سلسلاً من سَلْسَلٍ ... واللوح والقلم البديع رُواءُ
يا خير من جاء الوجود تحية.... من مرسلين إلى الهدى بك جاءوا
يومٌ يتيه على الزمان صبـاحُه .... ومســاؤه بمحمــد وضـــــــاءُ
الأبيات الشعرية القليلة من القصيدة العصماء الطويلة التي يبلغ عدد أبياتها زهاء مائة بيت والتي تعتبر من عيون الشعر العربي قديمه وحديثه هي من كلمات أمير الشعراء الشاعر أحمد شوقي وقد كتبها في التعبير باحتفائه بمولد سيد الأنام بمناسبة المولد النبوي الشريف واحتفاءً بالذكرى السنوية لمولد سيد الأنام وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه وهي أيام منيرة مشرقة مضيئة يتيه فيها على الزمان صباحه ومساؤه بمحمد وضاء كما قال الشاعر. لكن المولد الذي نحن بصدد الحيث عنه في اليوم ليس هو ذلك المولد الذي حمل قبسا من ضوء للبشرية جمعاء لكنه مولد آخر تشكّل الأضواء والأنوار والمشاعل والمصابيح والفوانيس والقناديل المضيئة الضاوية عناصر أساسية في الاحتفال به. المولد الذي نحن بصدد الحيث عنه هو ذلك المهرجان الذي تضيء فيه الفوانيس الملونة ليالي مدينة سيول وشوارعها وساحتها وميادينها التي تمتلئ بالمواكب والحشود المتزاحمة التي تلوح بتلك الفوانيس وتحيل بها حتى عتمة وظلمات الأزقة والحواري والمعابد إلى ما يشبه النيازك والشهب.
يحدث كل ذلك بمجرد أن تبدأ التجهيزات للمهرجان السنوي الكبير الذي صار يحمل الرقم 122 ككنز ترازي تاريخي تقليدي كوري والذي ينطلق كل عام في كوريا مع ظهور أول بدر مكتمل في كوريا حسب التقويم القمري التقليدي كما كان يحدث في الأزمنة القديمة وهو كذلك اليوم الذي يصادف يوم عيد ميلاد بوذا Buddha Birthdayالذي يعتبره أتباعه في هذه المنطقة من العالم شخصية مقدسة نورانية مضيئة أسهمت في تغيير حياة الكثيرين في هذا الجزء من العالم من ظلماء الفحش والشرور والأنانية إلى أنوار الصلاح والاستقامة والتنوير. في كوريا يبدأ ذلك المهرجان الذي ينتظم العديد من الأماكن والمحافل والمعاقل البوذية في القارة الآسيوية ومن بينها كوريا من خلال إضاءة الباجودا أي الحجر الصخري والتمثال العظيم لبوذا القابع في ميدان "كوانهامون" في العشرين من شهر إبريل كإشارة لبدء الاحتفالات التقليدية وتتبع ذلك إشعال وإضاءة ألوف مؤلفة من الفوانيس الملونة المغطاة بأوراق نبات التوت التقليدية والتي تنطلق في اليوم المحدد من معبد "بونغونسا" إلى بقية المعابد والميادين والساحات التي تجري فيها الاحتفالات. يشارك في تلك المواكب عشرات وربما مئات الألوف من المواطنين الكوريين ومع عدد كبير من الزوار والسائحين الأجانب من حملة الفوانيس والمصابيح الملونة أو باقات الأزهار والورود المتفتحة والمتشكلة بألوان الطيف وبعضهم يحضر إلى كوريا خصيصا في تلك الأيام للمشاركة في الاحتفالات والمواكب كتراث ثقافي أثري تاريخي هام. وكلما مضت المواكب بضعة كيلومترات كلما توقفت لتتحول إلى مواكب رقص شعبي بديع ومتنوع على إيقاعات الطبول والدفوف والعصي والعروض الفولكلورية والشعبية التي تقام فوق مسارح منصوبة ومجهزة في الشوارع وعلى المدرجات والساحات المجاورة للمعابد . كذلك فإن الأمر لا يقتصر على الغناء والرقص والمواكب والعروض بل أن الاحتفالات تكون مناسبات فريدة للاستمتاع بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات والفطائر حيث ينتشر عدد كبير من المطاعم الجولة المتحركة في شكل عربات وأكشاك وطبالي تعرض وتبيع مختلف المطائب والأطباق الشعبية الشهية التي يكون ذلك اليوم مناسبة لعرضها وتقديمها بأشكل جديدة ومتنوعة وخارج المألوف التقليدي. كذلك تقوم جهات عديدة بعرض تحف ومصنوعات تذكارية وتقليدية متعلقة بالمناسبة من تماثيل لبوذا ومخطوطات ذات أبعاد بوذية جمالية وفنية وفلسفية.
كثيرون من المسلمين الذي تتاح لهم فرصة مشاهدة الاحتفالات السنوية التي تقام بمناسبة عيد ميلاد بوذا يلاحظون ، رغم الكثير من مظاهر الاختلافات والفروق، الكثير من مظاهر الشبه والتماثل أحيانا بين تلك الاحتفالات وبين ما يشاهدون خلال الاحتفالات الشعبية والتقليدية التي تقام في العديد من الدول العربية والاسلامية بمناسبة المولد النبوي الشريف وما يصحبها من أضواء وبهارج ومظلات ملونة ومزخرفة وحلويات وعرائس مولد ومواكب ذكر ورقصات مجذوبين وتراتيل وموشحات ومدائح نبوية وصوفية ودينية على نحو ما تصور جزءا منه بعض مقاطع قصيدة وأغنية واسعة الشهرة وهي قصيدة" المولد" للشاعر السوداني محمد المجذوب وأبدع في غنائها أحد أشهر المطربين السودانيين وهو الفنان عبد الكريم الكابلي وقال فيها :
وهنا حلقة شيخ يرجحّن...يضرب النوبة ضربا فتئن وترن
ثم ترفضّ هديراً أو تجن
وحواليها طبول صارخات في الغبار...حولها الحلقة ماجت في مدار
نقزت ملء الليالي ...تحت رايات طواٍل
كسفين ذي سوار…في عباب كالجبال
وتدانت أنفس القوم عناقاً واصطفاقاً ..وتساقوا نشوة طابت مذاقاً
ومكان الأرجل الولهى طيور .تلهو وترقص في سرور وحبور. في الجلابيب تثور.. وتدور
ليلة المولد يا سر الليالي والجمال
وربــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــعاً فــــــــــتــــــــــــن الأنـــــــــــــــفــــــــــــــــــــــــــــس بالســــــــــــــــــحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــر الحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلال.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;